ومن خلال هذه القراءة الموضوعية يمكن صياغة مجموعة من الأهداف التي تعد مرحليا الأسس الستة التي تشكل ركائز ومنطلقات العمل في ميادينه المختلفة .
1 – الحرية ”
والحرية في مفهوم التحالف هي حرية مزدوجة تضمن حرية الوطن وحرية المواطن بالتوازي والتكافؤ بينهما فلا حرية للمواطن بغير حرية المكان الذي يعيش فيه وبالمقابل فان حرية الوطن تصبح سفسطة وادعاء مزيفا عندما يفقد المواطن حريته وكرامته وإنسانيته. ومن هنا يصبح للحرية معنى واضح يتعارض مع كل السياسات والإجراءات التي تنتقص من حرية الانسان وتنتهك حقوقه وخصوصياته الفكرية والدينية والثقافية والسياسية والاجتماعية. ويصبح للحرية أيضا معنى يتعارض مع كل نزعات التعدي على الأرض ومصادرة هويتها وعائديتها من خلال اللجوء الى الحرب أو التهديد بها او من خلال سياسات التضييق والحصار والتمييز والملاحقة والتصفية التي تستهدف اجراء تغييرات ديموغرافية في مدن معينة وبذرائع مختلفة تمهيدا لسياسات قادمة للضم والإلحاق على الأساس الطائفي أو العرقي.
أن الحرية حق أساس للإنسان وللأرض معا تكفله شرائع السماء وقوانين الأرض وتوجب كلاهما الدفاع عنها باعتبارها أساس الحياة الانسانية ومن دون هذه الحرية يتعذر على الانسان العيش بكرامة وشرف مثلما يتعذر عليه الاحساس بالانتماء الى المجموع والى الوطن نفسه طالما أنه مغترب في وطنه ومغبون في حقوقه ومسلوب في ارادته ومهدد في حياته ورزقه وكينونته.
2 – السلام “
ان السلام الذي ننشده في التحالف العربي العراقي ذو طابع مزدوج هو الآخر مثله مثل الحرية تماما . فهو ( أولا ) سلام شامل في الداخل تغذيه الرغبة العارمة في تجاوز مآسي الحروب الكثيرة التي مرت بالعراق وما نتج عنها من دمار وخراب طال الحرث والنسل وأكل الأخضر واليابس في هذه البلاد ومشفوع بالمقابل بالتطلع المشروع والغريزي لتحقيق السلام باعتباره القاعدة الأساسية للحياة ومنطلق البناء والتنمية.
وهو سلام موجه الى الخارج ( ثانيا ) ليكون العراق ركيزة أساسية أيضا في بناء الأمن والاستقرار في المنطقة التي ينتمي اليها خصوصا وان هذه المنطقة تعج بالصراعات والحروب الدموية التي تسببت في الكوارث التي تشهدها المنطقة ابتداء من ارتفاع وتيرة العنف المسلح وغياب مؤسسة الدولة ومنظوماتها السيادية مرورا بالدمار الكبير الذي أصاب المدن والبنى التحتية وتوقف عجلة الانتاج والصناعة والزراعة والتنمية عموما في هذه البلدان وانتهاء بالمصيبة الكبرى التي يمثلها هذا الكم الهائل من المهجرين والمهاجرين الفارين من مناطق التوتر والنزاع المستمر في بلدان المنطقة بحثا عن الأمن والطمأنينة في مناطق جديدة. ان السلام صار بالنسبة للعراقيين ولأشقائهم في البلدان العربية وبفعل المخطط التدميري الأمريكي الغربي المستمر حلما بعيد المنال وغاية يجب العمل من أجلها والتخطيط للوصول اليها بعقل واعي وضمير منفتح ، وهي مهمة تضطلع بها النخب الوطنية والمثقفة التي لابد وان تحل محل سياسي الاحتلال وطبقته السياسية التي لا تجيد التفكير إلا في الحروب وصناعة الأعداء وتدمير فرص السلام.
ان اشاعة أجواء السلام ستكون كفيلة بتغيير الصورة النمطية التي تشكلت عن العراق في الاعلام العالمي وفي دوائر صنع السياسة العالمية وعند شرائح واسعة من الرأي العام العالمي والتي لا ترى فيه سوى بلدا فاشلا ومستودعا كبيرا للإرهاب ومساحة واسعة لتصفية الحسابات الاقليمية والدولية وهي صورة وانطباع ظالم ومنحاز لا يأخذ بنظر الاعتبار الأسباب التي جعلت من العراق نموذجا للفشل و رعاية الإرهاب ولا ينسجم مع حجم الاسهام الحضاري للعراق في مسيرة التاريخ الانساني وقدرته على التجدد والانبعاث بعد كل كبوة يتعرض لها ، وقد يكون ذلك أحد الأسباب التي دفعت بالعامل الخارجي الى التنكيل به عبر سلسلة متصلة من الأحداث الجسام وجعلت منه عرضة لكل مشاريع الشرذمة والتفكك والفشل.
3 – الدستورية ”
ان الدستورية التي نؤمن بها في التحالف العربي العراقي هي دستورية غير مشروطة وليست انتقائية كما درجت عليه العادة في الممارسة السياسية في عراق ما بعد عام 2003 ، فالدستور يعاني من التعطيل في أغلب مواده العاملة ويتعرض الى تغييب متعمد في أبوابه الخاصة بالحقوق والحريات العامة والبناء السياسي ويعاني أيضا من الانتقائية المكشوفة في تفعيل بعض مواده وفي تفسيرها أيضا بما يتفق وهوى او مصالح الطبقة السياسية التي أوجدها الاحتلال بغض النظر عن انعكاسات ذلك على المصالح الوطنية العليا ، ومن ثم فان التحالف يؤكد أهمية الدستورية غير المشروطة وغير الانتقائية في مشروعه الدستوري ذو المراحل الثلاث التي تتمثل في “
المرحلة الأولى – التي يتم من خلالها الوصول الى تحقيق الحرية والسلام والعدالة وانجاز البناء السياسي المرتقب وفقا لنصوص الدستور الدائم بعد أن يتم الانتهاء من تشريع القوانين المعطلة ذات الصلة بتحقيق ذلك البناء وفقا للأساس الاتحادي .
المرحلة الثانية – ان النجاح المتحقق في المرحلة الأولى سوف يتيح فيما بعد للمحافظات الثائرة خيار الفيدرالية المكفول دستوريا وفي الحدود الادارية للمحافظات السنية دون تغيير تحت طائلة السلاح أو استثمار الهيمنة والنفوذ السياسي والظروف الاستثنائية التي يمر بها العراق في هذه المرحلة للتأثير في الواقع القائم على الأرض وبخلاف كل ما هو مثبت في الدستور العراقي الدائم.
المرحلة الثالثة – التوصل الى دستور خاص بالمدن السنية كإقليم يضمن الدستور الدائم نفسه خصوصيته وحقوقه غير المنقوصة في ادارة شئونه بنفسه .
4 – الديمقراطية ”
الديمقراطية التي يؤمن بها التحالف العربي العراقي تتفق مع المفهوم التقليدي للديمقراطية بإعادة الحكم للشعب ليمارسه بنفسه من خلال ممثليه، لكن التحالف يذهب الى أبعد من هذا المفهوم المقتضب للديمقراطية ويدعوا الى الأخذ بالتحولات الحاصلة في مضمون ومحتوى الديمقراطية لتشمل حكم القانون واحترام حقوق الانسان وتحقيق العدالة والإنصاف والمساواة بين الناس والتعددية السياسية واحترام حقوق الأقليات والتنمية المرتبطة بإعادة بناء الانسان الحضاري أو ما تسمى بالتنمية البشرية فنكون بذلك أقرب الى محتوى الديمقراطية التي يحتاجها الشعب العراقي بشكل عام وفي المناطق الثائرة على وجه التخصيص بعد أكثر من عقد من الظلم وانتهاك الحقوق والحرمات ومصادرة الممتلكات وتدمير المدن وقتل الأبرياء بغير حق والتنكيل بأبناء الشعب خصوصا من الطائفة السنية في المعتقلات والسجون السرية والعلنية ولسنوات طويلة فضلا عن التهميش السياسي والتمييز الاداري والحكومي بطريقة لا تمت بصلة الى حضارة القرن الحادي والعشرين وتعكس نزعة استئثار وإقصاء وانتقام مقيتة لا علاج لها إلا بالتطبيق الجاد للمفهوم الديمقراطي بالمعنى الذي يطرحه التحالف العربي العراقي والذي دعت اليه الأمم المتحدة منذ مطلع الألفية الثالثة.
5 – الأمن والاستقرار”
ان المطالبة بالحقوق والحريات والديمقراطية وبضمانة الدستور لا يمكن ان يكون بمعزل عن توفر البيئة الأمنية المستقرة التي يتم في اطارها المحافظة على الانجازات المتحققة للشعب في الميادين المختلفة ومن هنا سيكون لزاما العمل من أجل تفعيل الاتفاقات السياسية التي ابرمت من أجل توسيع مشاركة المكون السني في الملف الأمني واضطلاعه بدور مركزي في المحافظة على أمن واستقرار مدنه ومحافظاته وتطبيق قانون الحرس الوطني الذي تم الاتفاق عليه والتوقف عن محاولات الالتفاف عليه أو تفريغه من محتواه بقصد استمرار الوصاية الأمنية على المكون السني والعمل من أجل حل اشكالية التمييز في هذا المجال بين المكونات والتي أعطت للمكون الكردي جيشا نظاميا يتمتع بشبه استقلال عن الدولة المركزية وأعطت للمكون الشيعي أذرعا مسلحة حلت محل الجيش الوطني وصادرت هويته وقراره العسكري لكنها تتوقف عند المكون السني بشكل مشبوه وبذرائع مختلفة ، بل أن الوصاية والإذلال وصل الى حد توظيف الدين والسلطة السياسية لإضفاء الشرعية على هذه الأذرع المسلحة وملاحقة منتقدي ممارساتها وأدوارها في الداخل والخارج حينما أعطت لنفسها الحق أيضا في التدخل في النزاعات المسلحة في الدول الاخرى كما هو الحال في سوريا ولبنان واليمن ، وما هو أكثر من ذلك مطالبة المكون السني نفسه بقبول وصايتها باعتبارها قوات تحرير ومقاومة في مواجهة الارهاب الدولي القادم الى العراق في مسعى مكشوف لمصادرة حق ودور هذا المكون في الدفاع عن نفسه وعن مدنه في مواجهة قوى التطرف والإرهاب أيا كان مصدره وحرمانه من حق الحصول على ما يمكنه من القيام بهذا الدور حتى ولو من باب المساعدة والنصرة في مقابل اطلاق يد الأذرع الشيعية المسلحة في الحصول على كل أشكال الدعم الداخل والخارجي تمويلا وتسليحا وبشكل علني الأمر الذي يؤكد مسعى مصادرة هوية ودور المكون السني في العملية برمتها.
ان استراتيجية استعادة الأمن والاستقرار لا يمكن أن تتم أو يكتب لها النجاح إلا بقناعة الجميع وبرضاهم عن عملية اعادة الأمن والاستقرار المفقود ومشاركتهم في هذه العملية على قدم المساواة وبخصوصية متماثلة لكل المكونات.
6 – اعادة البناء “
ان الهدف الأسمى الذي يسعى اليه التحالف العربي العراقي بعد تحقق وانجاز الأهداف التي ورد ذكرها آنفا هو تضميد جراح المناطق السنية النازفة وإعادة الأمل الى النازحين في العودة الى ديارهم وفقا لبرنامج محلي ودولي واسع النطاق يضمن توسيع نطاق المشاركة في عملية اعادة تأهيل المدن والمناطق التي دمرتها الحرب الظالمة وإحياء الاقتصاد المحلي وفقا لإستراتيجية مخططة تستلهم تجارب دولية سابقة في اعادة اعمار المناطق المنكوبة بالحروب وتأهيل الاقتصادات المحلية التي تضررت بالأعمال المسلحة لضمان عودة الحياة الى تلك المناطق وتوفير متطلبات العيش الكريم فيها.
ويعيد التحالف العربي العراقي أن الاهداف التي وردت في اعلاه هي سلسلة متصلة تكمل بعضها البعض من ناحية وذات طابع مرحلي يدرك أهمية التكيف والاستجابة لمتطلبات المراحل القادمة ويعمل على دمجها في بنيته الفكرية والسياسية ووفقا لظروف كل مرحلة على حدة.