تعرّضت قاعدة «عين الأسد» في محافظة الأنبار الغربية، و»حرير» في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، اللتان تستضيفان عسكريين أمريكيين، إلى هجمات بطائرات مسيّرة، أمس الأربعاء، دون تسجيل ضحايا أو أضرار مادية، في أول ردّ للفصائل العراقية المسلحة، على الأحداث الدائرة في فلسطين وما جرى من استهداف لمستشفى المعمداني في قطاع غزّة، وسط تصاعد المطالبات بإخراج القوات الأمريكية من الأراضي العراقية.
وأعلن مسؤولان أمريكيان، إحباط الجيش الأمريكي هجوما استهدف قواته في العراق في وقت مبكر من صباح أمس، واعترض طائرتين مسيرتين قبل أن تصلا إلى هدفهما.
ووفق «رويترز» فإن «مسؤولين أمريكيين أكدا أن الجيش الأمريكي أحبط هجوما استهدف قواته في العراق في وقت مبكر من صباح يوم الأربعاء (أمس) واعترض طائرتين مسيرتين قبل أن تصلا إلى هدفهما».
وأحجم المسؤولان، اللذان طلبا عدم ذكر اسميهما، عن «الإفصاح عن الجهة التي يشتبهان في تنفيذها الهجوم» وأوضحا أن «الطائرتين المسيرتين تم اعتراضهما لدى استهدافهما قاعدة عين الأسد الجوية (في الأنبار) في العراق التي تستضيف قوات أمريكية».
في غضون ذلك، تبنّى فصيل «تشكيل الوارثيّن» استهداف قاعدة «حرير» في أربيل بطائرة مسيرة.
الفصيل الشيعي أفاد في بيان مقتضب أنه «ضمن عمليات إسناد طوفان الأقصى. نعلن استهداف قاعدة الاحتلال الأمريكي في شمال العراق (قاعدة الحرير) بطائرة مسيرة في تمام الساعة الثانية عشر من ظهر يوم الأربعاء (أمس)». يأتي ذلك في وقتٍ أعلنت «فصائل المقاومة» الشيعية في العراق، تشكيل غرفة عمليات مشتركة لإسناد «طوفان الأقصى».
وذكرت في بيان صحافي أنه «انطلاقاً لتأدية الواجب والتكليف الشرعي، نعلن عن تشكيل غرفة عمليات مشتركة تضم تشكيلات المقاومة الإسلامية في العراق للإشراف على العمليات تحت اسم (عمليات إسناد طوفان الأقصى)» دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.
يأتي ذلك في وقتٍ اتسعت فيه دائرة المطالبات بـ»إخراج» القوات الأمريكية المتواجدة في العراق بصفة «مستشارين عسكريين».
وحذّرت «كتائب حزب الله» في العراق من تكرار «مجازر أبشع» من تلك التي يشهدها القِطاع المحاصر منذ أكثر من أسبوع في العراق.
وأوضحت في بيان صحافي تعليقاً على استهداف المستشفى في غزّة، إن «ما تعرض له شعبنا العراقي في السنوات الماضية من جرائم قتل وتهجير وتفجير على يد داعش صنيعة أمريكا، يتكرر بوحشية اليوم بحق المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ غزة الصمود من قبل الصهيونية الإجرامية المدعومة أمريكيا».
وأشارت «الكتائب» المنضوية في «الحشد» إن «الإدارة الأمريكية التي تساند التوحش الصهيوني في قتل الأبرياء تحت أنقاض منازلهم، بل وملاحقة من نجا من إجرامهم لتكمل قتله في المستشفيات، لهي عدوة الشعوب والإنسانية بحق، وإن استمرار وجود قواتها على أرض العراق ينذر بارتكاب مجازر بحق العراقيين قد تكون أبشع مما يحدث في غزة».
ورأى البيان أنه «لحماية الإنسان وكرامته في أرض الحسين (عليه السلام) يجب مغادرة هؤلاء الأشرار من البلاد، ودون ذلك فإنهم سيذوقون نار جهنم في الدنيا قبل الآخرة».
كذلك، دعا رئيس مجلس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي، إلى تفعيل قرار مجلس النواب الذي يقضي بـ»انسحاب القوات الأمريكية والناتو» بكل مسمياتها من العراق، على خلفية الأحداث الجارية في قطاع غزة بفلسطين.
أما زعيم حركة «عصائب أهل الحق» المنضوية في «الحشد» أيضاً، قيس الخزعلي، فاعتبر أن «لغة الاستنكار والتنديد» لم يعد لها معنى أمام الانتهاكات الإسرائيلية، مشيراً إلى إن «المواقف العملية» هي المطلوبة الآن.
بيان للخزعلي أوضح أن «في مجزرةٍ تجاوزت كلَّ حدود الاعتداءات والانتهاكات والقتل والتدمير والتهجير الذي أمعن فيه الكيان الغاصب منذ أن زرعته يد الاستكبار الغربي في قلب الأُمة العربية والإسلامية بفلسطين السليبة، أقدم العدوان الغادر على قصف مستشفى المعمداني الأهلي بقطاع غزّة، ما أسفر عن سقوط أكثر من ألف شهيد وأضعافهم من المصابين والجرحى من المدنيين الفلسطينيين العزّل الراقدين والعاملين في المستشفى».
واضاف: «نحن نعلم أن لغة الاستنكار والتنديد لم يعد لها معنى أمام هذه الفاجعة الإنسانية الرهيبة، والتي كشفت كل أوراق الصهاينة وحكومات الدول الداعمة لهم في عدوانهم الوحشي هذا. ولم يعد ينفع إلا المواقف العملية المطلوبة كلٌّ بحسبه، وحينها (سيعلمُ الذينَ ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبونَ والعاقبةُ للمتقين)».
من جانبه، وصف رئيس تحالف «الفتح» هادي العامري، مجزرة الاحتلال الإسرائيلي في استهداف مستشفى بقطاع غزة بـ»مذبحة العصر».
وقال العامري في بيان إنه «بالرغمِ من سجلِّه الحافل بأبشعِ وأفظع الجرائم، ألا إنّ التوّحش الصهيوني، قد بلغ ذروته هذا اليوم، بارتكابه مجزرةَ المستشفى المعمداني. مذبحةَ العصر التي لا يمكن أن تُصنّف إلا بوصفها جريمة حرب، لا يليق بالإنسانية أن تقف متفرجةً إزائها، فيلحقها العارُ الأبدي».
وفي وقت سابق من أمس الأربعاء، دخل العراق في حداد رسّمي مدّة ثلاثة أيام تضامناً مع شهداء مجزرة المستشفى في قطاع غزّة.
واستجابت مؤسسات حكومية ورسمية وأخرى طُلابية للدعوة التي وجهها في ساعة متأخرة من ليلية الثلاثاء/ الأربعاء، لأداء «وقفة تضامن» على خلفية أحداث غزّة.
في السياق، رأى مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، إن الحصار المفروض على قطاع غزّة «انتهاك صريح» للقانون الدولي.
الأعرجي ذكر في مؤتمر عشائري في بغداد أمس، أن «ما يجري الآن في غزة والأحداث من قتل الأطفال والنساء والعقاب الجماعي وقطع الماء والكهرباء ومنع المساعدات، هذه القضايا انتهاك واضح وصريح للقانون الدولي والإنساني ولحقوق الإنسان».
وبين أن «العمل الجبان بقصف المستشفى يوم أمس (الأول) وراح ضحيتها المئات من الأطفال والأبرياء، يدفعنا الى عدم التمسك بالبيانات والاستنكارات، لكن يجب أن نقف وقفة جادة مع المجتمع الدولي وإيقاف العدوان ومحاسبة الجناة» لافتاً إلى إن «ما يحصل في غزة كارثة حقيقية وغير مقبولة، ولا بد من الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، ولن يتحقق الأمن والأمان إلا بوجود الدولة الفلسطينية المستقلة».
وتضامناً مع ضحايا المجزرة، قررت الحوزة العلمية الشيعية في النجف، الحداد العام وتعطيل دروسها أمس.
وقالت الحوزة العلمية في بيان: «نعلن الحداد العام وتعطيل الدروس اليوم الاربعاء (أمس) استنكاراً للمجزرة الفظيعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في مستشفى المعمداني في غزّة الجريحة في حلقة جديدة من سلسلة جرائمها المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني المظلوم».
وأضاف البيان أن «استمرار الاحتلال الصهيوني مدعوماً من عدد من الدول الكبرى في اقتراف الجرائم ضد الإنسانية هذه، مما له عواقب خطيرة جداً على المستويين الإقليمي والعالمي» مشدداً بالقول: «فليتنبه أصحاب القرار الى ذلك وليسع الجميع الى الوقف الفوري لآلة البطش الصهيونية عن مواصلة الفتك بالشعب الفلسطيني».
سياسياً، دان تحالف «نبني» قصف المستشفى في غزة، فيما طالب باتخاذ موقف جريء ضد الاحتلال الصهيوني.
المتحدثة باسم التحالف حنان الفتلاوي أعلنت أن تحالفها «يدين بأشد العبارات القصف الوحشي الصهيوني الذي استهدف مستشفى المعمداني بغزة، وينعى ببالغ الأسى والحزن شهداء الشعب الفلسطيني الذين قضوا بالقطاع عامة والمستشفى بصورة خاصة وراح ضحيته نحو 4000 شهيد».
وأكدت أن «ما يفعله الاحتلال الصهيوني الغاشم وبحماية أمريكية وعلى مرأى ومسمع العالم لهو استخفاف واستهتار بالقوانين الدولية، وخروج علني على المواثيق والمعاهدات الخاصة بالحروب، ولاسيما اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12 آب/ أغسطس 1949».
واعتبرت أن «قصف مستشفى يلوذ به مئات الفلسطينيين من نساء وأطفال وجرحى كمكان آمن، هو اعتداء واضح ورسالة جلية بأن الاحتلال الصهيوني لا يكترث بالمناشدات، والإبلاغات من قبل المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، ويفضح بما يقبل الشك السكوت الأمريكي والكيل بمكيالين بما يخص جرائم الاحتلال الصهيوني».
ودعا التحالف «جميع الفعاليات السياسية والرسمية والشعبية إلى الوقوف لجانب الشعب الفلسطيني المظلوم في محنته» مطالباً الشعوب العربية والإسلامية بـ»اتخاذ موقف جريء وتأريخي ضد الاحتلال الصهيوني».
في حين، طالب رئيس ائتلاف «الوطنية» اياد علاوي، الأمم المتحدة باتخاذ اجراءات عقابية بحق إسرائيل.
وقال علاوي في «تدوينة» إنه «ندين ونستنكر بشدة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة التي تطال الأبرياء في غزة الصابرة وآخرها مستشفى المعمداني الذي يمثل مركزاً للإيواء والتداوي» داعياً المجتمع الدولي والقمة العربية إلى «التدخل فوراً لوقف نزيف الدم الفلسطيني وإيقاف جرائم الابادة والاعتداءات اللاإنسانية التي يقوم بها العدوان الإسرائيلي».
وطالب الأمم المتحدة «باتخاذ اجراءات عقابية بحق إسرائيل، وندعو الى مقاطعة الدول التي تدعم وتحمي إسرائيل».
سُنّياً،
أكد رئيس تحالف «العزم» مثنى السامرائي، دعمه لرئيس مجلس الوزراء، باتخاذ أي قرار يتطلبه الموقف بشأن عما يجري في غزّة، وفيما أكد أن الكلمات تعجز عما يجري.
السامرائي أضاف في «تدوينة» له: «تعجز الكلمات عن التعبير عما يجري في غزّة من جرائم إبادة جماعية بحق المدنيين الأبرياء، ولم يبق في قاموس الاستنكارات والشجب ما نقوله. إنها والله لفاجعة كبيرة وجريمة يندى لها جبين الإنسانية، وبدورنا ندعم دولة الأخ رئيس الوزراء باتخاذ أي قرار يتطلبه الموقف».
في الأثناء، استنكر تحالف «تقدم الوطني» بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، استهداف المدنيين والمستشفيات في قطاع غزة، فيما دعا الى إصدار قرار أممي لإيقاف الحرب وإدخال المواد الطبية والإغاثية الى القطاع.
وذكر بيان للتحالف أن «الاستهداف المتعمد للمدنيين الأبرياء وقصف المستشفيات في غزة مستنكر ويستدعي استنفار العالم العربي والدولي، لاتخاذ إجراءات عاجلة، وتنسيق موحد للمواقف، من أجل عقد جلسة طارئة للأمم المتحدة، وإصدار قرار مُلزم لإيقاف الحرب، وفتح المجال، لإدخال المواد الطبية والإغاثية، وان يضع حدا لسفك الدماء».
كما أدانت حكومة إقليم كردستان العراق أيضاً الهجوم على مستشفى المعمداني في غزة.
المتحدث باسم حكومة الإقليم بيشوا هوراماني، أكد في بيان أن «الحرب والهجمات العسكرية ليست حلاً للمشاكل» داعياً المجتمع الدولي إلى «تكثيف جهوده لحماية المدنيين الأبرياء».