حديث هنا وهناك عن تغيير كبير في إتجاه إعادة العلاقات، ولو بحذر، بين مصر وتركيا.. البلدين اللذان شهدا تدهوراً كبيراً في العلاقات على مدار 4 سنوات.. فما الذي تغير أم أنها ضرورات السياسة.. أعداء الأمس حلفاء اليوم ؟!
4 سنوات من الخصومة..
فبعد أربعة سنوات من الخصومة والقطيعة تفصح “القاهرة” عن إستعدادها لتجاوز أي توتر بينها وبين “أنقرة” !
إستعداداً، يقول عنه وزير الخارجية المصري “سامح شكري”، إنه رداً على رغبة مماثلة بالتقارب من الجانب التركي !
ليست المرة الأولى التي تبادر فيها القاهرة بالتقارب..
ليست هذه المرة الأولى التي تعرب فيها القاهرة عن إنفتاحها على عودة العلاقات بينها وبين أنقرة، فقد سبق لوزير الخارجية المصري أن تحدث أكثر من مرة عن تغيير في لهجة القيادة في تركيا تجاه النظام في مصر، وإنخفاض لمسته القاهرة في وتيرة ما سماه “الهجوم التركي الرسمي” !
وفد دبلوماسي مصري رفيع يشارك في “قمة القدس”..
المتابع للخلاف المصري التركي، يلحظ خطوات من الجانبين تشي برغبة في تهدئة التوتر، إذ أرسلت القاهرة وفداً دبلوماسياً برئاسة وزير الخارجية “سامح شكري” إلى أسطنبول للمشاركة في “قمة التعاون الإسلامي من أجل القدس”، وهو تمثيل رفيع مقارنة بتمثيل السعودية والإمارات على سبيل المثال.
وبالنظر إلى أن “شكري” نفسه؛ كان قد إنسحب من قمة أسطنبول العام الماضي، لمجرد تسلم الرئيس التركي رئاسة القمة الإسلامية آنذاك، فإن ما حدث هذا العام يؤكد على أن الأمور في طريقها للتحسن.
“أردوغان” يرغب في العفو عن السجناء..
كذلك أشارت أحاديث صحافية للرئيس التركي، “رجب طيب أردوغان”، مؤشرات على رغبته بتحسين العلاقات وتجاوز الخلافات مع مصر من بوابة العفو عن السجناء السياسيين هناك، من دون أن يتطرق لمصطلح “الانقلاب العسكري”، الذي أعتاد ترديده منذ الإطاحة بالرئيس المصري الأسبق “محمد مرسي”، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين..
فالعلاقات بين مصر وتركيا كانت قد شهدت أسوأ مراحلها، بعد أن أظهرت تركيا موقفاً صارماً تجاه الإطاحة بـ”مرسي” من حكم مصر بعد مظاهرات دعمها الجيش المصري، وما رافق ذلك من ملاحقات ومضايقات لعناصر “جماعة الإخوان” والمؤيدين لهم.
تحييد الملف الاقتصادي والاستثمارات بين البلدين..
رغم الخصومة البينة بين البلدين، منذ الثالث من تموز/يوليو 2013 – تاريخ إعلان عزل “محمد مرسي” -، فإنه قد تم تحييد الملف الاقتصادي والاستثماري، وظل بمنأ عن معارك السياسة، فلم تتوقف الزيارات المتبادلة للوفود الاقتصادية من البلدين في حين أرتفعت الصادرات المصرية إلى تركيا بنسبة فاقت 50% خلال الأشهر الأخيرة.
تأتي تركيا في المركز الخامس أوروبياً، من حيث حجم الاستثمار في مصر، وفي ظل ضغوط وأزمات تهدد المنظومة الاقتصادية المصرية، يعد الإبقاء على المصالح الاقتصادية القائمة مع تركيا أولوية للحد من إنسحاب رؤوس الأموال من السوق المصرية !
تطبيع العلاقات ربما يطال مؤسسات “فتح الله غولن” !
بخلاف ضرورات الاقتصاد، فإن تطبيع العلاقات الاقتصادية دونه حسابات أكثر تعقيداً، إذ ربما تكون تركيا راغبة في تهدئة شاملة عربياً وإقليمياً، إلا أنها لا تريد أن يأتي ذلك على حساب مباديء كرفض الإطاحة بالرؤوساء المنتخبين عبر تدخل من الجيوش.. مثلما حدث في مصر عام 2013.
تتشدد تركيا في تعاون مصري حقيقي لإجتثاث مؤسسات في مصر تتبع للداعية الإسلامي التركي “فتح الله غولن”، المتهم الرئيس بتدبير محاولة الانقلاب على “أردوغان” في تموز/يوليو 2016.
في المقابل يصر النظام المصري على عدم التدخل في شؤون مصر الداخلية، وهنا إشارة لإستضافة تركيا قادة من المعارضة المصرية؛ ومن “جماعة الإخوان” تحديداً، فضلاً عن سماح السلطات التركية بإطلاق محطات فضائية توصف بالمناوئة لنظام الرئيس المصري “عبدالفتاح السيسي”.
تقارب مصر مع قبرص واليونان أزعج “أردوغان”..
يرى كثيرون، من مصر وتركيا، أنه من الوارد جداً أن تغادر العلاقات المصرية التركية دائرة القطيعة، من خلال تهدئة الخصومة لا تجاوزها تماماً، لكنها قد لا تعود إلى الحميمية التي كانت عليها قبل أكثر من 4 سنوات بين “مرسي” و”أردوغان”.
فقد وجدت أنقرة نفسها الآن في عزلة، بل هناك ضغط مصري في إتجاه إستغلال الملف القبرصي وتصعيده في مواجهة تركيا، فضلاً عن التقارب المصري الروسي، الذي يرى “أردوغان” أنه قد يرغمه على التعامل مع مصر كحليف استراتيجي في وقت من الأوقات، إما بالتنسيق مع روسيا أو بغير تنسيق !
إسكات المعارضة وتسويق الغاز المصري !
مصر كذلك، تريد إسكات ذاك الصوت المعارض الذي يزعج السلطات فيها، وربما يكون له تأثير غير مباشر على اقتصادها بترديد وتضخيم التأثيرات الاقتصادية على المصريين، فضلاً عن تناول ملف حقوق الإنسان عبر شاشات قد يشاهدها الأوروبيون، ما يسبب ملاحقات للحكومة المصرية، وأخيراً فإن لدى القاهرة رغبة في استثمار تركيا كمسوق للغاز المصري الذي بدأ إكتشافه مؤخراً بكثافة !