نفذت الولايات المتحدة، بالتنسيق مع فرنسا وبريطانيا، ضربات جوية، فجر اليوم السبت، ضد أهداف في سوريا ردًا على هجوم بالأسلحة الكيماوية في منطقة دوما بريف دمشق.
الضربات أحدث تطور في صراع طويل الأمد ومعقّد مع تداعيات تفوق بكثير سوريا نفسها، ويصل مداها للولايات المتحدة وإيران وروسيا وأجزاء أخرى من أوروبا.
أولًا: الضربات قوية ومحدودة
حاولت الولايات المتحدة وحلفاؤها السير على خط دقيق في الضربات الجوية، حيث ترسل في النهاية رسالة قوية إلى الرئيس السوري بشار الأسد دون إثارة رد عسكري من روسيا وإيران، أقوى حلفاء الأسد.
عملية اليوم السبت كانت أكثر قوة من الضربة الجوية التي أمر بها الرئيس ترامب العام الماضي، فقد كانت هناك ثلاثة أهداف، لكنها تقتصر على ليلة واحدة؛ وموجهة تحديدًا لمنشآت الأسلحة الكيميائية.
وقال وزير الدفاع الأمريكي “جيم ماتيس” عن الأسد، هذه طلقة واحدة، وأعتقد أنها رسالة قوية جداً لإقناعه وردعه عن فعل ذلك مرة أخرى… قد يكون القادم أكثر.
ثانيا: عدم التأخير
الولايات المتحدة وحلفاؤها فضلوا شن الضربة رغم العديد من التطورات التي كانت تشير إلى إمكانية تأجيلها.
وكانت من المفترض أن يصل مفتشين من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية لدمشق اليوم السبت للتحقيق في الهجوم في دوما.
وكان وزير الدفاع “ماتيس” يعمل على إبطاء التحرك نحو رد عسكري، إذ يشعر بالقلق من أن ضربة صاروخية قد تشعل صراعاً أوسع نطاقاً بين روسيا وإيران والغرب.
وأرسل ترامب إشارات متضاربة حول التوقيت؛ في يوم الأربعاء حذر روسيا على تويتر من أن الصواريخ “ستأتي وستكون جميلة وجديدة وذكية” لكن في اليوم التالي، قال:” لم أقل أبداً عندما يحدث هجوم على سوريا سيكون قريباً جداً.
وفي مؤتمر صحفي صباح السبت ، قالت رئيسة الوزراء تيريزا ماي إن الضرابات كانت “الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله”.
ثالثا: الأسد نجا من ضربة جديدة
أرسلت الغارات الجوية رسالة واضحة إلى الأسد، وليس من الواضح هل سوف تغير تفكيره أم لا، خاصة أنه في السلطة بفضل دعم روسيا وإيران.
لقد كان الأسد محاصراً في الأساس منذ بدء الحرب قبل أكثر من سبع سنوات، وفي ذلك الوقت تعامل مع الحرب والضربات الجوية، والعقوبات، ومسلحي الدولة الإسلامية، ومجموعة متنوعة من الجماعات المتمردة واقتصاد متهالك.
وذكرت وسائل الإعلام الرسمية السورية أن العديد من الصواريخ اعترضت، ونشر على تويتر شريط فيديو يظهر الأسد يبدأ عمله في المكتب.
رابعا: انقسام البنتاجون
كان رد الفعل في واشنطن منقسمًا، حيث أشاد الجمهوريون بالضربات، فيما انتقد الديمقراطيون مثل “نانسي بيلوسي” زعيم الأقلية في مجلس النواب، الغارات بشدة.
وقال السناتور “توم كوتون” من ولاية اركنسو في بيان:” لقد تعلم جزار دمشق درسين هذه الليلة بالطريقة الصعبة”.
وشكا السيناتور الديمقراطي “تيم كاين” من ولاية فرجينيا، من أن ترامب لم يطلب الإذن من الكونجرس، وقال إن شن الضربات كان “غير قانوني ومتهور”.
خامسا: روسيا تعترض
دعت روسيا إلى عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ووجهت بعض التحذيرات القاسية قبل الهجوم، لكن سرعة ونبرة رد الفعل اليوم يؤكد أن الهجوم لن يسفر عن مواجهة مباشرة، وكان محدودًا إلى حد كبير.
ووفقا لوسائل الإعلام الرسمية الروسية، أدان الرئيس فلاديمير بوتين الضربات الصاروخية ووصفها بأنها “عمل عدواني ضد دولة ذات سيادة” وضد ميثاق الأمم المتحدة.
سادسا: ماي تتجنب صراع الداخل
قالت رئيس وزراء بريطانيا “تيريزا ماي” إنها تعتقد أن هناك حاجة لإرسال رسالة قوية حول استخدام الأسلحة الكيماوية، لكن لديها أيضا أسباب دبلوماسية وسياسية ملحة لدعم الولايات المتحدة، وتنفيذ الضربات في أسرع وقت ممكن.
ومن الأمور الحتمية الرغبة في الرد بالمثل على الدعم الذي تلقته لندن من الولايات المتحدةفي النزاع مع روسيا بشأن تسميم جاسوس سابق على الأراضي البريطانية.
واستفادت ماي ،التي ربطت صراحة بين الضربات الجوية في سوريا وتسمم سكيربلز، من توقيت الغارات الجوية حيث جاء، قبل يومين من عودة النواب من العطلة، فهي بذلك غير ملزمة بأخذ الإذن من البرلمان.
كما تريد بريطانيا أن تستفيد من اعتبارها حليف لترامب في وقت يتأثر فيه نفوذها الدولي بسبب انسحابها من الاتحاد الأوروبي، عندما تأمل في تعزيز العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة.
سابعا: فرنسا عبرت الخط الأحمر
الرئيس “إيمانويل ماكرون” ناقش إمكانية الضربات الجوية مع البرلمان، وأوضح في وقت مبكر من رئاسته أن استخدام الأسلحة الكيميائية كان “خطاً أحمر”.
وفي حين يضغط ماكرون من أجل الرد العسكري على استخدام الأسلحة الكيماوية، فقد قال أيضاً إنه يريد العمل على التوصل لاتفاق سلام في المنطقة، مما يخلق استراتيجية ثنائية مدعومة من فرنسا، وقام ماكرون بتوثيق علاقته مع ترامب أكثر من الزعماء الغربيين الآخرين، لكنه تواصل مع بوتين.