اجتماع فندق بابل ، فشل ام تأجيل إعلان الكتلة الأكبر ؟
اجتماع الأحد بفندق بابل لم يكن على مستوى الطموحات المتوقعة منه رغم التسريبات والأحاديث عن تفاهمات جديدة في طريق تشكيل الحكومة العراقية “المتعثرة” حتى الآن منذ انتخابات آيار / مايو 2018، ولكل له أسبابه وتوجهاته..
رسائل سلبية
لم يتفق المجتمعون إذاً على تشكيل الكتلة الأكبر التي كان ينتظر منها تشكيل الحكومة بنحو 200 مقعد برلماني، بل وصلت رسائل سلبية إلى العراقيين الذين كانوا بانتظار نتائج تنهي حالة ” الحكومة واللاحكومة” التي تعيشها بغداد حاليا..
نعم لم تتفق الكتل ولم يعلن – كما كانت الرغبة – وصول المكونات العراقية المتنوعة إلى صيغة واحدة مقبولة لتشكيل حكومة تضم جميع المكونات، فرغم حضور رئيس الوزراء حيدر العبادي رئيس كتلة النصر “42 مقعدا”، وزعيم كتلة سائرون مقتدى الصدر “54 مقعدا”، وزعيم “تيار الحكمة” عمار الحكيم “20 مقعدا”، وزعيما “الكتلة الوطنية” اياد علاوي وصالح المطلك بـ “25 مقعدا”، إلا أن رفض كتلة “المحور الوطني” السنية الحضور والتي تمتلك “53 مقعدا”، وهو الأمر نفسه الذي تكرر مع الحزبين الكرديين الرئيسيين بنحو ” 47 مقعدا”، أفشل ذاك الاجتماع، مع أحاديث عن تدخل قائد فيلق القدس الإيراني الرجل “المهم” في إيران قاسم سليماني باللحظات الأخيرة وإقناعه للأكراد بعدم دعم العبادي لرئاسة الحكومة مرة أخرى خاصة بعدما أبدى الأخير موافقته لواشنطن على قبول العقوبات الأمريكية على طهران!.
استغلال المواقف وارتباك سعودي أمريكي
وهناك من سارع إلى استغلال هذا الاختلاف، فقرر العمل والتحرك في صمت خلف الكواليس، وهو ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي؛ للقفز بخطوات سياسية كبيرة من أجل الوصول قبل أي طرف آخر إلى تشكيل الحكومة.
على الجانب الآخر هناك من قرأ انسحاب البعض ورفضه الحضور لاجتماع فندق بابل ببغداد خارج المنطقة الخضراء، خروجا على النص وراح يطلق وسائل إعلامه “السعودية” بحملات وأخبار تتحدث عن تدخل قطر وتحكمها في تشكيل الحكومة العراقية!.
وهو منطق يعتمد على مبدأ “الاصطياد في الماء العكر.. فإما أن تكون معي على خط واحد دون جدال أو مناقشة أو أنك مع أعدائي تنازعني مكانتي في المنطقة!.
كيف له أن يتخلف عن المشهد؟!
فكيف يتخلف تحالف المحور الوطني بزعامة خميس الخنجر عن حضور اجتماع بابل ويتسبب في إرباك أعمال هذا الاجتماع.. تتسائل السعودية وتغضب وقبلها يغضب الأمريكيون؟!.
فقد كان الجميع في انتظار تشكيل “الكتلة الأكبر”، وحضور “الخنجر” ومحوره كان من شأنه تحقيق النصاب في تشكيل الكتلة الأكبر، إذ إن بحضورهم كان يفترض أن يلتحق بهم التحالف الكردي جناح “البرزاني”، وهو ما لم يتحقق لأسباب لم تعلن وقتها..
مطلوب تعهدات موثقة
زعيم “تحالف المحور الوطني” خميس الخنجر اشترط قبل حضوره الاجتماع ما يضمن تنفيذ مطالبه وحل قضايا جمهور المحور الوطني بشكل إلزامي ولو بتعهدات مكتوبة أو موثقة، وعلى رأسها خروج مسلحي الحشد من المدن، وهي النقطة التي تحققت بالفعل بعد انتهاء اجتماع فندق بابل.
من ضمن ما طلبه “الخنجر” ومحوره كذلك إعادة إعمار المدن التي دمرت في أثناء الحرب على تنظيم “داعش”، فضلا عن عودة النازحين ومطالب أخرى تصب في مصلحة أهالي تلك المناطق، فهل وصل ما يفيد التعهد بتلك المطالبات؟!.
لا اهتمام بأي مطلب
العكس هو ما قد جرى، إذ إن المجتمعين لم يبدوا أي اهتمام بتلك المطالب، فقد كانت إجابتهم وهمهم الأعظم تشكيل “الكتلة الأكبر”، وهو ما استشعر معه “تحالف المحور الوطني” الذي يضم جمال الكربولي وأسامة النجيفي” عدم الجدية في تنفيذ تلك المطالبات فكان أن تقرر عدم الحضور!
وكنتيجة متوقعة لفشل اجتماع فندق “بابل”، ارتفعت أسهم هادي العامري ونوري المالكي أكثر في تشكيل الكتلة الأكبر، هنا وعلى الفور استشعرت واشنطن والرياض الخطر وبدأوا يضغطون بكل ما يملكون من وسائل على تحالف “المحور” كي ينضم إلى “سائرون والنصر والحكمة”، وهو ما لم يستجب له “تحالف المحور الوطني”، فكان أن أعطيت الأوامر إلى الأذرع الإعلامية السعودية عبر “توجيهات استراتيجية عليا” لنشر أخبار من شأنها أن تشكك في ولاء تحالف المحور كنوع من الضغط على التحالف كي يرضخ ويدعم من ترغب في دعمهم السعودية وأمريكا!.
الأذرع الإعلامية تطلق سهامها
فها هي صحيفة الحياة الممولة من السعودية تنتقد في تقرير لها من بغداد تحالف “المحور الوطني” وراحت توجه لزعيمه الانتقادات اللاذعة؛ لأنه كان متشددا في عدم حضور اجتماع فندق بابل، وبعدها انضمت قناة الحدث السعودية في حملة الانتقاد عينها، وذهبت إلى القول إن زعيم المحور الوطني يمثل إرادة قطر وينفذ مخططها للتدخل في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة!.
يبدو ان المحور يحمل ورقة مطالب سيتحالف مع اي كتلة ستلبيها، وهي مطالب وصفها “الخنجر” بالرئيسية والأساسية ولا يمكن المجاملة فيها، تتمثل في انسحاب مسلحي الحشد من المدن التي تحررت من داعش وإطلاق سراح المعتقلين الذين لم تثبت إدانتهم وإعادة إعمار المدن المدمرة وعودة أهلها إليها، وهي ذات المطالب التي يطالب بها أبناء تلك المنطاق الداعمين للتحالف.