نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا أعده بيتر باركر ورونين بيرغمان، قالا فيه إن الرئيس الأمريكي جو بايدن ماض في جهده لتحقيق تقارب إسرائيلي- سعودي.
فقد أرسل بايدن مستشاره للأمن القومي جيك سوليفان ضمن الجهود الدبلوماسية لعقد علاقات بين السعودية وإسرائيل.
وأضاف الكاتبان أن مبعوثي الرئيس الأمريكي يضغطون بشدة في محاولة إعادة تشكيل السياسة في الشرق الأوسط والتوصل إلى علاقات دبلوماسية بين السعودية وإسرائيل، رغم التنازلات الكبيرة التي تطالب بها العائلة السعودية الحاكمة. وجاءت عودة سوليفان إلى السعودية، وهي الثانية في أقل من 3 أشهر، في الوقت الذي يحاول المسؤولون الأمريكيون فحص الأجواء من أجل اتفاق يجلب عدوين تاريخين نحو اتفاق يعيد تشكيل المنطقة بشكل جذري.
ولم يُعلن عن أي تقدم، إلا أن حقيقة عودة سوليفان إلى المملكة سريعا بعد رحلته الأخيرة في أيار/ مايو، تشير إلى أن إدارة بايدن ترى منظورا جادا لاتفاق. ومن بين المعوّقات التي تقف أمام الاتفاقية، إصرار السعودية على معاهدة أمنية مشتركة مع الولايات المتحدة، وبناء مفاعل نووي للأغراض السلمية، والذي قد تقوم فيه المملكة بتخصيب اليورانيوم بنفسها، وهما مطلبان لم يكونا مشجعين على المضي قدما في الصفقة.
ولم يفصح بيان البيت الأبيض عن الكثير من التقدم خلال زيارة سوليفان إلى جدة “لمناقشة الموضوعات الثنائية والإقليمية، بما فيها مبادرات تدفع باتجاه شرق أوسط أكثر سلاما وأمنا وازدهارا، مستقر ومرتبط مع العالم”. إلا أن المسؤولين الأمريكيين في جدة الذين شاركوا في الزيارة، قالوا إن اللقاء كان جيدا وعبّروا عن تفاؤل حذر وتقدم، في وقت يواصل الدبلوماسيون على الأرض المحادثات.
وتحاول إدارة الرئيس بايدن إبعاد السعودية عن التعاون مع روسيا في مجال الطاقة، وزيادة الضغوط على موسكو التي تشن حربا في أوكرانيا. وكشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” يوم السبت، عن عزم القادة السعوديين عقد محادثات سلام في الفترة ما بين 5 و6 آب/ أغسطس يشارك فيها ممثلون من أوكرانيا وعدد من الدول من بينها البرازيل والهند والتي مثل السعودية، لم تنضم إلى الجهود الغربية لعزل روسيا بعد الغزو.
ولن تكون روسيا التي رفضت التفاوض حاضرة في اللقاء. وقالت “وول ستريت جورنال” إن سوليفان قد يكون حاضرا، إلا أن مجلس الأمن القومي الأمريكي لم يعلق على الأمر.
وتعلق الصحيفة أن خطة السعودية لعقد لقاء تشير إلى مجموعة معقدة من الديناميات المتضاربة أحيانا. فمن ناحية، تريد واشنطن تجنيد الرياض ضد روسيا ومنعها من الاقتراب من الصين، ومن جهة أخرى، تريد أن تقرّبها من إسرائيل للتنسيق ضد إيران، وإقناعها بوقف الحرب في اليمن، وعدم رفع أسعار النفط في عام الانتخابات المقبل.
وفي محادثة مع المعلق في صحيفة “نيويورك تايمز” توماس فريدمان الأسبوع الماضي، وصف بايدن التحركات لعقد صفقة سعودية- إسرائيلية، بأنها يمكن أن تتعثر في المفاوضات المعقدة، ولكنها قد تترك تداعيات واسعة لو نجحت.
ولكن المطالب السعودية كبيرة، فهي تريد اتفاقية على مستوى الناتو، والذي يجعل من الدفاع عنها في حالة تعرضها للهجوم واجبا أمريكيا، وهو أمر محرّم بالنسبة للمشرعين الأمريكيين الذين لا يريدون الالتزام بالدفاع عن بلد غير ديمقراطي في حالة دخوله حرباً.
ويريد السعوديون مفاعلا نوويا للأغراض المدنية رغم المعارضة الأمريكية والإسرائيلية الشديدة. وقال المسؤولون الإسرائيليون الذين التقوا مع المسؤولين الأمريكيين، إن الانطباع عن المرحلة الأولى من المفاوضات هو عدم وجود مطالب لتنازلات إسرائيلية في النزاع مع الفلسطينيين، ولكنهم يعتقدون الآن أن الصفقة تقتضي تقدما مهما على هذا الموضوع.
وقيل إن الملك سلمان الذي تنازل الكثير عن سلطاته لابنه ولي العهد، تدخل في المفاوضات، وأصر على ضرورة تحرك إسرائيلي مهم تجاه الفلسطينيين في أي صفقة، بحسب مسؤول دفاعي إسرائيلي لم يرد الكشف عن هويته.
وبحسب الانطباع الإسرائيلي، فلن يثق السعوديون بوعود بنيامين نتنياهو بأنه لن يضم الأراضي المحتلة، بل يريدون تحركات على الأرض. ومن المشكوك به أن تفكر الحكومة الإسرائيلية المتطرفة في تقديم أي تنازلات للفلسطينيين، وأي محاولة بهذا الاتجاه تعني انهيار الحكومة.
ورفضت المعارضة الإسرائيلية المشاركة في حكومة مع نتنياهو، إلا أن الأسئلة حضرت في النقاش مع الأمريكيين، بشأن تغيير موقفهم لو عنت المشاركة عقد علاقات دبلوماسية مع السعودية. وقال مسؤول إسرائيلي بارز، إن الإسرائيليين ليسوا طرفا في المحادثات، إلا أنهم يعتمدون على الإحاطات الأمريكية المستمرة.
من جانبهم، يدفع الأمريكيون لموافقة السعودية على وقف الحرب في اليمن، حيث لا يزال وقف إطلاق النار ساري المفعول، إلى جانب تقديم مساعدات كبيرة للفلسطينين والحد من علاقتها مع الصين، حيث لعبت الأخيرة دورا في إعادة العلاقات بين المملكة وإيران.
وتأتي المفاوضات وسط توتر في العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية، حيث يدفع رئيس الوزراء نتنياهو باتجاه التعديلات القضائية للحد من سلطة المحكمة العليا. ولو تم التوصل إلى تسوية دبلوماسية مع السعودية، فسيكون ذلك إنجازا كبيرا لنتنياهو الذي يسعى لبناء علاقات مع جيران إسرائيل، وضم السعودية لنادي دول اتفاقيات إبراهيم التي تم التوقيع عليها في عهد دونالد ترامب عام 2020.
وقاومت السعودية الانضمام لتلك الاتفاقيات، وظلت الجائزة الكبرى، مع أن علاقاتها غير الرسمية مع إسرائيل تطورت خلال السنوات الماضية، وجمع بينهما الخوف من إيران.
وسمحت السعودية للطيران الإسرائيلي بالمرور عبر أجواء المملكة. وكانت إدارة بايدن غير متفائلة بشأن فرص التفاوض حول التقارب السعودي- الإسرائيلي، إلا أن ولي العهد السعودي عبّر لسوليفان أثناء زيارته الأولى، عن رغبة بالمضي في الجهود.