حكومة عدنان الزرفي والسيناريوهات الثلاث
بقلم: عامر العزاوي
تم تكليف السيد عدنان الزرفي بتشكيل حكومته خلفا للسيد عادل عبد المهدي بعد ان اخفق سلفه السيد محمد علاوي من تمرير حكومته، ألأمر الذي اضطر بموجبه إلى الاعتذار في الوقت الضائع.
لقد صادف تكليف السيد رئيس الجمهورية للسيد الزرفي لتشكيل حكومته الموقتة، الكثير من اللقط وخاصة القوى المكونة للبيت الشيعي التي طعنت بعدم دستوريه التكليف، على اعتبار ان السيد رئيس الجمهورية تجاوز المادة ٧٦ من الدستور العراقي، وقد حسمت المحكمة الاتحادية هذا الامر بدستورية التكليف والتي اتفق معها بهذا القرار .
وصلت القوى المكونة للبيت الشيعي، غير راضية على هذا التكليف واجتمعت مرارا من اجل بلورة رأي موحد لسحب المكلف تكليفه من جهة، ومن جهة أخرى الضغط على رئيس الجمهورية لالغاء المرسوم الجمهوري الخاص بتكليف السيد عدنان الزرفي، وكلا المحاولات لم تكن موفقة، في ذات الوقت يسير المكلف بخطى واثقة والتشاور مع المكونات الأخرى كالكتلة الكردية واتحاد القوى (السنة) وفي هذه الأثناء هناك حراك واضح من القوى الإقليمية والدولية المتمثلة بايران والولايات المتحدة الأمريكية بين داعم ورافض لتولي السيد الزرفي رئاسة الحكومة.
وفي هذا الوضع المتأزم الذي يضرب العراق من شلل اقتصادي واضح، وتفشي وباء خطير مثل كورونا في ظل انهيار المنظومة الصحية، وضغط الساحات الثائرة التي تتطلع إلى تغير العملية السياسية برمتها والتي هي الأخرى رافضة لتولي الزرفي لرئاسة الحكومة المقبلة.
وفي ظل هذا الوضع المعقد والشائك يقوم إسماعيل خاقائي بزيارة للعراق من اجل التأثير على القوى الشيعية وتوحيد رؤيتها لاستبدال الزرفي بشخص اخر قريب من الهوى الإيراني، الا ان زيارته لم تأتي أكلها، وخرج من العراق غاضبا في اول مهمة خارجية فاشلة.
في ظل هذا الوصع المعقد، قدم المكلف برنامجه الحكومي إلى رئاسة البرلمان، و اخبر البرلمان بان كابينته الوزارية جاهزة رسيتم تقديمها خلال ٤٨ ساعة، وهنا لابد من الإشارة إلى السيناريوهات التي سترافق مهمة السيد عدنان الزرفي :
– ان السيد الزرفي يتطلع إلى تمرير حكومته ومنحها الثقة من قبل البرلمان، لكن ليس كل ما يتمنى المرء يدركه ولكن تجري الرياح بما لاتشتهي السفن، لاسيما في ظل رفض كبير من قوى مؤثرة وفاعلة في العملية السياسة متمثلة بتحالف الفتح وسائرون وتأرجح اتحاد قوى والكتل الكردية من قبول أو عدم قبول إمرار حكومة الزرفي، بانتظار المغانم والتنازلات التي يقدمها لهم! وهناك إشارات من هنا وهناك ان السيد المكلف قد أبدى مرونة عالية والموافقة على شروط اغلب القوى السياسية سواءا المكونة للبيت الشيعي أو تحالف القوى (السنية) أو الكتل الكردية.
وفي هذه الحالة ان نجح في حصوله على الثقة والموافقة على كابينته الوزارية ومنهاجه الحكومي، ستكون حكومة الزرفي هي الأسوة على الإطلاق من جميع الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق منذ احتلاله في ٢٠٠٣ إلى يومنا هذا، من حيث الفساد والترهل والإذعان الكلي لحكومة ايران، وإزعاج الجانب الأمريكي الذي يتطلع إلى حكومة قوية تستطيع ان تعالج الأزمة الاقتصادية الخانقة وتبتعد عن الفلك الايراني ودوره السلبي.
– والخيار الأخر الذي يمكن ان يكون حاضرا، هو اصرار السيد عدنان الزرفي على استقلالية كابينته الوزارية وعدم الرضوخ لشروط الكتل السياسية الكبيرة، والتطلع لتنفيذ برنامجه الحكومي كاملًا، مقابل رفضه وعدم منحه الثقة، وبالتالي فشله في تشكيل حكومته التي كان يحلم بها، وهذا سيشكل ارتياحًا للقوى القريبة من ايران، وسيغضب الجانب الأمريكي وانزعاجه من الكتل السياسة التي رفضت منح الثقة لحكومة السيد عدنان الزرفي.
– والخيار الأخر سيكون هناك دور مؤثر وكبير للولايات المتحدة، على العملية السياسية في العراق من خلال تغير السياسة الأمريكية مع القضية العراقية وإيقاف كافة أنواع الدعم العسكري والاقتصادي والمعنوي، والتعامل مع العراق بسلبية، ومعاملته كما تعامل ايران، على اعتبار ان القوى السياسية العراقية ولائها مطلقا لإيران وتعمل على مساعدتها في تخفيف حدة تاثير الحصار الخانق عليها، ومساعدتها في عمليتها الارهابية في المنطقة، وبالتالي فرض عقوبات اقتصادية وسياسية على الحكومة العراقية، و سيصاحب السيناريو الأخير ضغط كبير على الحكومة العراقية من تدهور الوضع الاقتصادي وزيادة حدة التظاهرات، وخطورة الوضع الصحي واحتمالية تفشي الوباء، وقد يقود هذا إلى انفلات في الجانب الأمني، وستنزلق الأمور إلى وضع خطير، قد لايمكن السيطرة عليه ولات ساعة ندم !!
فعلى الكتل السياسية كافة ان تتحلى بنكران الذات وتقدم مصلحة الشعب على المصالح الحزبية والشخصية الضيقة،
وحساب الأمر بعقلانيه وحكمة من اجل ان نؤسس لبداية صحيحة تساعد الشعب الخروج من هذه الأزمة.
سياسي المستقل
عامر العزاوي