يبدو للمتابع أن ظاهرة سيطرة الصقور بكل أبعادها لا تستحق هذه الاثارة والتهويل ، لتأخذ كل هذا الاهتمام ، سواء من جانب الطرف الرسمي او الشعبي .
فهي مجرد زوبعة في فنجان السياسيين لإثارة الغبار والعتمية عما يدور في كواليسهم التي وصلت الى حد التنابز بالأعراض ، لصرف نظر البسطاء السذج من الناس عما يحاك ضدهم وإلهائهم بسفاسف الأمور التي تجعل من “الحبة قبة” من خلال إثارة العواطف على حساب لغة العقل .
والذي يبدو من هذه المسرحية إن الذين شاركوا في كتابة فصولها كانوا سذجا إلى حد الترف ، حين حاولوا فيها تغيب عقول الناس والعزف على عواطفم ، بدليل أنهم وضعوا مشاهدها وتصاعد أحداثها ولم يفكروا بنهايتها التي كانت وخيمة عليهم ، لينقلب السحر على الساحر لما أثارته من سخرية واستهزاء أغلب
الآراء العامة لأنها لم تفرز لنا أي الطرفين من أطرافها على حق وأيهما على باطل ، لينقسم الراي العام إلى جبهتين مضادة ومؤيدة لهذا الطرف أو ذاك ليتعمق الخلاف أكثر حتى بين أفراد الطرف الواحد منهم ، ليزيد الطين بله .
كما أن بطلي المسرحية غير المتكافئين ابتلعوا الطعم الكامن خلف النوايا ولم يتفقهوا مابين سطور الحوار ، والتي انطلت على عقول السذج من الناس ، الذين راحوا يلهثون خلف هذا الطرف أو ذاك سواء بالعاطفة او حسب ما دخل جيوبهم من سحت حرام .
كما ان مؤلف هذه المسرحية تجاهل ضوابط سياق الأمور وقواعد الاشتباك بين الدولة والفرد وكأنهما متكافئان وليسا تابع ومتبوع ،
إذ كيف يعقل ان تتهالك السلطة لتستجدي نفر ما ، ضل عن الأعراف وسياقات القانون وصورته وكأنها جحافل مدججة عدة وعددا ؟
ألا يعني هذا أن السلطة تقر بخطأها واعترافها بأن الشعارات التي أطلقتها جحافل الغازين المتجاوزين على السياقات الإدارية ؟
واذا كان العكس ، فلماذا لم تسمح لهم بدخول المحافظة لكشف المستور الذي أريد من وراء هذه المأساة ؟
وحتى إذا ما كان الهدف من وراء هذا التحرك غير المسؤول هو بدافع الإصلاح ورفع شعارات ثورة تشرين ، فكان الأولى به أن يصلح خراب داره قبل ان يطرق باب جاره ، لأن الكل مع الثورة
ولا تقتصر مطالباتها على فئة ما ، أو جغرافية ما .
وفي الختام ، لا نريد هنا أن نكون قاضي الفصل بين الطرفين لنتهم أي منهما وننزه الآخر لاننا نعرف أن الممثلين ليسوا سوى أداة لإرادة المخرج وإن المسؤولية تقع على من كتب السيناريو وأبقى نهايته مفتوحة لتتولد منها عقد جانبية قابلة للإنفجار في أية لحظة وهذا ما يتطلب من غيارى العراق أن يكتبوا النهاية التي تنسجم مع تاريخهم المشرق وعمق انتمائهم للأرض والوطن .