بقلم: الدكتور اسماعيل الجنابي
رغم ان جائحة فيروس كورونا ( كوفيد 19) قد اصابت الانسانية في مقتل الا انها افرزت لنا معادن الناس وصدق تعاملهم خصوصا عندما تستغل الوظيفة لغايات ربحية بعيدة عن الضمير والانسانية والمهنية ولعل أكبر تماس مع هذه الوظائف هي “الطب” باعتبارها مهنة إنسانية في المقام الاول ولهذا اطلق عبارة الحكيم على الطبيب والأطباء حكماء ، لما هم عليه من الحكمة وما يجب أن يتسموا به منها وعلى الرغم من أني مدين لأكثر من تعاملت معهم من الأطباء بكرم الطباع وحسن المعاملة ، لم أجد من أحدهم إلا ما يحمل على المودة والتقدير والمريض إنسان مكروب ولا كرب أشد من المرض وأصعب من الألم ، فالمريض إنسان في موضع ضعف شديد مهما تكن رتبته أو مكانته العلمية أو الأدبية أو السياسية أو إمكاناته المالية ، ونبينا الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) يقول : “ مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» وليست الكربة في المال أو ضيق ذات اليد فحسب ، بل إن كربة الألم أشد وأوجع ، بدليل أن الإنسان مهما تكن درجة فقره أو فاقته فإنه يكون على أتم استعداد لبيع كل ما يملك بما فيه بيته الذي يؤويه ، بل على استعداد أن يستدين بأي طريق كان ليعالج نفسه أو زوجه أو ولده أو أحد أفراد اسرته.
أن المريض أكثر الناس حاجة إلى بث الأمل والطمأنينة في نفسه ولو مع دنو أجله , كما أنه في حاجة إلى الكلمة الرقيقة والبسمة الحانية وإذا كانت البسمة في وجه أخيك الإنسان صدقة ، فإنها في وجه المريض ألزم وأوجب وأعظم أجرًا وثوابًا , كما أن المريض معذور بمرضه وإن ألح في السؤال لجهله ، ألم يقل الحق سبحانه : “ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ» ، بإطلاق لفظ المريض دون تفرقة بين مريض ذكي وآخر غبي ، أو مريض عالم وآخر جاهل ، أو مريض مثقف وآخر غير مثقف؟!.
أن المقام سيطول بذكر كل من عرفت من الأطباء النبلاء ، ولكن الحديث عن الطبيب الانسان ” خالد عبد الله الرواي ” صاحب المرؤة والانسانية له وقع خاص من حيث المواقف الجليلة التي وصلتني من ابناء محافظة الانبار بشكل عام وابناء مدينة الخالدية بشكل خاص من خلال رعايته الصحية لمصابي فيروس كورونا وتعافيهم على يديه ، فان دل على شيء انما يدل على المنبت الطيب والخصال الحميدة الذي ينحدر منها ، فمواقف الانسانية تجلت في انسانية الحكيم الراوي.
لقد تميز الدكتور خالد الراوي في تعامله مع جميع مرضاه بطريقة مختلفة من حيث الانسانية والمرؤة في المقام الأول ، وليس كما يفعل وللاسف الشديد بعض ممن يمتهنون مهنة الطب فيجعلوا من العامل المادي مقامهم الأول فتصبح مهنتهم سوقاً للمتجارة الرخيصة على حساب أرواح الناس البريئة التي خلقها الله في أحسن تقويم ، فقاموس المواقف الانسانية قد فاض كرماً في ذاكرة مرضى ” فيروس كورونا ” الذين وجدوا ضالتهم في هذا الطبيب القدير الذي لم يدخر جهداً الا وسخره لتخفيف الألم والأمل لمرضاه ، فهنيئاً للرحم الطاهرالذي حملكم وأرضعكم طُهرالحليب فاثمرهذا الطبيب الخلوق المعطاء .