قرعت طبول الحرب المقدسة على الفساد فألى اقدس الميادين.
بقلم: عبدالخالق الشاهر
قبل سنين كنت انشر سلسلة مقالات عن ايران وعندما نشرت الجزء السابع عشر بدأت حرب التحرير ضد داعش فأعلنت توقف السلسلة لأني أؤمن بمقولة كل شيء من اجل المعركة .. وكتبت الكثير وظهرت على الفضائيات اكثر ، وكنت ادفع باتجاه أن يكون النصر بأقل الخسائر وأن نستخدم القطعات وفق قدراتها وتقليص الزمن المطلوب والالتزام باتفاقيات جنيف الا ان الذي حصل هو ان قناعتي تركزت في ان القراء كانوا من المثقفين والوطنيين اما السياسيين وقادة العسكر فقد طلقوا القراءة والكتابة لذلك ساروا مع توجهات الدولة العميقة فصار النصر نصرا حزينا مؤلما لأن البندقية غادرت ليحل محلها المدفع والطائرة وغابت مرحلة استثمار الفوز لتحقيق سلم اهلي اجتماعي كما شاءت الدولة العميقة ( معظم الاحزاب الاسلامية ومعظم الفصائل المسلحة )
أكرر مقولاتي المتكررة (( انه فرهود وليس فساد)) و (( انه عمود خيمة العملية السياسية وبسقوطه تسقط الخيمة وبضعفه تضعف اركان الخيمة )) و((الصراع مع الفساد صراع وجود)) وهذه كلها تصب في عدم الاستهانة بالعدو(الفساد) وعدم تصور ان المعركة معه ستكون سهلة ، ويمكن تخيل صعوبته اذا اسلمنا ان جمهورية الفساد تمتلك ميزانية تبلغ 400 مليار دولار وجمهورية العراق مدينة ب 130 مليار دولار ، وموارد جمهورية العراق هي بيد جمهورية الفساد وبدأت الدولة بمحاولة المشاركة الخجولة مع جمهورية الفساد في المنافذ وغيرها فضلا عن ان جمهورية الفساد تمتلك قوات مسلحة لا تقل قوة في حسابات محددة عن قوات جمهوريتنا .. مع عدم نسيان ان ولاء القوات العراقية في مفاصل معينة يتأرجح بين دولتنا ودولة الفساد ناهيك عن ان قواتنا المسلحة هي مؤسسة من مؤسسات الدولة العراقية ولا شك ان الفساد اصابها هنا وهناك كباقي المؤسسات
ما جاء في اعلاه مقارنة مختصرة بين قوات الطرفين ازيدها وضوحا عندما اخبركم اني حضرت محاضرة قبل سنة للمفكر العراقي الكبير نديم الجابري في نقابة المحامين وعندما تداخلت معه ذكر رئيس الجلسة اسمي مقرونا برتبتي وعند خروجنا من القاعة دعاني شابان على فنجان قهوة داخل النقابة بحجة انهما اعجبا بمناقشاتي وافتخرا بثقافتي كضابط .. عرفت انهما من آمري الافواج وقتها وافتخرا كثيرا بأنهما اصدقاء جدا رغم ان احدهما شيعي والآخر سني (اليس شيئا غريبا؟؟!!!) وقصا لي قصة الفساد اختصرها في ان حصيلة آمر الفوج (2 دفتر) واحد له والآخر لآمر اللواء ، وهلم جرا.. سألتهما لم هذا؟؟ اجابا: كي نسدد المبلغ الذي دفعناه للتعيين ، ولذلك لا تجد ضيرا في ان الفرقة السابعة فيها آمر فوج رائد ومعاونه مقدم ومساعده مقدم .. قد يكون كلامهما غير صحيح ان شاء الله ، فضلا عن ان الاصلاح الجزئي بدأ وبخطوات ملموسة وجادة فالقوات المسلحة العراقية لا بديل عنها في الحرب على الفساد المسلح .
تغريداتنا ..كتاباتنا .. مواقفنا .. ساحات التحرير والحبوبي .. كلها ينبغي ان تزج في المعركة المقدسة … اما داعش والطائفية وكل القوى المتخندقة مع الفساد فكلها ستضعف بضعفه وتزول بزواله فهم الوجه الآخر للعملة
وعلينا جميعا ان نغادر حالة تكرار ان الكاظمي يرتدي قميصا ابيض او ربطة خضراء او جاء صدفة او انه امريكي الهوا فكل هذه ليس وقتها ، وهي وقتها لتخدم الخندق الآخر او الذين تعودوا على انتقاد السلطة ..ننتقده لأنه خلع حذائه عند دخوله على السيد الخامنئي ، ولا نمتدحه عندما صرح من طهران (( لا نسمح لأية جهة بالتدخل في شؤوننا الداخلية )) .. كثيرون قالوها قبله ولكن من قالها هناك ؟؟ لنقل لهم ما هو البديل الآن ؟؟ ونسألهم بربهم هل وجدنا خيرا منه ؟؟ وهل وصل احدهم المنافذ ؟؟ وهل قال احدهم ان ميناء الفاو الكبير مسؤولية اخلاقية ؟؟ نتحدث وكأننا لا نعي حجم الاخطبوط في الجانب الآخر او نتخيل ان السيد الكاظمي سوبرمان يطير وينقض على ذلك الاخطبوط ، ونريده ان يطيح بالحيتان الكبار اركان الدولة العميقة في الضربة الاولى كأننا نسينا تجربة عملية الدورة ، او كأننا لا ندري ان مؤسسة الفساد الكبرى هي كأحجار الدومينو عندما تسقط احدها تبدأ باقي اركان المؤسسة بالتساقط او كأننا لا ندري ان ان مدير التقاعد ليس كمدير حقوق المرأة وأن مدير استثمار بغداد ليس مديرا في السياحة ، تلك المديرية التي صادرت ارضا لاحد رموز النظام السابق بالتعاون مع وزارة المالية وعندما بحثت عن سر المصادرة الغريبة وجدته بموجب قرار مجلس قيادة الثورة (30) وباطلاعي عليه وجدت انه يتعلق بتداول الاسلحة ؟؟!! او كأننا لا ندري ان لا سلطة له على الاحزاب والنواب والقضاء.. القضاء الذي هو من سيحسم معركة الفساد سلبا او ايجابا ، وما كل الترتيبات واوامر القاء القبض (صلاحياته) الا تمهيدات لوضع متهمين امام القضاء لا غير ، وتبقى يد الله والشعب فوق ايديهم
21/9/2020