بقلم: أ.د عبد الرزاق الدليمي
أثار ظهور رغد صدام حسين في سلسلة حلقات بثّتها قناة العربية،الكثير من التساؤلات حول دوافع قناة العربية السعودية في تسليط الضوء فجأة على ابنة الرئيس العراقي الراحل.
وانطلق اللقاء الذي بث على عدة حلقات، وقد حظيت الحلقات باهتمام واسع على مواقع التواصل الاجتماعي ،وحظي وسم #رغد_صدام_حسين مرتبة متقدمة في لائحة الأسماء الأكثر تداولا على موقع تويتر في العراق والأردن والكويت.
صدام حسين القصة التي لم تنتهي بعد وسيبقى حتى بعد موته النقطة الأكثر جدلا في تاريخ العراق الحديث والمعاصر والمنطقة العربية والإسلامية والعالم بأسره
صباح الخير لرجل قيل انه رحل منذ 14 عاماً مازال ذكر اسمه يغير الاحداث.. يربك خصومه حيث كانوا ، فوق هذه الارض تحية لأسم مجرد ان يذكر يغسل وجه اعدائه بالذعر والهلع.
أطلت رغد مرتدية بزة سوداء علقت عليها علم العراق متبوعا بوسام لشعار الجمهورية الشهير النسر، الأمر الذي يشير الى دلالات رمزية،تطرقت رغد إلى رموز حزب البعث ومدى شعبيته وإمكانية عودته للساحة السياسية ،كما حسمت رغد الجدل المثار بشأن وجود ابن لصدام حسين لم يٌعلن عنه، واصفة ذلك بالشائعة.
تحدثت رغد عن حياتها كابنة رئيس سابق وذكرياتها وعلاقتها بوالدها وأخويها، عدي وقصي، خلال الطفولة والصبا، مشيرة إلى أن والدها كان حنونا ولم يستخدم القوة والترهيب مع أبنائه خلافا لما كان يُشاع عنه.كما تناولت الحلقات أيضا تفاصيل عن سياسات صدام وكواليسها وأيام الحصار وغزو الكويت وسقوط حكم والدها بعد الغزو الأمريكي ولم يخلو حديث رغد من انتقاد للنظام الحاكم في إيران وللحديث عن الساسة الجدد للعراق.
وبينت أنها تصدرت الدفاع عن والدها لعدة أسباب، منها حملها لجينات صدام حسين بشكل كبير، ولذلك فإن لديها القدرة على التحمل والحكمة في الإدارة، ولهذا فقد كان لأخواتها ووالدتها ثقة كبيرة بها.
وحول بُعدها عن العراق، ووضعه حاليًّا، قالت السيّدة رغد، مر العراق بمراحل صعبة، وفقدت الناس أحبابها، وهي لا تستطيع اختصار الوضع وتحتاج لسنوات للحديث عنه، والعراقيين تحمّلوا الكثير، وأضافت نحن أسياد وطن، وحين تختار موقع القيادة، عليك تقديم الشهداء هذا واجبنا تجاه الوطن، البلد لا يصلح بأن تعيش فيه بحالة الرخاء فقط، ويجب أن تتحمل البلد بكُل أحواله.
وحول سؤال ما إذا كان العراق أفضل وقت صدام حسين، هُنا رأت السيّدة رغد، بأن شهادتها مجروحة لو قالت بأنّ العراق أفضل وقت والدها، وسيقولون بأنها ابنته وتقول ذلك، لكنّها أكّدت بأنها سمعت من الكثير بأنّ “وقتنا” أفضل، وكان وقت عز، والناس تعيش بعز وتقدير عالي، ولا أحد يستطيع الإساءة لهم، أمّا من يُسيء لحالة مُعيّنة تمس خُطوط السلطة، فكان يكون التعامل معه بشكل آخر، وقد يميل التعامل معه إلى القسوة.وشدّدت ابنة الرئيس الراحل، على أن العراق كان بلد مستقر وثري، وخيراته كثيرة والناس كانت “عايشة”، ومأمّنة على أولادها، حياتها، رزقها، بالقدر المُمكن، ومع الصّعوبات التي عايشتها الناس.
وحول إعدام الرئيس صدام حسين، قالت بأنهم أرادوا كسر الرمز، وجاء المشهد الشجاع لإعدامه كرامة ربّانيّة، ولو أراد الأمريكي منع الإيراني من حُضور الإعدام، لمنعه، واللّوم على الدولة لا على الشعب الإيراني، وخسارتهم بالحرب، جعلتهم يشعرون بالحقد.
هل هُناك حكومة ظل، وعلاقتها بنظام الرئيس صدام حسين أجابت رغد بلهجة واثقة، كل شيء وارد بهذه الأيّام على الساحة السياسيّة، وأكتفي بهذا القدر، وهل يُمكن عودة نظام الرئيس صدام ، قالت لماذا نستبق الأمور، لكل حادث حديث، دعنا نُراقب ختمت رغد حديثها مُبتسمةً.
يرى البعض أن القناة وظّفت اللقاء لاعادة رسم الصورة البطولية للرئيس الراحل صدام حسين …صدام الأب الذي لا يقسو على أبنائه والحاكم القريب من شعبه أيام الحصار،
كانت المقابلة خطوة جيدة تُنهي سنوات التشويه التي طالت صدام وأسرته ولا يزال صدام في نظر الكثير من المعلقين بطلا قوميا وقف في وجه أمريكا وإيران وخذله الحكام العرب.
وما إن يظهر أحد رموز نظام صدام أو يذكر مجدّدا ، حتى يصحبه انتشار مكثف لصور تتغنى بشجاعته وبفترة حكمه عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي،والتطور المثير أن تلك الصور لا تظهر فقط في دول تعرف بدعمها لصدام أو تعاطفها معه، بل باتت تتبناها أيضا دول لطالما كانت على خلاف معه ،وهذا ما بدا واضحا في مقابلات العربية الأخيرة.
نقول ربما يكون هذا اللقاء دليلا على تغير موقف السعودية وإعلامها تجاه الرئيس الراحل صدام حسين، إذ يقرأ بعضهم في ظهور ابنته على قناة سعودية مؤشرا على انطلاق مشروع سياسي تسعى من خلاله الرياض إلى تقديم بديل للحكم في العراق،كما أعتبرها آخرون مجرد مناكفة سياسية تستحضر من خلالها الرياض صورة صدام كقائد حارب إيران، لذا فهم يحصرون رسائل اللقاء في أبعاد إقليمية مرتبطة بمناهضة نفوذ طهران.
وربما ستذهب الامور إلى أبعد من ذلك، حيث يتوقع أن تكون رسالة اللقاء مرتبطة بسياسات الرئيس الأميركي جو بايدن الجديدة في المنطقة، وان الأمر لن ينتهي عند لقاء تليفزيوني وهذا ما ألمحت إليه رغد في رد على سؤال المذيع حول أي دور سياسي لها في المستقبل “كل شيء وارد”، كل الخيارات وكل الاحتمالات (واردة).
وحول التعزية بوفاة أمير الكويت قالت رغد نحن أناس مُسلمون، ونحن أخوة، وهذه هي الإجابة التي أجابتها رغد حول تعزيتها بعد وفاة أمير الكويت الراحل صباح الأحمد الصباح، وأكّدت بأن من أعجبته الفكرة حيّا الله، والذي لم يُحِب الفكرة براحته، وليس من طبع الأخوة التّشفّي بالموت. واضافت لم تكن مرحلة “احتلال” الكويت سهلة، ولم يكن سهلاً على الوالد تقول رغد هذه المرحلة، وتُؤكّد بأن الأمر كان احتِلالاً، ولا تستطيع تجميل الأمر، أخطأنا بحقّهم، وأخطأوا بحقّنا، وهي لم تسأل والدها حول إن كان أخطأ بقراره دخول الكويت، وهي تملك صديقات كويتيات، والحرب كل شيء وارد فيها ،واعتبرت رغد بأن بلادها خرجت منتصرة من حرب العراق مع إيران، وكانت الكويت قد قلّدت والدها وساماً بعد الحرب مع إيران، وكانت دول الخليج هي المُموّل للحرب (ضد النظام في ايران) والداعمة له في تلك الفترة.
وكانت رغد صدام حسين نشرت عدة تغريدات تدعم فيها احتجاجات العراق ضد الطبقة السياسية الحاكمة. وعلقت على ما آل إليه حال بلادها، في رسالة صوتية بثتها عبر حسابها على “تويتر”، بالذكرى الـ14 لإعدام والدها.واعتبرت “رغد” أن ما أسمتها “قوى الشر” اجتمعت لتدمير بلادها، تحت ذريعة الديمقراطية والتحرر، مطيحة بـ”الرئيس الشرعي والدستوري للعراق وباني نهضته كي تصبح بغداد عمود الخيمة العربية”.
وقالت: “لم ترق تلك النهضة للبعض من أعداء يقظة الشعوب، فانساقت حفنة ضالة من حملة الجنسية العراقية، فضربوا البلد وأهله بعصي الشر والطغيان، وكبدوا العراقيين خسائر هائلة من الدماء والأرواح البريئة”.وأضافت: “هؤلاء الذين ظنوا ظن السوء أن التغيير نحو الأفضل سيكون باحتلال العراق وتدمير شعبه وقيادته، ونفذوا جريمتهم القذرة التي انتهت باحتلال البلد في التاسع من نيسان/ أبريل 2003”.
وتابعت: “ذلك اليوم الأسود سيبقى عارا في تاريخ البشرية، وهو اليوم الذي اجتمعت فيه كل قوى الشر للتخلص من رمز العراق والدي الشهيد صدام حسين وقيادته الوطنية، وسقطت بعد ذلك كل الأقنعة لتظهر الوجوه القبيحة لهؤلاء الجناة الذين ادعوا الديمقراطية والتحرير”.
كما نشرت رغد صدام حسين، ابنة الرئيس العراقي الراحل، تسجيلا لوالدها بالتزامن مع الاحتجاجات الواسعة التي تشهدها البلاد.
يقول الرئيس صدام حسين في التسجيل وهو موجه إلى شعبه: “كانوا يتصورون أن بإمكانهم أن يضعوا السلاسل في رقابكم ويأخذوكم إلى طهران، ويلحقون العراق كضيعة صغيرة تابعة إلى بلاد فارس ولكنكم خيبتم ظنهم، وراح تزيدوهم تلقين الدروس اللي يستحقوها”.
وكان لافتاً أن قناة العربية، اختارت تصريح قديم للرئيس صدام حسين بثّته ضمن المُقابلة، وهو يتحدّث عن دخول الإيرانيين بأراضي العراق خمسة كيلو متر، وتأكيده كي يفهم الشعب العراقي حقيقة هذه النوايا، ويقمع هذه الأطماع، و لعلّ هذا التصريح يتشابه مع تحذيرات العربيّة السعوديّة اليوم من التدخّلات الإيرانيّة، رغم اختلاف المشهد السياسي، وفارق الأسباب بين خلافات العراق والمملكة مع النظام الحاكم في إيران ودوره السيئ في المنطقة، فالرئيس صدام حسين لم تكن بكل الأحوال على قائمته مسألة التطبيع مع العدو الصهيوني طِوال فترة حُكمه، ولن يُفكّر بالتوافق مع (إسرائيل) للوقوف بوجه أطماع طهران. ويلاحظ هنا تأكيد رغد بأن الإيرانيين استباحوا العراق بعد غياب السلطة الشرعيّة الحقيقيّة، وبات البلد محطّة سهلة، ولا يوجد ردع حقيقي، والتدخّل الإيراني بات سافرًا.
الامر المهم ان مبادرة اجراء اللقاء كان من قناة العربية حيث وأن رغد صدام حسين جاءت إلى دبي لإجراء هذه المُقابلة ، وهو ما يعني أن المُقابلة جرت بعلم السلطات الإماراتيّة ومُوافقتها ووجود قيادات إعلاميّة في قناة “العربيّة” مُقرّبة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وينفي ما جرى تداوله عن دور أردني في تسهيل والمُوافقة على هذه المُقابلة على الأراضي الأردنيّة، علما ان الدول العربيّة بحسب رغد لم تمنعها من السفر، وهي امتنعت عن السفر 3 سنوات حتى لا تُحرج تلك الدول، ونفت بأن تكون قد زارت العراق مُنذ 18 عاماً.