د .حميد عبدالله
حين يجمع قادة العراق السياسيين على ان الدستور فاسد ومعطوب ومفخخ فانهم يعترفون بقبولهم بالفساد( نهجا) في ادارة الدولة والمجتمع!
مازالت لحظة الاستفتاء على الدستور في عام 2005 طرية في الاذهان، ومازالت اصوات المزايدين والمنافقين لها صدى مدويا في آذاننا يوم كانوا يصفون ذلك الدستور بانه ( قرآن ) العملية السياسية الذي لاياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، لكنهم سرعان ماتراجعوا واستداروا ليصفوا ذلك ( القرآن ) بانه قد كتب على عجل، بل سلق سلقا!
دستور فاسد ينتج دولة فاسدة ، والدولة الفاسدة تتحول ،مع الزمن، الى حاضنة لبيوض الفساد التي تفقس فاسدين صغارا يكبرون مع تدرجهم في المواقع والمناصب ، ومعهم يكبر فسادهم ليصير وحشا يلتهم ، وبالتدريج، الدولة التي انتجته !
بامكاننا ان نصف الفساد في العراق بانه ( فساد دستوري) او ( فساد مؤسساتي) وهو اشبه بحشرة الارة التي تنخر بناء الدولة ولا سبيل للتخلص منها الا بخيارين لاثالث لهما: مكافحة كل جزء في ذك البناء وصولا الى أسسه الضاربة في عمق الارض ، او ازالة ذلك البناء واعادة تشييده بعد تطهير تربته باشد انواع المبيدات قوة وتاثيرا!
اختزال الفساد في العراق بعمليات الاختلاس والرشوة يشبه الى حد كبير معالجة الطفح الذي يخلفه على الجلد مرض عضال ، فالعلاج هنا لايستهدف أسباب المرض ومسبباته بل يقفز الى أعراضه ونتائجه ، ومن هنا فان ثمة عناوين ومانشيات عريضة للفساد في بلد تتغانمه احزابه وقواه السياسية النافذة ، وفي حال التغاضي عنها او القفز فوقها فان اي علاج سيكون اشبه بتعويذة ساحر دجال يزيد العلة خطورة والمرض تفاقما!
اذا كان الفساد يعني الانحراف وتدمير النزاهة حسب قاموس اكسفورد فان الدولة العراقية التي تشكلت بعد عام 2003 بنيت على خط منحرف !
ثمة مناخ ينعش الفساد ويغذي ممارساته بالقوة والمنعة والعراق بات المناخ الامثل لذلك !
اذا عدنا الى العناوين الابرز للفساد في العراق فيمكننا اجمالها في: غياب دولة المواطنة واحلال دولة المكون بدلا عنها .
طغيان قانون المغانمة في توزيع المناصب الحكومية وغياب معيار الكفاءة والنزاهة
تغول الاحزاب الفاسدة التي تنتج قيادات فاسدة تتولى ادارة الدولة والتحكم في اهم واخطر مفاصلها
اعتماد آليات ديمقراطية فاسدة في انتاج مجلس نيابي فاسد ينتج بدوره حكومة فاشلة وفاسدة ارتخاء وضعف القوانين الرادعة امام السلاح المنفلت ، واضعاف الدولة امام المافيات والمليشيات
اعتماد نظام الصفقات والمراضاة في تشريع القوانين، وغياب الوعي التشريعي لدى المؤسسة التشريعية بما يخلق فوضى تربك وتفشل اداء السلطة التنفيذية هذه بعض الاسباب الجوهرية للفساد في العراق ،ويبدو جليا ان التصدي لها بالتصحيح والمعالجة يحتاج الى تغييرات جوهرية تطال دستور الدولة ونظامها السيساسي واية معالجات تقفز على ذلك ستكون بمثابة اقراص مسكنة تزيد المرض خطورة واستفحالا!
اما الحديث عن مجلس اعلى للفساد فانه لايعدو ان يكون اعادة تاطير لمؤسسات رقابية عاجزة وفاشلة ومشلولة وخائفة بسط الفاسدون سطوتهم عليها ، او شهروا بنادقهم الملعلعة والكاتمة بوجوه القائمين عليها