يواجه رئيس الوزراء العراقي، “حيدر العبادي”، تحدياً جديداً عقب إنتهاء الحرب على تنظيم “داعش” الجهادي، وهو التعامل مع الميليشيات ووضعها تحت سيطرة الدولة.
ولا أحد يشكك في أهمية الدور الذي لعبته الميليشيات العراقية؛ مثل “قوات الحشد الشعبي”، في مساندة الجيش العراقي وقوات مكافحة الإرهاب، ومع ذلك لا يوجد إجماع على شكل مستقبل هذه الجماعات، فبعضها حصل على سلطة كبيرة وقوة سياسية، بينما يرغب “العبادي” في تحويل ولاءها الحزبي إلى ولاء للوطن، حسبما ذكرت صحيفة (البايس) الإسبانية.
بين الحل والإدماج..
يناقش العراق منذ عدة أشهر مصير هذه الميليشيات، وطالب قادة من الطائفة السنية والأكراد بحل هذه الجماعات لأنها مسؤولة عن إرتكاب إعتداءات ضد مجتمعاتهم، بينما أعلن “العبادي”؛ منتصف كانون أول/ديسمبر الماضي، أن “الحكومة تعمل على إدماج قوات الحشد الشعبي في القوات العراقية وفقاً للإطار القانوني ووضع كل الأسلحة تحت سيطرة الدولة”.
كما دعا المرجع الشيعي، آية الله “علي السيستاني”، إلى إدماج المتطوعين الذين شاركوا في الحرب على “داعش” وقادرين على حمل السلاح في الهيئات الأمنية، محذراً من إمكانية إستغلالهم لأهداف سياسية.
وكان “السيستاني” قد أصدر، في حزيران/يونيو 2014، فتوى شرعية حث فيها القادرين على حمل السلاح إلى التطوع في صفوف الجيش العراقي، الذي عانى من الترهل وقتها، لمنع تقدم العناصر المتطرفة، إذ كانت قوات “داعش” قد إقتربت من دخول العاصمة بغداد، ونتيجة لدعوته تطوع الآلاف من المواطنين العراقيين إلى الإنضمام للجيش للمشاركة في الحرب على التنظيم الإرهابي، وشكلوا ميليشيات أغلبها مرتبطة بمجموعات سياسية شيعية ممولة من “إيران”.
تعميق الأزمة وعبء على الدولة..
رغم أن هذه الميليشيات لعبت دوراً كبيراً في فترة شهدت عجزاً كبيراً في الجيش، إلا أن تجاوزات بعض عناصرها في المناطق التي تم تحريرها، حولها إلى سلاح ذو حدين يهدد بتعميق الأزمة الطائفية.
وصرح نائب رئيس مجلس الوزراء العراقي السابق، “صالح المطلك”، لصحيفة (البايس)، بأن “تشكيل الحشد الشعبي كان لضرورة، ومهمته إنتهت بنهاية الحرب على داعش، كما أن بعض عناصره على صلة بإيران، وهناك الكثير من الأسلحة بعيدة عن سيطرة الدولة وهو ما يؤثر على الإستقرار”.
بينما يرى المتحدث باسم منظمة بدر، “كريم النوري”، أن “نهاية الحرب على داعش لا تعني نهاية الإرهاب، ومن الأفضل أن تبقى القوات المدربة تحت ملاحظة الحكومة بدلاً من أن تظل حرة، لذلك ندافع عن فكرة ضمها لقوات الدفاع الوطنية”.
وأمام زيادة عدد المجموعات المسلحة، قرر “العبادي” ضمها لقوات الدفاع أواخر عام 2016، إلا أن هذه الخطوة تسببت في زيادة العبء على الدولة من الناحية المادية؛ إذ إضطرت إلى دفع مرتبات إضافية، ومع ذلك لم يمثلوا أبداً وحدة واحدة.
القادة يمانعون والعناصر مهددة بالبطالة..
أبدى قادة الميليشيات، الأكثر قوة، ممانعتهم في خسارة الهيمنة التي حصلوا عليها، وأعلنوا أنهم لن ينصاعوا لأوامر الحكومة، وبعيداً عن الصمود السياسي يواجه عناصر هذه المجموعات أزمة، لأن ليس لديهم فرصة متاحة للعمل، لذا يسعى “العبادي” إلى الحصول على موافقة الفصائل المختلفة على الإندماج في القوات الأمنية العراقية.
من جانب آخر، أعلن الأمين العام لحركة (عصائب أهل الحق)، “قيس الخزعلي”، أنه سيضع مقاتليه تحت إمرة رئيس الوزراء العراقي “حيدر العبادي”، وسوف يكتفي بالجناح السياسي للحركة كحزب سياسي، كما دعا “مقتدى الصدر” أعضاء (كتائب السلام)، المنتمية إلى “الحشد الشعبي”، إلى تسليم المناطق الخاضعة لسيطرتهم لقوات الأمن العراقية ووضع الأسلحة التي بين أيديهم تحت سيطرة الدولة، بينما يشكك محللون في صدق هذه الخطوة ويعتقدون أنه يهدف بها السماح لهم بالمشاركة في الإنتخابات المزمع عقدها في آيار/مايو المقبل.