في محاولة للوقوف أمام الضغوط الأميركية، وإظهار القدرة على الدفاع عن النفس، كشفت “إيران” عن أول مقاتلة محلية الصنع تحت اسم (كوثر)، صباح الثلاثاء 21 آب/أغسطس 2018، وذلك بالتزامن مع “يوم الصناعة الدفاعية” في البلاد، حسبما أوردت وكالة (تسنيم) للأنباء.
وأفادت وكالة (تسنيم) بأن المقاتلة (كوثر) مزودة بـ”العديد من المنظومات المتطورة؛ من بينها أنظمة (أويونيك)، والسيطرة على عملية إطلاق النار”، موضحة أنه تم الكشف عنها خلال مراسم جرت بحضور الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”.
وأضافت: “تتمتع هذه المقاتلة المتطورة، والتي تم إنتاجها من قبل المتخصصين في منظمة الصناعات الجوية في وزارة الدفاع الإيرانية وإسناد القوات المسلحة، وتتمتع بمواصفات مثل شبكات البيانات الرقمية العسكرية المتوافقة مع الجيل 4، وشاشات العرض الرقمية متعددة الأغراض واستخدام الحاسوب للمحاسبات الباليستية، ورادار متطور متعدد المهام لتوجيه إطلاق النار ومنظومات الخرائط المتحركة الذكية، وغيرها من المواصفات الأخرى”، بحسب وكالة “تسنيم” على موقعها الإلكتروني.
وتمت إزاحة الستار عن الطائرة، خلال مراسم الذكرى السنوية للصناعة الدفاعية الإيرانية، تحت شعار “الصناعة الدفاعية، رمز الإنتاج الوطني والإقتدار الدفاعي برعاية رئيس الجمهورية الإيرانية، حسن روحاني”.
الدفاع عن البلاد مكلف جدًا..
وأدلى الرئيس الإيراني بعد مراسم إزاحة الستار عن الطائرة بتصريحات نقلها التليفزيون الإيراني، قائلاً: “جميع الأنظمة الموجودة في طائرة (الكوثر) متطورة ومحلية الصنع”.
مؤكدًا، أهمية القوات المسلحة في الدفاع عن البلاد، قائلاً: إن “الدفاع عن البلاد سيكون مكلفًا جدًا عندما تكون القوات المسلحة بعيدة عن الشعب”.
وأضاف الرئيس الإيراني: أن “فرص الإعتداء توفرت لنا كثيرًا، لكننا لم نعتدي على أحد، والأعداء يعلمون جيدًا أن الإعتداء على إيران سيكون مكلفًا جدًا”.
وقال “روحاني”: “اليوم ليس فقط إيران لا تثق بالولايات المتحدة الأميركية، بل هناك العديد من الدول والدول الحليفة لأميركا فقدت الثقة بها”، مضيفًا: أنه “في السنوات الماضية لم يكن الإرهاب يهدد منطقتنا، ولكننا تطوعنا بجانب العديد من الدول للقوف بوجه الإرهاب، ولقد لعبنا دورًا بالغ الأهمية في تطهير المنطقة من الإرهاب”.
محلية الصنع..
وعلى هامش مراسم إزاحة الستار عن الطائرة، أدلى “أمیر سرتیپ عبدالکریم بنیي طرفي”، رئيس منظمة الصناعات الجوية للقوات المسلحة، بتصريحات أكد فيها على أن ما تم إزاحة الستار عنه اليوم، هو “المقاتلة الحربية (كوثر)، وأن جميع أجهزتها وأنظمتها متطورة ومحلية الصنع، وبناء على أمر من رئيس الجمهورية تم إزاحة الستار عنها”.
وأضاف “بني طرفي”: أن “طائرة (كوثر 88)، التي تم كشف الستار عنها العام الماضي، هي مجرد طائرة تعليمية وسرعتها تحت الصوت، وتختلف عن هذه الطائرة”.
الموارد محدودة.. والإعتماد على النفس في تطوير الدفاعات الصاروخية..
وكان، السبت الماضي، قد أعلن وزير الدفاع، “أمير حاتمي”، عن الطائرة موضحًا أنه سيزاح الستار عنها الثلاثاء. ولم يقدم الوزير الإيراني سوى تفاصيل قليلة عن المشروع، مركزًا تصريحاته على جهود “إيران” لتطوير دفاعاتها الصاروخية.
وصرح “حاتمي” أن ذكرى الهجمات الصاروخية، التي تعرضت لها “إيران” خلال الحرب مع “العراق” في ثمانينيات القرن الماضي، والتهديدات المتكررة من “إسرائيل” و”الولايات المتحدة”، وكون “جميع الخيارات مطروحة” في التعامل مع “الجمهورية الإسلامية”، حفزت على تطوير البرنامج الدفاعي.
وقال المسؤول الإيراني، في مقابلة متلفزة: “تعلمنا في الحرب، (الإيرانية-العراقية)، أنه لا يمكننا الاتّكال سوى على أنفسنا. مواردنا محدودة ونحن ملتزمون بإرساء الأمن بأي ثمن”.
تشكيك إسرائيلي في كون الطائرة إيرانية الصنع..
وفي المقابل؛ شكك وزير الدفاع الإسرائيلي، “أفيغدور ليبرمان”، في كون الطائرة من صنع إيراني بالكامل. وصرح في هذا الصدد: “إنهم يعانون من الضغوط بسبب العقوبات الأميركية فيخترعون الحكايات، إلا أنه من الأفضل عدم الإستخفاف بشكل كامل بما يقومون به”.
من جهته؛ قال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، “أوفير غندلمان”، في تغريدة على حسابه الرسمي في (تويتر): “النظام الإيراني يكشف النقاب عن طائرة (كوثر) ويدعي أنها، “أول مقاتلة إيرانية محلية الصنع 100%”، ويتفاخر بقدراتها الهجومية النوعية، ولكنني رأيت على الفور أن هذه هي طائرة حربية أميركية قديمة جدًا، (صنعت في أواخر الخمسينيات)، من طراز (F-5) خرجت منذ عقود من الخدمة… الكذب حبله قصير…”.
طائرة أميركية من طراز قديم..
موقع (ذا أفييشنست)، المختص بالطيران الحربي، قال عن أن الصور واللقطات التي تم بثها للطائرة الحربية الإيرانية الجديدة، (كوثر)، لم تكن بالحقيقة للطائرة الجديدة من “الجيل الرابع”، بل هي طائرة أميركية من طراز قديم.
وقال الموقع، الثلاثاء، إن اللقطات التي بثت تظهر بوضوح طائرة من نوع (أف-5 أف-تايغر) قديم الطراز، وليست الطائرة التي قالت “إيران” أنها محلية الصنع بنسبة 100 بالمئة.
وحصل الصحافي الإيراني المختص بالطيران، “باباك تغفاي”، على بعض التفاصيل حول الطائرة، حيث أكد على أن الطائرة هي من نوع (أف-5 أف-تايغر)، وأعيد تصميمها لتكون مجهزة ببعض إلكترونيات الطيران الرقمية الجديدة.
قائلاً، “تغفاي”، في تغريدة على حسابه الرسمي بموقع (تويتر): “مصادري من داخل مؤسسة صناعة الطيران الإيرانية تؤكد أن الطائرة، التي كشف عنها الرئيس الإيراني، هي طائرة (أف-5 أف تايغر) أميركية الصنع.. واستخدمت لتكون بديلاً لطائرة (كوثر) خلال الاختبارات”.
وأضاف في تغريدة أخرى: “الاختبار الأولي لطائرة (كوثر) لم يكن آمنًا وتم إلغاؤه. وكبديل تم استخدام طائرة عمرها 42 عامًا، وهي (أف-5 أف تايغر)، وتم إدعاء أنها الطائرة الإيرانية”.
وأكد “تغفاي” أن إلكترونيات الطائرة الداخلية تعود لطائرة (أف-5 أف تايغر)، التي عدلها الجيش الإيراني في مطلع الألفية تحت مشروع اسمه (أس. أر 2)، والذي تم اعتباره “فاشلاً” في وقت لاحق من قبل الطيارين الإيرانيين، مما أوقف المشروع.
تاريخ من “التلاعب”..
وقال موقع (ذا أفييشنست) إن “إيران” ليست جديدة على مثل هذه الإدعاءات، مسترجعة ذكرى الطائرة المقاتلة (القاهر أف-313)، وهي طائرة لم تكن أكثر من مجرد “مجسم” بتصميم سيء لا يمكن أن يطير إلا إذا تم تحسينه بشكل كبير، وفقًا للموقع.
وأضاف الموقع؛ واصفًا مقاتلة (القاهر): “كانت الطائرة صغيرة للغاية لدرجة أن قمرة القيادة الخاصة بها لا يمكن أن تناسب الإنسان العادي”.
وختم الموقع مقاله التحليلي مؤكدًا على أن أحدث الإدعاءات الإيرانية حول “طائرات الجيل الرابع المتقدمة الجديدة” لا تعتمد على طائرة حقيقية ذات قدرات حقيقية، وإنما تبدو أكثر كـ”دعاية ترويجية محلية”.
فرض العقوبات ووقف البرامج الدفاعية..
وفي مقابل بيع “الولايات المتحدة” أسلحة بمئات مليارات الدولارات إلى خصوم “إيران” الإقليميين، طالبت “طهران” بوقف برامجها الدفاعية.
وقرر “دونالد ترامب”، الذي وصل الرئاسة في “الولايات المتحدة” في 2017، خلال آيار/مايو الماضي، الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم بين “إيران” و”القوى الكبرى”، وأعاد في 7 آب/أغسطس 2018، فرض عقوبات مشددة على “الجمهورية الإسلامية”.
ويرتقب أن تفرض “واشنطن” دفعة جديدة من العقوبات، في تشرين ثان/نوفمبر 2018، تطال قطاع المحروقات من أجل إبقاء الضغط على “إيران”.
وأمام كل تلك الضغوط والعقوبات، اعتبر “روحاني” أن على “إيران” الآن أن تتحلى بضبط النفس، وأن تشكل قوة ردع، في هجوم – على ما يبدو – على معارضيه الذين يسعون إلى استفزاز “الولايات المتحدة” بشعارات هجومية. وصرح: “بعبارتين يمكن بدء الإقتتال. بتحركين عسكريين يمكن الدخول في مواجهة. لكن كلفة ذلك ستكون باهظة”. وأضاف الرئيس الإيراني: “المهارة هي حماية البلاد بأقل كُلفة”.
وأكد “روحاني” أيضًا على أن الضغط الأميركي يحفز على المضي قدمًا. وقال في هذا الشأن: “لماذا تفرض أميركا عقوبات اقتصادية علينا ؟.. لماذا تفرضها على تركيا ؟.. لماذا تجر الصين إلى حرب اقتصادية ؟.. لأنها تشعر بأن كل واحدة منها لديها نقطة ضعف. علينا تقوية نقاط ضعفنا”.