بقلم: الاستاذ الدكتور عبدالرزاق الدليمي
منذ عقدين من الزمن الثقيل للاحتلال الامريكي البريطاني لبلدنا ومعهما اربعين دوله من ذيولهما ، وأنا ومثلي ملايين من صفوة الشعب العراقي وكفآته ، نعيش خارج العراق قرأت اليوم تعليقات عن المقال الذي يبدو ان برهم صالح كتبه بعدما تم اخراجه بطريقة لم يتوقعها من لعبة كراسي السلطة الفاسدة ومحاصصاتها القبيحة ولم يكتف المليادير من السحت الحرام كما يصفه خصومه برهم بما ذكره في المقال بل ذهب بعيدا بما كلفوه به اسياده ليجتمع بعائلة مسعود البارزاني وينقل لهم خطاب تحذيري ،من الادارتين الامريكية والبريطانية
ابرز ماجاء بمقال برهم صالح
عقب عشرين عاما على الغزو الأمريكي للعراق وما تبعه من إقامة نظام سياسي جديد، لم يتوقع احد من المختصين، او الساسة المرتبطين بالملف العراقي، ان يصدر احد قادة “العراق الجديد” بحسب وصف شبكة أي بي اس، هجوما على النظام السياسي الحالي، معلنا فشله بشكل غير مباشر وداعيا خلاله الى تغييره بشكل “جذري”. ذلك الهجوم لم يات بكل حال من أي سياسي عراقي، بل صدر عن رئيس الجمهورية السابق برهم صالح، الذي نشر في الرابع والعشرين من ابريل الحالي ومن خلال صحيفة الفورين بوليسي الامريكية، مقالا هاجم خلاله العملية السياسية المقامة بعد عام 2003، موردا قائمة بما وصفها بالعوامل السلبية التي قادت الى الوضع الحالي في البلاد، معترفا بسيطرة الفساد على مقدرات الدولة، وفشل النخبة السياسية بتحقيق امال الشعب العراقي والوعود التي أطلقت عقب الغزو وتأسيس النظام الجديد.
النظام الذي وصفته منظمة هيومن رايتس ووتش في مطالعتها العامة عن الأوضاع في العراق، بان اقامته “يدفع ثمنها الأكبر الشعب العراقي” مؤكدة وقوع اعداد كبيرة من الضحايا لتغيير النظام وما تبعه من احداث، بالإضافة الى ملايين المهجرين والهاجرين والنازحين وبنى تحتية مدمرة بشكل شبه تام، حتى الان، بحسب المنظمة، ما يزال العراق غير قادر على تحقيق التقدم الملموس الذي يجب ان يكون عليه البلاد، بالإضافة الى عجزه عن تعويض الضحايا ومحاسبة المسؤولين.
النظرة العالمية لغزو العراق بكل حال، تختلف بشكل كبير عن نظرة الشعب العراقي اليها وبالتالي ما قدمه الرئيس السابق برهم صالح من خلال مقاله بحسب ما بينت صحيفة ذا كونفيرسشين الامريكية، التي قالت ان غزو العراق، الذي يعتبر الأساس الحديث الذي بنيت عليه السياسة الخارجية الامريكية بعد عام 2003، لا يمثل للشعب العراقي سوى جزء اخر من تاريخ البلاد “المعقد”.
النظرة “غير المعتادة” التي قدمها صالح من خلال مقاله عن الأوضاع في العراق والتحديات التي تواجهها البلاد، تركت اثرها على مضامين الاعلام الأجنبي بشكل عام والامريكي بشكل خاص، والتي رات فيها نظرة الى داخل أروقة السياسة العراقية تبين بشكل واضح الأخطاء التي ارتكبتها واشنطن، وما قادت اليها من نتائج.
الصحيفة الامريكية التي نشرت تقريرها في السادس والعشرين من ابريل الحالي، بعد يومين فقط من مقال صالح، قالت ان الأمريكيين والذي ما يزال غالبهم حتى اللحظة “لا يستطيع إيجاد العراق على الخريطة”، لا يفهمون بشكل فعلي ما فعلته الولايات المتحدة في العراق، على عكس العراقيين الذين قالت ان فهمهم للحرب وما تبعها، هو “أعمق وأكثر فهما وذهب الى مسافات ابعد من مجرد التاثيرات المباشرة للغزو”، الامر الذي عكس من خلال مقال صالح.
العراقيون ما يزالون بانتظار العدالة التي يستحقون..
صالح وخلال مقاله الذي تلقته وسائل الاعلام الأجنبية واعادت نشره، اكد ان العراق وعلى الرغم من المنجزات التي تحققت عقب الاحتلال، ما يزال حتى اليوم قاصرا.
البلاد ما تزال تعاني حتى اللحظة من “فشل في الإدارة، توتر عرقي وديني، انتشار هائل للفساد واستمرار لاثار الحرب الطائفية حتى اليوم”، بحسب صالح، متابعا “حتى اليوم ما يزال العراقيون ينتظرون العدالة وفوائد الديمقراطية التي يستحقون، ولا يجدون”، مشددا “لا يمكن ان ندعي التفاجئ من انتشار الغضب الشعبي وفقدان الثقة بالعملية السياسية، امر ترجم الى عزوف نصف المؤهلين للمشاركة بالانتخابات عن التصويت”.
اكد برهم ان “كافة الطوائف والمكونات العراقية” تتشارك الان بالغضب وفقدان الثقة بالعملية السياسية، موضحا “السنة، الاكراد والشيعة وباقي المكونات، تتشارك الان بعدم رضاها على العملية السياسية وما اظهرته من نتائج، امر بات واضحا جدا من خلال التظاهرات التي تكررت عبر السنوات الماضية”.
النظام الحالي ولد من “الخوف”.. تأثيرات أمريكا ما تزال تحكم البلاد ..نظام الخوف، هذا ما وصفه به معهد بيو للبحوث الامريكية ليس النظام العراقي فحسب، بل الأجواء والظروف التي قادت لخلقه في داخل الولايات المتحدة منذ العام 2003 وحتى اليوم، موضحا بان الغزو الذي استخدم واظهر القوة العسكرية الامريكية بالكامل، قاد الى نتائج عكسية، بدلا من رفع مستوى سيطرة الولايات المتحدة، فقد قاد الى “فقدان ثقة عام بالسلطة الامريكية، وابعاد للحلفاء عن النهج الأمريكي”.
معهد بيو وضح ان 62% من الأمريكيين يرون بان حرب العراق لم تكن تستحق الخوض فيها لما قادت اليه من نتائج سلبية على العراق والولايات المتحدة ذاتها، مبينة، ان “ثقافة الخوف” التي حرصت الإدارة الامريكية على استخدامها كمبرر للغزو عام 2003، انتقلت الى العراق خلال إقامة نظامه الجديد.
النظام الحالي “انتهى امره”… حان الوقت لــ “نظام جديد”
العراق بحاجة الان الى “إصلاحات جذرية”، هذا النظام بحسب صالح “قد انتهى امره”، موقف يبدوا ان وسائل الاعلام الأجنبية بشكل عام والأمريكية قد اتخذته أيضا من خلال مضامينها التي توقعت ان ينتهي نظام المحاصصة الحالي بشكل “غير سلمي” اذا ما استمر على نهجه الحالي بحسب أي بي اس، ومعهد دراسات الشرق الأوسط.
المعهد الذي اكد خلال تقرير له ان “الحل للنظام العراقي الحالي هو الحل”، اكد الى ان العراق يعاني الان من “ازمة نخبوية قد تتحول الى شكل مميت اذا ما استمر”، مشيرا الى ان نظام المحاصصة الحالي ترك اثره الواسع والواضح في نشر الفساد، اضعاف الدولة، والدفع الى عمليات عنف سياسية، مشيرا الى الاشتباكات التي وقعت بين انصار التيار الصدري والأحزاب السياسية على أبواب المنطقة الخضراء، الامر الذي توقعت تكراره بشكل اكبر واكثر دموية في حال استمرار النهج الحالي.
صالح خلال مقاله، عكس تلك المواقف حيث اكد ان العراق “بحاجة الى إصلاحات تقتلع الجذر والفرع” بحسب وصفه، وتخلق “عقدا اجتماعيا جديدا بين الحكومة والشعب العراقي” معلنا ان العشرين عاما القادمة على العراق لن تكون إيجابية ما لم تأخذ بنظر الاعتبار أخطاء العشرين عاما الماضية، تتعلم منها، وتغير من شكل نظامها الحالي.
تعديل الدستور وانتخاب رئيس بشكل مباشر… النظام الجديد يجب ان يطبق
العنف الذي يحذر معهد الشرق الأوسط من تكرار وقوعه في حال استمرار النظام على شكله الحالي، أكدته صحيفة ذا كونفيرشين الامريكية التي قالت ان “فهم العراقيين المميز لوضعهم” على خلاف الأمريكيين، يظهر فرقا كبيرا بين تعامل الإدارة الامريكية مع الملف العراقي، وما يتعامل به الشعب العراقي من نخب سياسية وحتى طبقات اجتماعية، حيث ما تزال واشنطن حتى اللحظة وبحسب أي بي اس، تدعم النظام السياسي العراقي بشكله الحالي، ولا تأخذ بنظر الاعتبار مخاطر استمراره.
اعلان صالح “قرب وفاة النظام” بشكل غير مباشر، تخلله أيضا تقديم ما وصفها بالحلول لمعضلة العراق الحالية، مشددا على ان تغيير النظام يجب ان يتم في اقرب فرصة ممكنة مع تطبيق “إصلاحات شاملة” أولها تعديل الدستور العراقي الذي قال “انه وعلى الرغم من كونه دستورا تاريخيا عند تطبيقه عام 2005، الا انه الان بحاجة الى تعديلات تأخذ بنظر الاعتبار تجربة العشرين عاما الماضية”.
وتابع “من خلال الحوار والنقاش، يمكن للعراقيين التوصل الى حلول وسطى وفاعلة للخلافات العالقة، هذا سيسمح لنا بالبحث في خيارات حكم جديدة تساعد في تحرير البلاد من قبضة نظام الفساد والرعاية ويمنحه شرعية وشعبية اكبر”، مشيرا الى ان الخلافات حول الدستور وتفسير بنوده التي اقترنت بنظام المحاصصة، أدت الى الخلافات الحالية العميقة.
الحلول التي اقترحها صالح تضمنت أيضا إقامة نظام رئاسي يتم خلاله انتخاب رئيس مباشرة من قبل المقترعين ويمنح صلاحيات واسعة، بالإضافة الى تفعيل نظام المجالس الفدرالية التي قال انها ستمنح قوة أكبر للبرلمان وتحرر الرئيس من التبعات التي تفرضها التحالفات السياسية المتبدلة بشكل مستمر.
صالح اقترح أيضا إقامة “نظام كونفدرالي” تكون السلطة فيه لمجالس المحافظات التي يتم انتخابها بشكل مباشر من قبل المقترعين وتجعلهم مسؤولين امامهم عن أدائهم، الامر الذي قال انه سيقود الى “تحرير” السلطة المركزية من تبعات فشلهم، مقترح صالح تعرض للنقد كونه سيكرس لضعف السلطة المركزية الذي تعاني منه السلطة الان، مشيرا خلال مقترحه، الى ان القضاء على الفساد والكليبتوقراطية التي تحكم العراق في إشارة الى سلطة الفساد، هو متطلب أساسي لتحقيق النظام الكونفدرالي.
الرئيس السابق اختتم مقاله أيضا بان النظام الكليبتوقراطي أي حُكم اللصوص هي حكومة يستخدم قادتها الفاسدون السلطة السياسية للاستيلاء على ثروة شعوبهم الذي يحكم البلاد الان سيقود في النهاية (طبعا وهو جزء فعال فيه)”تجريد السلطة من قوتها ويهدد كيانها بكل اشكاله مما سيغذي العنف ويخلق الفرقة”، بحسب قوله، مشددا مرة أخرى على اقتراب النظام الحالي من نهايته، وضرورة إقامة النظام الجديد الذي دعا اليه.
في النهاية، فان التصريحات “غير المسبوقة” التي اطلقها صالح ضد النظام الحالي، تركت اثرها على مضامين وسائل الاعلام الأجنبية ومراكز التحليل والمعاهد التي باتت ترى معظمها بان استمرار النظام العراقي بشكله الحالي امرا لم يعد ممكنا بالنظر الى المعطيات التي قادت رئيسه السابق الى مهاجمته على أساسها، الامر الذي سينعكس أيضا على الساحة السياسية الداخلية في الفترة القريبة، بحسب توقعاتها.
نهاية المطاف
نقول لبرهم وغيره من الذين استغلتهم دول الاحتلال واستغلوا هم فعبثوا بالعراق قتلا وتدميرا وسرقة وفسق وفساد إلى متى تعيشون بمثل هذه العقليّة العفنة، والطائفيّة المقيتة، وتخوين العراقيين الشرفاء، والتفريق بين ابناء الشعب الواحد ولازلتم ترددون اكاذيبكم التي افتريتم بها على العراق وشعبه وزرعتم من هوسكم ارقام واحصائيات عن تشكيل وتكوين ونسب الشعب العراقي ؟ نحن الآن في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، وأنتم ما تزالون تفكّرون بنفس ابتدعتموه انتم وامثالكم من اعداء العراق وشعبه وتاريخه.