بقلم: د. موفق الخطاب
انها ميركل الانسانة العظيمة التي تستحق كل الاحترام ويجب ان تكتب بحقها الدراسات والبحوث لتكون منهاجا للحكام، ميركل التي انتخبها الالمان لقيادتهم فقادت 80 مليون الماني لمدة 18 عاما بكفاءة ومهارة وتفاني واخلاص، ولم يسجل ضدها خلال فترة حكمها اي تجاوزات ولا اختلاسات ولا كذب ولا اختلافات ، لم تكلف احدا من اقاربها ليكون امينا للسر او ليتسلم وزارة سيادية ولا ملأت السفارات بمتخلفين من قومها وعشيرتها و لم تدع انها هي سليلة المجد والاصل والفصل والحسب والنسب وانها ترجع لسلالة نبي ولا ولي، و لم تدع انها صانعة التاريخ والامجاد، و لم تخرج لها المليونيات و لم يهتف بحياتها احد بالروح بالدم… و لم تتلق المواثيق ولا البيعات ولم تتسلم موقعها بالانتخابات الزائفة والصفقات، ولم تشهر بمن سبقوها وتصفهم بالخونة و لم تتفوه بعنجهية فارغة ، ولم تدع انها حررت المانيا ويجب تقسيم وراداتها بين الاحزاب والكتل، ولم تمكن اي دولة من مقدرات بلدها وتعقد الحلف وتسدد من واردت وخيرات بلدها مقابل دعمها وبقائها في منصبها ، و لم تضع خطوط حمراء وتحرم نقدها وتسن قوانين السجن والاعدام لمن يشتمها ، ولم تتسكع في ازقة برلين لتصافح و تلتقط الصور السلفي ولم تصدع رؤوس الالمان بمؤتمرات صحفية اسبوعية تضحك بها عليهم بوضع مواعيد لمشاريع فلكية وكلام فارغ عن الديمقراطية والحرية….
انها امرأة عظيمة بكل المقاييس تعادل أمة بوزنها وهي نسخة من الصعب ان تتكرر حتى في أوربا ونحلم بها في دولنا وأمتنا … بالامس تركت ميركل منصب رئاسة الحزب وسلمته لمن بعدها وغادرت الكرسي وراء ظهرها وشعبها الالماني يكن لها كل التقدير وهو في أفضل حال .
كانت ردة فعل الالمان أن وقفوا قبالها وصفقوا لها بعفوية لدقائق معدودات مفتخرين بها دون أن يتقدم المنصة شاعر شعبي ولا نبطي ولا صخب الموسيقى ولا المواويل ولا الدبكات ولا كلمات واهازيج الحثالة و صفاقة المتلونين و المتسلقين …. لم يتكلف احد ليمنحها اعلى الأوسمة والسيوف والنياشين ولم تحضى حتى بلقب الزعيم وتاج الراس ومختار العصر والقائد الضروره والغيمه الثقيله ولا وداعا يا أميرة القلوب وأميرة الانسانية، و لم يهتف احد (ميركلنا و بس..والباقي كله …) و لم تتفوه هي من جانبها وتقابل المتملقين و( اللكلكيه) يوما بانه (لا خوف على المانيا مادامت ميركل العظيمة بينكم ) !!!
نعم انهم الالمان الذين يستحقون ميركل وتستحقهم، ميركل التي لم تسافر الى بلاد روسيا ولا موناكو ولا مونتي كارلو ولا جزر القمر والواق واق لتلعب الروليت، ميركل التي لم تسافر لتركيا ليتدخل في هندامها أردوغان ! ولم تذهب لتسمع لاغاني التراث الألمان!
ولم تذهب يوما لواشنطن مصطحبة معها عشرات المتخلفين في مواكب تدفع مصاريفها من ميزانية بلدها، ميركل التي لم تسطوا على عائدية القصور الرئاسية او الاثرية لتسجلها باسمها الشخصي واسماء اقاربها، بل بقيت تسكن شقتها المتواضعه في عماره قديمة وهي حتى بدون مصعد مع حارس شخصي واحد!!!
و يا للأسف فعلى النقيض من ذلك فنحن من نصنع الطغاة ونمجدهم وهو يجلدون ظهورنا ليل نهار !!
وجزاءا وفاقا نستحق بجدارة ما نتلقاه منهم من ذل وهوان لنفاقنا وجبننا ،ثم ان من الله علينا وأهلك ذلك الطاغية بكينا عليه دما وتخيلنا صورته تارة في القمر وأخرى في كبد السماء وانزلناه منزلة العظماء فمتى يا قومي ينصلح الحال ؟؟ فكفاكم غباءا وتخلفا وعبودية تصفقون لأشباه الرجال !!!