حدث له دلالته ومؤشراته وإن بدا غامضا، فهي المرة الأولى التي تدخل فيها حاملة طائرات أمريكية إلى مياه الخليج في محيط إيران الإقليمي منذ العام 2001، قبل نحو عامين من غزو العراق وإسقاط الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في 2003.
الحدث الذي أكدته وكالة أنباء أسوشيتيد برس الأمريكية مع ساعات السبت الأولى، يأتي بعد يومين من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب قواته من سوريا معللا ذلك بانتهاء الحرب على داعش هناك وهو الأمر الذي تبعه ردود أفعال أمريكية غاضبة وصلت إلى حد استقالة وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس التي حددها بنهاية فبراير / شباط 2019، وكأن المرحلة التي تلي هذا التاريخ لا تتوافق عسكريا مع رؤية وزير الدفاع المخضرم ماتيس.
لكن اللافت ما صرح به البيت الأبيض من أن سحب القوات الأمريكية يأتي استعدادا للمرحلة الثانية من الحملة في المنطقة، وهو التصريح الذي أبدت موسكو اعتراضا عليه لعدم تفسير مفهوم الحملة الثانية.
كما يتزامن دخول حاملة الطائرات الذرية “جون ستينيس” ومجموعة من السفن الحربية التابعة لها إلى مياه الخليج، مع الإعلان المفاجئ عن قاعدة عسكرية أمريكية جديدة بأسلحة هجومية وأنظمة دفاعية متطورة شمال شرق أربيل بكردستان العراق، قادرة على خنق القدرات العسكرية لإيران.
وهو الأمر الذي يفسر استقالة وزير الدفاع الأمريكي ماتيس المفاجئة، إذ إن لديه موقف واضح من البداية بأنه لا يريد أن يورط جيش الولايات المتحدة في أي حرب ضد إيران، الأمر الذي يبدو أن ترامب قد قرر مخالفته مع بداية حملة شرسة من فرض العقوبات على إيران تنتهي إما بالرضوخ الإيراني الكامل نتيجة تأثيرها على الأوضاع الاقتصادية، أو بتحرشات عسكرية تنتهي بعمل عسكري مهمته تغيير النظام في إيران.
المتابع لتصريحات المتحدثة باسم الأسطول الخامس المتواجد في البحرين، يلمح بين سطور ما ذكرت بقولها تعليقا على التحرك الأخير في مياه الخليج “نسعى لجعل عملياتنا غير قابلة للتنبؤ إلى حد أكبر بالنسبة للخصوم”، أن ثمة ما يتحضر عسكريا خلف الكواليس من الأهمية لتتحرك حاملة طائرات لها إمكانيات ذرية قادرة على محو مناطق بأكملها من على وجه الأرض.
المؤكد أن الحاملة التي لم تدخل مياه الخليج من قبل إلا في عام 2001 لحصار العراق لأكثر من عامين لم تخرج إلا باحتلال العراق في عام 2003، وتمتاز بقدرات تدميرية هائلة، إذ تحمل على متنها مفاعلين نوويين و3200 ضابط وبحار، فضلا عن 2480 طيار وعلى متنها طائرات من الطرازات المقاتلة المتطورة القادرة على التحليق دون رصد من رادارات المواقع المستهدفة.