بقلم: موفق الخطاب
المواطن العراقي اليوم في حيرة من امره وجلهم ما زال مترددا ولم يحسم امره بشأن المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات المزمع إجرائها الأسبوع المقبل ام مقاطعتها والتي يجزم الكثير انها كغيرها صورية ومحسومة النتائج مسبقا وبنفس نهج المحاصصة الذي اسسه الأمريكي الصهيوني الحاكم المدني للعراق بريمر.
لقد تعمدت أمريكا بعد ان تمكنت من خداع العالم وغزت واحتلت العراق بوضع دستور وطريقة حكم وقانون انتخابات نيابية وبلدية تبقيه في دوامة الصراع والعنف المتجدد يصعب معها بل يستحيل احداث أي تغيير يخدم تطلعات الشعب العراقي عن طريق ذلك الصندوق المخروم، فمهما حصل ويحصل من تعديل على قانون الانتخابات الذي اثبتت نتائج الدورات الانتخابية المنصرمة عدم صلاحيته تماما لتطلعات الشعب العراقي ومتطلبات المرحلة فهنالك ثغرات يدخل اليها المشرع في كل مرة يتم فيه الضحك على الذقون بحجة احداث تعديل فيه بما يتلائم مع مصالح المتسلطين والفاسدين لا مصالح الناخبين المغلوبين على امرهم والمقهورين لجعله متوافقا تماما في كل دورة انتخابية مع الأهداف التي تخدم الجهاز التشريعي والتنفيذي والرقابي لانها منظومة واحدة تساند بعضها بعض في رسم الخطوط العريضة للعملية السياسية التي تخدم بالدرجة الأولى المحتل وأهدافه والدول المتنفذة في العراق واجندتها والأحزاب ومصالحها .
اليوم هذه الانتخابات رغم كونها محلية (بلدية) لكنها لا تقل شأنا عن الانتخابات النيابية كونها تمثل مصدر تمويل للأحزاب الحاكمة والمليشيات بعد السيطرة على مقدرات المحافظات وتسلطها على قرارها، فهي ستجري وسط شكوك من نتائجها وتبعاتها رغما للتحوط الذي تمترست ورائه الكتل الكبيرة وليس ذلك متأت من النتائج المتوقعة فحسب فاغلبهم قد رتب أوراقه وحسم امره في شكل التحالفات لتشكيل الكتلة الأكبر داخل مجلس كل محافظة..
لكن مصدر القلق في هذه المرحلة الذي يؤرق الساسة هو احتمالية تخلي الراعي الرسمي لها (الأمريكان) في وقت حرج مثلما حصل مع حكومة إفغانستان ليعقبه انهيار سريع في العملية السياسية برمتها بالتزامن مع حتمية تغير اللعبة السياسية الدولية وإعادة رسم الأوليات للدول الكبرى في ملفات متشابكة وساخنة جدا في الشرق الأوسط وخاصة بعد دخول الصراع في (غزة العزة) الى مأزق كبير حاصر و ورط الكيان الصهيوني وحليفتها أمريكا ودول الغرب في حرب مفتوحة مع مقاومين من طراز خاص لم يألفوه من قبل، وفي الطرف الآخر الغليان الشعبي ضد الحكومات المؤيدة لذلك الكيان والحكومات المطبعة والأخرى المتفرجة .
وبالتأكيد فإن الملف الإيراني والعراقي سيكونا حاضرين في أجندة أي تغيير قادم في المنطقة نتيجة لما ستؤول اليه نتائج الصراع وما يعجل من وقوع هذا الإحتمال هو غباء المجاميع المسلحة وتورطها في وقت حرج جدا في تصعيدها ضد القواعد الأمريكية بدفع من اسيادهم في طهران التي تتقن اللعب في هذه الأوراق وقد تخرج هذه اللعبة عن السيطرة و اول من سينالهم العقاب الصغار ..
وبالعودة الى الداخل العراقي فإن وعي الشارع العراقي الذي ادرك مؤخرا انه ليس من السهل هذه المرة الضحك عليه بشعارات طائفية لم يجن من ورائها طيلة 20 عاما سوى المزيد من سفك دماء الابرياء والمغيبين والفقر والكوارث وتفاقم العنف والإرهاب والفساد ونهب خيرات البلاد!
فتكاد أن تخلوا القوائم الانتخابية هذه المرة من المعممين و رجال الدين أو من ينادي بالتوجه الديني والتمترس المذهبي بعد السقوط المدوي لها ولفظها من الشارع ، لذا فقد عمدت تلك الكتل الالتفاف على الناخب العراقي كمحاولة للتشبث بالسلطة وبأي طريقة للحفاظ ولو بالحد الأدنى وعدم مغادرة كراسي الحكم فعمدوا بدخولهم بعدة قوائم وتحت عدة مسميات مدنية زائفة ظاهرها فيها الرحمة وباطنها من قبلها العذاب ولم يكتفوا بذلك بل ولغرض تضليل الناخب عمدوا لزج أسماء للتكنوقراط وبعض الكفاءآت والمعتدلين بين قوائمهم بل حتى زجوا في قوائمهم الانتخابية من يدغدغ غرائز الشباب من النكرات لحصد الأصوات,,
وما طفى على السطح هذه المرة والذي لم يعد خافيا أن بعض من تلك القيادات التي يمقتها الناخب العراقي عمدت بأسلوب جديد بدفع أبنائهم أو أقاربهم من الدرجة الأولى أو مواليهم بالترشيح ليقفوا من ورائهم !!
من كل ماسبق فإن الشعب العراقي في ورطة ومأزق كبير فان زحفوا للصناديق ففرص التغيير بهذه الطريقة المرسومة بدقة متناهية وبخبث ضعيفة جدا وان تم مقاطعة الانتخابات والعزوف عنها كليا فلن تسمح أمريكا بسقوط العملية السياسية عن طريق ذلك الصندوق المخروم الذي أودعت فيه سر بقاءها وبقاء عملائها ..
فهو أمام خيارين أحلاهما مر..