دكتور مؤيد الونداوي: العلاقات العراقية – السعودية الى أين..؟

العلاقات العراقية – السعودية الى أين

عمان 13 جون \حزيران 2017

في عام 2012 نشرت مقالة مطولة جاءت تحت عنوان (طبيعة الأزمة الراهنة في العلاقات العراقية – السعودية) عرضت فيها الجوانب التاريخية بين البلدين وقلنا ان تاريخ العلاقة كان دوما تحيطه الشكوك المتبادلة والصراع أكثر من علاقات تقوم على اساس من التفاهم المشترك المفيد في تنمية علاقات بين دولتين جارتين مسلمتين وعربيتين تربطهما روابط تاريخية عريقة الجذور وامتدادات جامعة اكثر مما هي مفرقة.

غدا الاربعاء 14 حزيران سيتجه رئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي الى الرياض وهي زيارة كانت متوقعة منذ وقت ليس بالقليل، وقبل الخوض بتفاصيل هذه الزيارة وما نتوقعه منها اشير واذكر ان الرياض قبل 2003 قد تعاونت مع من هم اليوم في سدة الحكم في العراق ولم تقف معارضة لخطط غزو العراق بقدر تمسكها ان لا ينطلق من اراضيها كما حصل عام 1991. والمتتبع لمواقف الرياض من تطورات الاحداث في العراق بعد عام 2003 سيكتشف ان الرياض لم يكن لديها حلفاء كثر أو اقوياء في الادارة العراقية الجديدة. نعم يعد الدكتور علاوي وبعض اطراف الحزب الاسلامي العراقي الاقرب اليها، ولكن في المقابل وجدت الرياض نفسها امام قوى سياسية جديدة هي الجماعات السياسية والدينية الشيعية التي معظم قياداتها قد قضت سنوات طوال في ايران وقد عادت ومعها مجاميعها المنظمة والمدربة والمسلحة وقد سمح لها الامريكان بتولي السلطة في البلاد وازاحة كل من له  صلة مع النظام القديم .

السعودية اصلا لديها مشاكلها السياسية مع طهران، وتاريخ العلاقات السعودية الايرانية منذ عام 1979 يؤشر حجم المشاكل القائمة بين البلدين. طهران  لديها صراعها مع الغرب وهو صراع تصاعدت وتيرته تدريجيا لاسباب عديدة منها عزمها على امتلاك قدرة صناعة قنبلة نووية وتطوير برامج عسكرية طموحة فضلا عن دعمها لحزب الله وحركة حماس وان عملية غزو وتدمير العراق منح ايران حضورا سياسيا وعسكريا واقتصاديا نافذا بشكل كبير في العراق وعلى جميع المستويات،  وهي بمجملها ملفات تقف الرياض والى حد ما موقفا مماثلا للموقف الاوربي والغربي منها، وبالتالي لم يكن متوقعا من النظام الجديد في بغداد ان يؤسس لعلاقة جوار وتعاون كما ينبغي مع الرياض ان لم يكن عكس ذلك لاعتبارات سياسية واقليمية ودينية طائفية.

مبكرا تبنت السعودية مشروعا يجمع العراقيين ويشجعهم لتبني برنامج وطني يقوم على اساس التصالح مع النفس  واعادة بناء الدولة على اسس تخدم جميع العراقيين دون تمييز وهكذا  دعمت السعودية اجتماع للقوى السياسية كافة في القاهرة عام  2004  ولكن في النهاية اثبت هذا الاجتماع فشله وهو فشل تسبب بعد قليل باندلاع حربا طائفية راح ضحيته عشرات الالاف من العراقيين. وقد تبنت السعودية مرة  اخرى بنفسها جمع اطراف عراقية وذلك في عام 2006 وانتهى الاجتماع بما عرف بوثيقة مكة التي دعت لمنع الأحتراب  ما بين اهل السنة والشيعة في العراق.

استمرت العلاقات العراقية- السعودية في حالة من التراجع والانحدار وقد ارتبط ذلك بعلاقة وثيقة مع مسار الاحداث السياسية والعسكرية في الداخل العراقي وتطوراته. اطراف عراقية تحديدا القوى والجماعات الدينية السياسية الشيعية استمرت تهاجم السعودية (وأيضا دمشق) متهمة اياها بوقوفها وراء دعم انشطة للقاعدة وكذلك جماعات اسلامية متشددة واطراف في المقاومة العراقية واخرى داخلة في العملية السياسية . شخصيات سياسية  من الصف الاول سواء من المسؤولين الحكوميين او القيادات السياسية والحزبية منم الدكتور علاوي مقتدى الصدر وعمار الحكيم والامين العام لهيئة علماء المسلمين وقيادات اخرى عديدة استمرت بعلاقات طيبة مع الرياض. ولكن مؤشر تدهور العلاقة بين البلدين انحدر كثيرا نحو الامام مع استلام زعيم حزب الدعوة  السيد نوري المالكي رئاسة الوزارة في بغداد.

حاول المالكي  ولأكثر من مرة سواء بطريقة مباشرة او عبر وسطاء مد يده الى الطرف السعودي ولكنه لم يتلقى اجابات ايجابية اعتقادا من السعودية ان المالكي يقود العراق بطريقة لا تمنح الفرصة نحو تهدئة اوضاعه الداخلية وانه مستمرا في سياساته بإقصاء السنة عن المشاركة الفاعلة في شؤون البلاد وانه يقف اقرب الى ايران قياسا بمواقفه من الدول العربية الاخرى. لم تكن السعودية وحدها تتخذ مثل هكذا مواقف من بغداد بل كانت العديد من العواصم العربية الاخرى تتخذ مواقف مماثلة تمثلت جميعها بعدم تعيين سفراء لها في بغداد او تطوير علاقاتها السياسية بشكل مبكر برغم المساعي الامريكية بهذا الاتجاه.

مؤتمر القمة العربي والذي كان مقررا ان ينعقد في بغداد تم تأجيله اكثر من مرة ولم ينعقد إلا بعد ان اعلن رسميا عن نهاية الوجود العسكري الامريكي في العراق، غير ان انعقاد القمة في بغداد قد كشف مرة اخرى حالة العلاقة المتدهورة بين السعودية والعراق وقد كان ذلك واضحا من خلال حجم التمثيل والمشاركة السعودية فيها والتي تم من خلال تمثيل سفيرها في الجامعة العربية لبلاده في اعمال تلك القمة. لم تكن السعودية وحدها قد عبرت عن تمثيلها بهذا المستوى وانما اطراف عربية اخرى الامر الذي اغضب بغداد ولكن لم يكن بيديها شيء في المقابل لترد عليه سوى المزيد من الاتهام ضد الرياض وتحميلها وعواصم عربية اخرى مسؤولية ما يجري من احداث دامية بين وقت واخر في العراق على يد جماعات مسلحة تدعي اطراف سياسية قريبة من التحالف الوطني الحاكم في بغداد تلقيها للدعم السعودي.

العامل الاضافي الذي نجم عنه المزيد من حالة التدهور القائم في العلاقات بين بغداد والرياض التحولات التي برزت نتيجة انطلاق الربيع العربي. موقف العراق المتعدد الاوجه ازاء ما يجري في المنطقة العربية ساعد مرة اخرى في تدهور العلاقة. اطراف مهمة داخل الاتلاف الوطني العراقي وهي اطراف شيعية معروفة اعلنت عن تأييدها ومساندتها للمعارضة البحرينية كما وقفت موقفا معارضا للدعم السعودي السياسي والعسكري لمملكة البحرين التي من وقت واخر تدعي ايران عائديتها لها ، هذا وكانت بغداد قد وقفت ولأول مرة وخلافا للمواقف المعروفة عن العراق الى جانب تمسك ايران باحتلالها للجزر العربية الثلاث في الخليج. قبل ذلك بوقت قليل اعربت هذه القطاعات العراقية عن دعمها للأحداث التي قادها الحوثيين في اليمن.

الازمة السورية  نجم عنها ان اعرب الكثير من قيادات التحالف الوطني وبشكل مستمر عن مواقف مساندة لنظام الرئيس الاسد بينما معظم الدول العربية ومن بينها السعودية اتخذت مبكرا موقفا مساندا للثورة السورية وبالتالي برز تقاطع جديد في العلاقات ما بين العراق والسعودية. وبينما وقفت الرياض الى جانب قوى المعارضة السورية فان بغداد سكتت عن التحاق الالاف من الشبان العراقيين الشيعة للقتال الى جانب قوات اخرى قادمة من ايران وعناصر من حزب الله دفاعا عن نظام الرئيس بشار الاسد. وبنفس الاتجاه رفضت بغداد المشاركة بتمثيل عالي المستوى عند انعقاد المؤتمر الطاريء لرؤساء دول العالم الاسلامي في مكة عام 1912 والذي انعقد لتدارس المشكلة السورية . مؤتمر مكة شاركت فيه معظم قيادات دول العالم الاسلامي بما ذي ذلك الرئيس الايراني احمدي نجاد. المفاجئة التي لم يكن يتوقعها احد هو موقف العراق من هذا المؤتمر وقتها والذي اتخذ شكلا سلبيا غير مبررا ستكون له نتائجه في المزيد من التدهور في العلاقة بين البلدين فيما بعد. لقد ردت بغداد على الرياض بان سمت سفيرها في الرياض لتمثيلها في هذا الحدث الاسلامي المهم وبذلك ذكرت الرياض بموقفها خلال انعقاد قمة بغداد. لقد كان بوسع العراق وعلى اقل تقدير ان يستغل المناسبة لفتح حوارا موسعا لتحسين علاقاته مع البلد المضيف وبقية الاطراف العربية والاسلامية التي علاقات العراق معها بحاجة الى الترميم من التصدعات القائمة معها اصلا ولكن لم يكن رئيس الوزراء نوري المالكي وما يتصف به من صفات شخصية بوسعه ان يدفع بهذا الاتجاه.

لقد رفض المالكي الاستماع الى مطالب غالبية المكون السني الذي خرج بتظاهرات واسعة واعتصامات واتخاذه طريق سحقها بالقوة المسلحة  وايضا تطورات الاحداث في سوريا وما نجم عنها من ولادة مجاميع متطرفة جديدة لعل اكثرها شراسة واجرام تنظم الدولية الاسلامية في العراق والشام وما جرى في حزيران عام 2014 من تمكن عناصر من هذا التنظيم من السيطرة على مساحات واسعة من الاراضي العراقية وما تبع ذلك من اعلان المرجع الديني الاعلى السيد علي السيستاني للجهاد الكفائي لمواجهة هذا التطور الجديد وكذلك ردود الفعل الدولية والاقليمية التي انتهت بتأسيس التحالف الدولي ومن 62 دولة لأجل مواجهة وتدمير عناصر داعش هذه.

انتهت الانتخابات العامة العراقية في عام 2014 بفوز كبير للمالكي وحزبه ولكنه لم يكن الرجل المطلوب لتولي قيادة الوزارة في بغداد نظرا لفشله الذريع وعلى اكثر من مستوى ولهذا سرعان ما تمت اعادة ترتيب البيت العراقي عبر تفاهمات داخلية واقليمية ودولية انتهت بتكليف احد قادة حزب الدعوة وهو الدكتور العبادي لتولي المهمة الصعبة والعراق في اوضاع صعبة جدا سياسة وعسكرية واقتصادية واجتماعية.

في الثاني من شهر حزيران\ يونيو عام 2015 التحق السفير السعودي الجديد الى بغداد  ثامر السبهان الشمري وكان قبلها يشغل منصب الملحق العسكري السعودي في جمهورية لبنان برتبة عميد ركن. لم تكن مهمة السبهان سهلة في بغداد منذ اليوم الاول نظرا لوضعه تحت المراقبة المشددة من قبل بعض اجهزة الاعلام العراقية والسياسيين القريبين من طهران. اطلق السبهان عدد من التصريحات بعضها تتصل وموضوع عدد من السجناء السعوديين في السجون العراقية واخرى تتصل بالحشد الشعبي وعلاقة ايران وسطوتها على بعض الميليشيات المرتبطة به، ورفض  بعض القطاعات والمكونات العراقية لأعمال وسلوكيات قطاعات من هذا الحشد. وبينما نجح السبهان في تمتين العلاقة بين حكومة اقليم كردستان ومهد لزيارات عديدة لقادة المكون السني الا ان العلاقة مع بغداد والزعامات السياسية والحزبية الشيعة كانت في حالة تدهور مستمر. إذ قالت وزارة الخارجية العراقية في بيان، إن بغداد لن تسمح لأي سفير بتأجيج خطاب الطائفية في العراق، وأوضح المتحدث باسم الوزارة أحمد جمال في بيان قوله: “ونبين أن وزارة الخارجية ستقوم باتخاذ كافة الإجراءات المناسبة لذلك وفق اتفاقية فيينا للعلاقات الثنائية”. وتابع في البيان “سبق وأن قامت وزارة الخارجية باستدعاء سفير المملكة العربية السعودية الشقيقة لدى بغداد، وأبلغته بأهمية أن يكون السفير خاضعاً للأعراف والمواثيق الدولية الخاصة بتعامل السفراء مع وسائل الأعلام وإطلاق التصريحات للرأي العام، من خلال عدم تدخله بالشؤون الداخلية للبلد بالدرجة الأساس، واعتبر وزير النقل باقر جبر الزبيدي، تصريحات السفير السعودي في العراق ثامر السبهان ضد الحشد الشعبي، “مخالفة” للأعراف الدبلوماسية و”تدخلاً سافراً” في الشأن العراقي. وطالبت كتلة بدر النيابية في البرلمان العراقي الحكومة العراقية بإعلان السفير السعودي “شخصا غير مرغوب به”، داعية إلى طرده من بغداد، وكشفت البرلمانية ابتسام الهلالي النائبة عن ائتلاف دولة القانون في مجلس النواب العراقي، عن قيام نواب بجمع تواقيع في البرلمان لطرد السفير السعودي في بغداد ثامر السبهان و مطالبة المملكة العربية السعودية بتقديم الاعتذار للعراق عن التصريح الذي ادلى به ضد الحشد الشعبي.

لقد كان واضحا ان  وجود السفير السعودي في بغداد مزعجا لبعض القطاعات الحزبية والسياسية والميليشياوية والتي استمرت تتهم السعودية بدعم الارهاب وتمويله وذهب اخرون الى تهديد السعودية بتوجيه صواريخ اليها. أخيرا لم يعد يخفي السبهان بأنه بات يستلم رسائل التهديد بالقتل. ، والتقارير السعودية تؤكد ان حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وعدت البعثة الدبلوماسية السعودية باتخاذ كافة الاحتياطات الأمنية اللازمة تجاه تلك التهديدات. في شهر أغسطس 2016 نشرت جريدة الشرق الأوسط السعودية ما قالت عنه أنه مخططا إيرانيا لاغتيال السفير السعودي في بغداد ثامر السبهان قد أوكل تنفيذه إلى ميليشيات شيعية عراقية تابعة لها. وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الميليشيات على ارتباط مباشر بإيران، وأبرزها “كتائب خرسان”، ومجموعة تعمل مع أوس الخفاجي، الأمين العام لقوات “أبو الفضل العباس. بتاريخ 16 اكتوبر 2016 انهت الحكومة السعودية مهمة سفيرها في بغداد خوفا عليه وبعد ان طلبت الحكومة العراقية استبداله. غادر السبهان ليحل محله  بعد قليل عبدالعزيز الشمري.

الحرب على الارهاب باتت واحدا من اهم اركان  العلاقات الدولية خصوصا بعد ان تولى الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب منصبه في البيت الابيض. العراق حقق انتصارات كبيرة باستعادة الكثير من المناطق التي احتلتها داعش وفي نهاية عام 2016 انخرطت القوات العراقية وبدعم دولي كبير لاجل استعادة محافظة نينوى ومدينة الموصل ثاني اكبر مدن العراق. وفي المقابل انشغلت السعودية وحلفائها في حرب اليمن التي لم تخفي الحكومة العراقية والقادة الشيعة دعمهم لما يقوم به الحوثيون في تلك البلاد وشمل ذلك الدعم استقبال قيادات منهم بشكل رسمي في بغداد. وبنفس الاتجاه انغمس العراق اكثر في شكل من اشكال التحالف الداعم لحكومة دمشق اطرافه موسكو وطهران. كل ما تقدم كانت عوامل شجعت وزير الخارجية السعودية بزيارة بغداد في اواخر شهر شباط \فبراير 2017.

من بغداد اكد الجبير إن المملكة تقف على مسافة واحدة من جميع العراقيين. وأضاف خلال  مؤتمر صحافي مع نظيره العراقي، إبراهيم الجعفري، أن السعودية تتطلع إلى بناء علاقات مميزة مع العراق. وأن هناك رغبة في العمل معاً في الحرب على الإرهاب. وكان وزير الخارجية السعودي، قد أبلغ رئيس الوزراء العراقي، بتسمية السفير السعودي الجديد لدى بغداد. زيارة الجبير كانت لافتة بوصفها الأولى لوزير خارجية سعودي منذ العام 1990.  وتناولت مباحثات الجبير، ملفات مكافحة الإرهاب والتعاون بين البلدين، إضافة إلى تطورات المنطقة. كما أكد الجعفري أن العراق حريص على إقامة أفضل العلاقات مع المملكة، وتفعيل المصالح المشتركة ومواجهة المخاطر المشتركة، قائلاً: علينا أن نستحث الخطى ونستمر بالحوارات وتبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين، لبناء علاقات قوية تكون مرتكزاً استراتيجياً لمعالجة التحديات التي تواجه المنطقة. اخيرا أكد الجبير أن هذه الزيارة تأتي لإعادة العلاقات الثنائية إلى مسارها الصحيح، مشدداً على أن المملكة تقف على مسافة واحدة من المكونات العراقية، وتدعم وحدة واستقرار العراق. زيارة الجبير الى بغداد انتهت بالإعلان عن وجود دعوة من الملك سلمان لرئيس الوزراء العبادي بزيارة السعودية.

زيارة الرئيس الامريكي ترامب الى الرياض في 20\21 مايس \ ايار 2017 وحضور قادة من حوالي 55 دولة كانت مناسبة للعراق كي يؤكد جدية سعيه لإقامة علاقات وطيدة مع المملكة وبقية الدول العربية تقوم على  العلاقات التاريخية والعميقة بين البلدين . ما حصل ان العراق قد مثله في هذا الاجتماع الرئيس فؤاد معصوم بينما كان يجب حضور العبادي. قيل وقتها ان الدعوة وجهت بالاسم الى الرئيس معصوم دون غيره في حين ان احد اهم اسباب هذا الحضور الكبير في الرياض هو العمل الدولي المشترك لهزيمة الارهاب والذي يحتل فيه العراق مكانة واسعة وخطيرة .

بتاريخ 12 حزيران تم الاعلان عن تلقى رئيس الوزراء حيدر العبادي دعوة رسمية لزيارة الرياض تعقبها زيارة ولي العهد السعودي الى العاصمة العراقية، الخارجة العراقية من جانبها رحبت بهذه الزيارات المرتقبة والتي ستسهم بشكل كبير في تطبيع العلاقات مع دول المنطقة لبناء علاقات قوية مرتكزة استراتيجيا لمعالجة التحديات التي تواجه المنطقة .

زيارة العبادي للرياض تاتي في وقت بالغ الحساسية عراقيا واقليما ودوليا. القوات العراقية في طريقها لدحر داعش قريبا في العراق ولهذا تتجه الانظار داخليا وخارجيا الى العبادي وكيفية قيادته لعراق خال من داعش بينما الانتخابات العامة في البلاد ستنعقد في نيسان 2018، واقليم كردستان يهدد بالانفصال. علاقات العراق مع محيطه العربية عرضة للنقد الدائم والاتهام بان بغداد لا تتبع علاقات متوازنة عربيا واقليميا وهي في تحالف واضح مع طهران وبعيدة كثيرا عن العواصم العربية وانقرا. والعراق فيه اطراف تدعوه لمزيد من التورط  بالشأن السوري وهو تورط من شانه ان يجعل العراق في مواجهة مع اكثر من طرف اقليمي ودولي في وقت اقتصاده منهار وهو بحاجة الى اموال كثيرة لإعادة اعمال البلاد من الدمار نتيجة الحرب على داعش. واعتقد ان بوسع العبادي ان يحقق الكثير في الرياض خصوصا وان السعودية تحاول تحسين علاقاتها مع بغداد لأكثر من سبب وان بوسع السعودية تقديم قروض مالية وتفتح ابواب كثيرة للتجارة بين البلدين بتسهيلات افضل مما يحصل عليها الان العراق، والسعودية سبق وان قدمت تبرعا سخيا للنازحين عندما تبرع المغفور له الملك عبد الله بمبلغ نصف مليار دولار.

على رئيس الوزراء العراقي ان يتفهم بان مصلحة العراق هي في اقامة علاقات طبيعية مع السعودية هي مصلحة عليا وليس غير ذلك تساعد العراق في تحسين اوضاعه اكثر من مجال وميدان وان لا يزج العراق في الخلافات التي تفجرت مؤخرا بين عدد من الدول العربية وقطر التي العراق ايضا يتهمها ومنذ وقت طويل بانها تدعم الارهاب فيه. السعودية تريد عراقا موحدا مستقرا بحكومة قادرة على تطبيق المساواة بين جميع مكوناته تنتهج سياسة اقليمية متوازنة والسعودية لا تخفي سعيها لتشجيع المكون السني لينتج قيادة واضحة تحظي باحترام ودعم دولي . الدكتور العبادي اثبت حتى الان قدراته في اكثر من ميدان بما في ذلك حذره الشديد في تعامله مع شركاءه السياسيين وقدرته على اتخاذ القرارات. هل سيعود العبادي من الرياض بما يجعل العراقيين اكثر تطلعا لعلاقات طيبة بين البلدين ام انه سرعان ما ستنجح التيارات الموالية الى ايران بتخريب ما سينجم عن زيارته هذه.


Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.