بعد شهر على إعلان “النصر” على تنظيم “داعش” الإرهابي في العراق من قبل رئيس الوزراء العراقي، “حيدر العبادي”، تنطلق التحذيرات بوجود أماكن قابلة لرجوع “داعش”، في الوقت الذي يصرح قائد عمليات “نينوى”، اللواء “نجم الجبوري”، باستمرار التنسيق بين قيادة العمليات المشتركة والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة للقضاء على بقايا تنظيم “داعش” في المحافظة، مشيرًا إلى مواصلة عمليات التفتيش بمناطق “نينوى” الصحراوية، موضحاً أن العملية الأمنية التي تم تنفيذها قبل أيام أسفرت عن مقتل 17 عنصراً من عناصر تنظيم “داعش” الإرهابي.
وأشار إلى أن التنسيق المشترك ساهم في إنجاح غارات التحالف، التي إستهدفت مقرات وأنفاق التنظيم الإرهابي.
لديهم قدرة للسيطرة على المناطق الحدودية..
يحذر مسؤولون وخبراء من أن “مسلحي تنظيم داعش مازالوا قادرين على إستعادة السيطرة على مناطق في العراق، خصوصاً القريبة من الحدود السورية”.
“علي البياتي”، آمر أحد ألوية “الحشد الشعبي” في ناحية نمرود الأثرية جنوب الموصل، يقول: إن “أمن المدينة هش، ويمكن أن ينهار في أي لحظة”.
وكانت السلطات العراقية قد أحتفلت، الصيف الماضي، بإستعادة “الموصل” المجاورة، في شمال البلاد، لكن الآن، فإن “عناصر وجيوب وجماعات مسلحة هربت من الموصل” مازالت ناشطة في المنطقة، وفق ما قال “البياتي”.
موضحاً القيادي في “الحشد الشعبي” إن هؤلاء “يختبئون في مناطق صحراوية غرب الموصل” تمتد على آلاف الكيلومترات المربعة الحدودية مع سوريا، و”ينفذون هجمات تستهدف القوات الأمنية والأهالي على حد سواء”.
يستغلون المناطق الصحراوية..
أضاف بأن هؤلاء المسلحين “يستغلون المناطق الصحراوية والوديان والهضاب والحفر والمخابئ التي سبق أن حفروها، (قبل إستعادة الموصل)، وقد هيأوا كافة إحتياجاتهم من الأسلحة والأعتدة والماء والوقود والغذاء بما يوفر لهم إمكانية الإختباء لفترات طويلة”.
وتقع “نمرود” جنوب “الموصل”، في محافظة نينوى، حيث “تم إعتقال أكثر من 4000 عنصر من تنظيم داعش”، منذ إستعادة ثاني أكبر مدن البلاد في العاشر من تموز/يوليو 2017.
ملاحقة الخلايا الإرهابية النائمة..
كان رئيس الوزراء، “حيدر العبادي”، قد دعا قبل أيام إلى “ملاحقة الخلايا الإرهابية النائمة” للمتشددين، بعد هجوم انتحاري طال العاصمة بغداد، وأسفر عن مقتل 31 شخصاً، وهي الحصيلة الأعلى منذ إستعادة “الموصل”.
ليست نائمة وإنما نشطة قادرة على شن هجمات..
فيما يقول الباحث في شؤون الجماعات المسلحة، “هشام الهاشمي”: “يمكننا القول الآن إن مصطلح خلايا نائمة هو مصطلح خاطئ، بل هذه الخلايا ناشطة وقادرة على شن هجمات وأيضاً إستعادة السيطرة على بعض النواحي والقرى”.
لافتاً إلى أن “هناك ضبابية واضحة وعدم رؤية كاملة للأجهزة الاستخباراتية والمعلوماتية العراقية عن هذه الخلايا”.
يرتدون الزي العسكري لتنفيذ العمليات..
قال عضو مجلس محافظة نينوى، “عايد اللويزي”، أنه قد تعرض عدد من أهالي مدينة “الموصل” نفسها للإستهداف.
وأوضح “اللويزي”؛ أنه “بحسب المعلومات التي وصلتنا، تعرضت مناطق إلى هجوم في جنوب الموصل، كما تعرض مواطنون داخل مدينة الموصل إلى عمليات سطو واغتيالات، وقسم من المعتدين (كانوا) يرتدون زياً عسكرياً”، وأكد على أن “غالبية الهجمات يشنها بقايا عناصر تنظيم داعش؛ يوجدون في مناطق الجزيرة شمال الحضر وبإتجاه قضاء تلعفر وناحية تل عبطة وحدود محافظة الأنبار”.
وأعتبر “الهاشمي” أن “هذا دليل على أن إعلان العراق للنصر العسكري على (داعش) يعني أنه لم يعد لهم مبان سكنية أو حكومية أو مأهولة ترفع عليها راياتهم فقط”.
ويشير هذا إلى وجود متشددين في مناطق لا تزال تخضع لضربات من التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة. ويوضح المتحدث باسم التحالف، “راين ديلون”، أن التحالف الدولي يدعم القوات العراقية بضربات في مناطق جنوب الموصل “ضد مخابئ عتاد ومتفجرات وقذائف”.
عادت نفس الظروف الأمنية التي أدت لسقوط الموصل بيد “داعش”..
لكن المشكلة، بحسب “اللويزي”، هي أن “التحرير حرر الأرض جغرافياً وسيطر عليها، لكن لم يتم القضاء على عناصر (داعش) بشكل كامل”، ولهذا السبب، يضيف “اللويزي”: “عادت إلى الواجهة الظروف الأمنية نفسها التي أدت إلى سقوط الموصل بيد (داعش) في العام 2014”.
ولتجنب السقوط في أخطاء الماضي، أقدم التحالف، منذ أشهر، على تدريب “القوات العراقية لتنتقل من مرحلة القتال إلى مرحلة عمل الشرطة ومواجهة المخاطر المحدقة”.
تٌفَشل محاولات التسلل على الحدود..
تؤكد قوات “الحشد الشعبي”، المنتشرة على طول الحدود العراقية – السورية، أنها تُفشل يومياً محاولات تسلل للمتشددين، وفي إتجاه الشرق، في منطقة “الحويجة” التي كانت واحدة من آخر معاقل تنظيم “داعش” في العراق، مازال المتشددون يواصلون عمليات التصفية والقتل، ومنذ بداية العام، قتل ثلاثة مدنيين على الأقل ومقاتل واحد على الأقل من “الحشد الشعبي”، وفي المقابل، أشارت المصادر نفسها إلى أن نحو 60 متشدداً قتلوا في تلك الإشتباكات.
استخدام هويات مزورة لتسهيل التنقل..
تواردت أنباء عن تنقل عناصر هاربة من تنظيم “داعش” مستخدمة هويات مزورة لتسهيل حركة التنقل في المدن العراقية، وخاصة “نينوى”، فيما أكدت قيادة عمليات محافظة نينوى، على أنها تتابع الأنباء التي تحدثت عن استخدام عناصر تنظيم “داعش” الإرهابي هويات مزورة للتنقل داخل المحافظة.
وقال قائد العمليات، “نجم الجبوري”: إن “هناك معلومات يجري متابعتها عن تحركات لعناصر داعش بهويات مزورة في الموصل وعموم نينوى”.
وأضاف: “لا يوجد أي شخص تم إعتقاله بالجرم المشهود، لكننا نتابع الأمر لغرض فرض الأمن والإستقرار”.
استخدام البطاقة الموحدة هو الحل..
موضحاً: أن “حل هذه المشكلات يكمن في البطاقة الموحدة لإعتبارات عدم إستطاعتهم تزويرها”.
وكان نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية، “نايف الشمري”، قد دعا، الأربعاء الماضي، إلى تفعيل البطاقة الوطنية للحد من تنقل الدواعش بهوياتهم المزورة في “الموصل”، موضحاً أن بعض الدواعش لجأوا إلى استخدام الهويات المزورة للتنقل بين القرى والنواحي والمدن في محافظة “نينوى” لإحداث إرباك أمني فيها.
الخلايا النائمة موجودة لكن تأثيرها نسبي..
تعليقاً على التحذيرات رأى النائب في البرلمان العراقي، “حبيب الطرفي”، أن “داعش” إنتهى بالكامل من الأراضي العراقية على يد الجيش والقوات الأمنية، لكن الفكر الداعشي يحتاج إلى وقت زمني أطول للقضاء عليه.
لافتاً إلى “وجود بعض الخلايا النائمة في أماكن متفرقة من العراق، لكن تأثيرها نسبي، والقوات العراقية أصبحت محترفة، ولن تجرؤ القوى الإرهابية على الدخول مجدداً في صراع معها”.
وشدد البرلماني العراقي على أن المشكلة هي مع المحيط الإقليمي والعربي بشكل خاص، لأن له دور في هذه القضية. لكن العلاقات مع هذه الدول تغيرت وأصبح من مصلحتها أن يكون العراق أمناً.
الصراعات السياسية تنعكس سلبياً على باقي الأوضاع..
من جانبه، أكد الكاتب والمحلل السياسي العراقي، “محمد الفيصل”، أن للصراعات السياسية في العراق إنعكاس سلبي على الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية.
مضيفاً: أن “البعض يتربص في العراق ويتحين الفرصة للإنقضاض على الوضع الأمني، لا سيما مع وجود أجندة خارجية وعصابات إرهابية تتحين الفرصة لخلق بيئات حاضنة أخرى تنطلق منها إلى المدن والقصبات العراقية”.
لكنه شدد على أن المنظومة الأمنية العراقية “تعيش في حالة جيدة، وتحصد نجاحات، وما تحاول العصابات الإرهابية القيام به من إستهداف للأمن في العراق لا تعدوا كونها سكرات موت بالنسبة لهذه المجموعات”.