بمناسبة مرور عام على ثورة الشعب العراقي
بقلم: الاستاذ الدكتور عبدالرزاق الدليمي
خبير الدعاية الاعلامية
تعاني مختلف المؤسسات العراقية خاصة الحكومية من تفشى الفساد بها، سيما بعد جريمة احتلال العراق في نيسان 2003 ما دفع العراقيين الى الثورة الكبرى والنزول للشوارع، وذلك وفق تقرير مجمع لمؤسسات دولية أبرزها البنك الدولي ومنظمة الشفافية الدولية.
تشهد غالبية محافظات العراق منذ عام احتجاجات ومظاهرات عنيفة أودت بحياة الف عراقي، وإصابة الآلاف بحسب مؤسسات حقوقية، نتيجة قمع قوات الجيش والشرطة والمليشيات المنفلته للمواطنين الرافضين للفساد وتفشي الفقر والبطالة.وتقدم المعلومات الرسمية حقائق وأمثلة عن أشكال الفساد في عديد المؤسسات الحكومية والسيادية داخل العراق، منذ احتلاله وحتى الان ،فالفساد والمحسوبية يضربان مفاصل مايسمى بالدولة العراقية.
تاريخ مأسسة الفساد بعد الاحتلال
ترى منظمة الشفافية الدولية استنادا إلى تقرير لجريدة "إندبندنت البريطانية" في 2013 أن فساد الرواتب مثل "الموظفين الشبح" و"قشط الرواتب" أمر شائع في العراق؛ إذ تتأثر قرارات التوظيف بالمحسوبية والرشوة وأحيانا لموظفين غير موجودين. ووفقا للمسح الذي أجرته منظمة الشفافية الدولية للفساد في 2013، كان من المرجح أن يكون مستخدمو الخدمات العامة قد دفعوا رشوة عند اتصالهم بالمسؤولين الحكوميين لخدمات الأراضي بنسبة 39% والشرطة 35% وخدمات التسجيل والتصاريح 27%. علاوة على ذلك، من بين 12 مؤسسة عراقية وأجنبية داخل البلاد، كان يُنظر إلى الأحزاب السياسية على أنها الأكثر فسادا، حيث صنّفها 47% بأنها فاسدة إلى حد ما أو فاسدة للغاية، بحسب التقرير الأممي
كما وجد مسح شبكة المعرفة العراقية لعام 2011 وأعد لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أن ممرضات عيادة الصحة العامة وضباط المرافق العامة والشرطة، يمثلون أكبر حصة من الرشاوى التي يدفعها المواطنون في العراق بنسبة 19% و15% و14% على التوالي.وبحسب بيانات تعود للبنك الدولي، فقد تلقى العراق أكثر من 32 مليار دولار أمريكي من المساعدات الثنائية من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بين عامي 2003 و2012، إلا أن الأموال لم يظهر أثرها على الخدمات.وكشفت منظمة الشفافية عن تقرير أمريكي عن أن 8 مليارات دولار تم فقدانها في البلاد من أصل ميزانية أمريكية لإعادة الإعمار بقيمة 60 مليار دولار بسبب الفساد والإهدار.كما يورد التقرير الأمريكي أمثلة على الفساد منها أن 43.8 مليون دولار أنفقت على معسكر سكني للشرطة، كما تم إنفاق 36.4 مليون دولار على أسلحة لم يتم شراؤها.
ويشير تقرير رسمي لمنظمة الشفافية الدولية إلى أن العراق يحتل مرتبة متأخرة في مؤشر مدركات الفساد لعام 2018، وهو مؤشر على تراجع مستوى الشفافية والمصداقية في مختلف القطاعات الاقتصادية.وحصل العراق على 18 نقطة من أصل 100 في التقرير العالمي الذي يرصد 180 اقتصادا حول العالم؛ إذ يعني الحصول على 100 نقطة أن الدولة "خالية من الفساد"، بينما تشير نسب ارتفاع الفساد في الدولة التي تقل عن 50 نقطة.
الفساد يطال المؤسسات الاعمية
قال الثائر تشي جيفارا(عندما تتبول السلطات على الشعوب يأتي دور الاعلام ليقنعهم انها تمطر)اتذكر هذه العبارة البليغة كلما قرأت اوسمعت او شاهدت ما تقوم به وسائل الدعاية الحكومية او المناصرة لها او المؤطرة لخدمتها مقابل ثمن وهذا للاسف أصبح ديدن كثير من وسائل الاتصال في عالم اليوم فهذه الوسائل (من الصحافة الورقية الى الاذاعات الى القنوات التلفزيونية الى مضامين الانترنيت ومنها شبكات التواصل الاجتماعي ) اصبحت سلعة تباع في مجتمعات كثيرة لمصلحة من يدفع اكثر سيما بعد رفعت كثير من الدول يدها الداعمة لهذه الوسائل داخل مجتماعتها او تلك التي يتم تجنيدها في خارجها الا ان البديل عن الحكومات هي اطراف متنفذة وميسورة ماديا تعمل بالتنسيق والتوافق مع الانظمة الحاكمة في اطار تبادل الادوار والخدمات وبما يحقق مصلحة الطرفين بمعنى استمرار وجود النظام وديمومته وتحقيق
غايات اصحاب رأس المال في تعظيم نفوذهم الاقتصادي والسياسي مقابل الخدمات الدعائية للدفاع عن النظام وتلميع صورته وتبرير اخطائه وحقيقة هذا هو الوضع الذي يسود في اغلب دول العالم ؟؟!!!
وهنا نطرح سؤال منطقيا هل يمكن لاعلام نزيه ان يمارس دوره( بشكل موضوعي؟؟!!) علما انني اتفق تماما مع من يقول بصعوبة وربما استحالة ممارسة وسائل الاتصال ومنها الاعلام دورا حياديا منصفا لسبب بسيط وهو ان من يحدد اجندة الوسيلة هم مالكيها وهؤلاء يسخرون كل ما يمتلكونه وفي المقدمه منها اسلحتهم المدمرة المتمثلة بوسائل الاتصال التي هي اكثر فتكا من جميع الاسلحة الاخرى بما فيها الاسلحة البايولوجية كالفايروسات المعدلة جينيا مثل(كورونا 19) وغيرها التي ستظهر لاحقا.
استغلال الفاسدون للاعلام
أصبحت قوى الفساد والاستبداد بارعة كل البراعة في استعمال ما تملك من أدوات وأموال -خاصة إبان الحملات الانتخابية-تحت ستار حرية التعبير، لتضليل الشعب ودفعه نحو مزيد من الحيرة والتخبط وفقدان البوصلة، لينتهي به الأمر محبَطا وعاجزا عن تبيّن طريق خلاصه.
جميع مايطرح حول دورالاعلام تصب في مدى نضوج المهنية والجودة في قيام وسائل الإعلام بوظيفتها الرقابية باعتبارها الممثل للمجتمع والرأي العام وتتحمل مسؤولية أخلاقية في الدفاع عن مصالح المجتمع. وتزداد أهمية ذلك في البيئة الرقمية للإعلام وبمدى حصانة وسائل الإعلام من الاختراق، وما يوفره من فرص أكثر لوسائل الإعلام للقيام بوظيفتها الرقابية من جهة، وما يوفره من إمكانيات لاستخدام الإعلام أداة لنشر المعلومات المضللة حول الفساد.
مسألة اختراق وسائل الإعلام قديمة وعالمية وقد تعمل على تسطيح المهمة الصعبة للإعلام في الكشف عن الفساد او أن تحرّف هذه المهمة عن أهدافها. في عام 2005 نشر أحد مراكز البحوث والرصد البريطاني تقريرا ذكر أنه بين كل 400 صحفي بريطاني هناك 90 صحفيا أو كتابا له صلات بأحد أجهزة الامن والمخابرات.
الاعلام الفاسد
انها فعلا كارثة كبيرة تصيب قلب المجتمع وضميره وخط الدفاع الاول عنه وعن مصالحه وحقوقه…ماذا سيحدث عندما تفسدالاقلام وتتلوث وتشوه الكاميرات الصوروتنقل الميكرفونات الاكاذيب ومن يقوم بهذه الجرائم للاسف الشديد ؟ بعض العاملين في مهنة نقل الحقائق وكشف المفاسد وهنا يتحول هؤلاء الإعلاميين إلى مجرد اصوات نشاز متناسين أن اغلب الناس بدأت تمل وتنفر من اصحاب هذه الاصوات النشاز وطنيا ولاحظنا ايضا بروز ظواهر اخرى لا تقل خطورة عن سابقتها منها تقلب بعض الإعلاميين وقدرتهم على تغيير مواقفهم بسرعة فائقة،وقيام اخرين باستغلال وظيفتهم في تصفية حسابات شخصية له فيصبح أعداءه فاسدون يطاردهم ويتهمهم بالفساد متناسيا بذلك ان وظيفته كإعلامي هدفه أولاً وأخيراً إظهار الحق والدفاع عنه ولاحظ كثير منا كيف انتشرت في وسائل اعلامنا منذ فترة حملات تستهدف أشخاصاً بعينهم يختص بعض إلاعلاميين والصحفيين الذين امتهنوا عمليات التصيّد بكل ما يخص تلك الشخصيات، والإكثار من الحديث عنها وإظهار أخطاءها والمطالبة باقصائها والإطاحة بتلك الشخصية .
ان هؤلاء المحسوبين على الاعلام ظلما وبهتانا لم ينبري أحد منهم ليطالب بمحاكمة المفسدين و إعادة ما سرقوه ومحاولة إصلاح ما تم تخريبه من قبل المفسدين،وفي المقابل نجد إعلاميين اخريين من نفس الشاكلة يهبون لكيل المديح لتلك الشخصيات وتحاول تبرير أخطاءها وتجميل أفعالهم وتلميع صورتهم التي ما يلبث الغبار أن يغطيها فتصبح بحاجة الى تلميع مرة أخرى.