بقلم: د.حميد عبدالله
لم تكتف آلة القمع الحكومية بتفريق الجياع الذين كشفوا صدورهم الى السماء باكين شاكين متضرعين بل دمغتهم بالخيانة ،واستباحت دماءهم، واسترخصت ارواحهم ، ووضعتهم في خانة الـتآمر والزندقة والمروق والخروج عن الملة.نعم هم خرجوا على ملة تحاط فيها النجاسة بهالة من الاجلال والقداسة ، وكفروا بملة يقطع فيها اللص يد المسكين وابن السبيل ،ويرتدي فيها الابالسة لبوس الملائكة ، ملة لها اله غير الذي نعبد ، وأنبياء غير الذين نقدس ، وأئمة غير الذين نعرف ، وشريعة غير التي نفهم!الجائع في ملتهم مندس ، والمعوز مارق، واليتيم متآمر ، وأبن الوطن غريب حتى يثبت انه يحمل بطاقة الانتماء لحزب من احزاب السلب والنهب! حين تقول لهم ان المنتفضين هم ابناء (المظلومية) التي فتحتم دكاكينم الحزبية للاثراء بتجارتها يشيحون بوجوههم ، ويواصلون رشق المحتجين بزخات من الرصاص الغادر ، ومن تخطئه رصاصة الملثمين تقتله رصاصة القناصين ، ومن يفلت من الموت في ساحة الاحتجاج ينتظره الموت كمدا تحت رحى المعاناة والبطالة والضياع! لرفض الجور اشكال تتناسب مع قسوته وبطشه ، وما حدث في شوارع المدن العراقية هو انفجار شعبي ، هو سخط فاض عن وعائه ، ووجع خرج عن احتمال اصحابه ، وصيحة مكتومة شقت صمت الحياة الرغيدة لارباب السلطة ، وعكرت صفو عيشهم ، ومخملية احلامهم !أثبت شباب تشرين ان أهل الثروة لايمكن ان يجمعهم تحالف مقدس مع اهل الثورة حتى لو تشابكت جذور المشتركات المذهبية بينهم ، فهؤلاء أبناء الحسين واولئك امتداد لقتلته ، هؤلاء احباب الحسين واولئك يجزون راسه كل يوم ، هؤلاء زينبيون واولئك يهتكون شرف الزينبيات ، هؤلاء ابناء الجوادر والزعفرانية وسوق مريدي والشعلة واولئك ابناء مدن اللجوء التي ملأت بطونهم وجيبوهم بالصدقات ..والفارق كبير من يعيش بكده ومن يعتاش على هدر كرامته!