جاءت كلمة مبعوث الأمم المتحدة إلى العراق، يان كوبيش، الخميس، أمام منظمته الدولية في نيويورك، بمثابة جردة حساب أممية حول الأوضاع في البلاد التي انتدب للعمل فيها خلال مرحلة حرجة من تاريخه المعاصر، والمتمثلة بسيطرة تنظيم داعش على أكثر من ثلث مساحته.
وعلى الرغم من إن أنظار ملايين العراقيين ممن تحولوا إلى ضحايا التنظيم الإرهابي وصاروا مهجرين ونازحين، وعشرات الآلاف من الأيتام والأرامل، تتوجه إلى الأمم المتحدة بغية تقديم العون اللازم للتخفيف من مآسيهم، الا أن كوبيش رمى بالكرة في ملعب الحكومة العراقية والحكومات المحلية التي لايثق الضحايا بقدرتها على التخفيف من معاناتهم.
مبعوث الأمم المتحدة شدد على أن الانتصار العسكري على داعش، هو “عنصر واحد فقط من معركة معقدة تعالج الأسباب الجذرية للأيديولوجية المتطرفة”، موضحا إن “داعش ما يزال قادرا على مواصلة الهجمات المدمرة العشوائية ضد السكان المدنيين العراقيين، وضد المدنيين على صعيد العالم”.
لماذا إنضم عراقيون إلى داعش؟
وبدت جملته “داعش يتراجع ولكن لم يقتلع من العراق”، مثيرة لجهة تحديد مسؤولياته حيال منظمته من جهة، والحكومة العراقة من جهة أخرى، حتى مع توضيحه إن اقتلاع داعش يمكن تحقيقه “فقط من خلال هزيمة ايدولوجية التنظيم التكفيرية المروعة، وخنق مصادر دعمه الخارجي، ومعالجة الأسباب التي دفعت الكثير من العراقيين للانضمام إلى داعش أو التسامح معه،وبهذا يمكن أخيرا القضاء على هذه المنظمة الإرهابية”.
ومع اقراره بحقيقة إن داعش فقد 95 في المئة من الأراضي التي كانت يسيطر عليها في العراق وسوريا، وتم تحرير أكثر من 7.5 مليون شخص من قبضته، إلا أن كوبيش ينوه إلى “هذا الانتصار قد تحقق بتكلفة باهظة جدا”، فثمة آلاف المقاتلين والمدنيين قتلوا أو جرحوا، وأن مئات الآلاف من الأطفال تم غسل أدمغتهم، ومدن بأكملها في حالة خراب، ونزوح نحو ستة ملايين شخص.
وعلاوة على ذلك، فإن داعش قد أدى إلى إبادة أو استعباد آلاف المسلمين، فضلا عن طوائف الأقليات، ولا سيما النساء والفتيات، في أعمال ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، وربما حتى الإبادة الجماعية.
وشجع السيد كوبيش التحالف العالمي ضد داعش على مواصلة الجهود العسكرية وغير العسكرية لمساعدة العراق على ضمان هزيمة داعش الدائمة والمستدامة.
السلاح خارج الدولة العراقية؟
وحدد ما يبدو مسؤويات عراقية، فيجب إعطاء الأولوية لتيسير العودة الطوعية للمشردين داخليا وتحقيق الاستقرار والتعمير والإصلاح. وسيكون من الأهمية بمكان أيضا إصلاح قطاع الأمن وإنفاذ القانون والنظام ضد الجماعات المسلحة خارج سيطرة الدولة، بما في ذلك العصابات الإجرامية والميليشيات والعناصر القبلية والعشائرية.
التوتر بين بغداد وأربيل
ولفت كوبيش إلى أن من بين الشواغل الحالية البارزة لعمله في العراق، التوتر بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان، بينما رأى حل جميع القضايا العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان “من خلال حلول مستدامة تستند إلى الدستور”، مشيرا إلى أن بعثته دعت إلى “إجراء مفاوضات فورية بين الحكومتين بشأن قضايا مثل الميزانية والرواتب والصادرات النفطية”.
وتطرق المبعوث الأممي الى الانتخابات قائلا أن “مجلس مفوضى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لديه مهمة شاقة فى المستقبل بما فى ذلك اجراء انتخابات في جدول زمنى ضيق ومخاوف أمنية”، وشدد على قيام مجلس النواب العراقي بإصدار تشريع لضمان إجراء الانتخابات في 15 أيار / مايو 2018، فيما تم إيفاد بعثة للأمم المتحدة لتقييم الاحتياجات الانتخابية للمساعدة في تحديد المجالات ذات الأولوية للدعم.