بقلم :د. حميد عبد الله
السُلطة تجعلُ الحاكم في غيبوبة من الانتعاش والسلطنة، يعتقد انه المنقذ، وانه الأوحد، وان الناس يدعون له بعد كل صلاة ليحفظه الله ويبقيه أملاً لهم، فبدونه لا تستقيم الحياة، ولا تبقى الاوطان سالمة مستقرة!.
ما من حاكم اصيب بداء الاستبداد إلا ويتلبسه شعور بأن الجموع ستخرج هائجة مائجة تطالب ببقائه، وبسبب هذا الشعور أو الوهم يتمسك بالسلطة، لكنه حين يُخلع منها يكتشف كم كان واهماً ومخدوعاً؟!.
الحاشية تحجبُ عن السلاطين ما يدور ويمور في الشوارع، وتوحي لهم بأن الرعية بألف خير. تحجب عنهم الرؤية، وتمنع اصوات الجياع واستغاثة المحرومين من أن تصل الى أسماع أصحاب السيادة والفخامة، أو دولة الرئيس، كما يصطلح اليوم على رؤساء الحكومات.
لا يصدق الحاكم أن يذكر اسمه ذات يوم من غير دولة أو سعادة أو فخامة أو عطوفة أو سيادة أو معالي؛ لأنه أدمن هذه التسميات، حتى انه أصدر أوامره لزوجته وأولاده أن ينادوه بتلك الالقاب!.
مفارقة ان تقول الزوجة لزوجها الرئيس: تفضل الى غرفة النوم يا دولة الرئيس، أو متى تريد الغداء يامعالي الوزير، وماهذا المسج الغرامي في هاتفك النقال يا سعادة السفير؟!.
هل من رئيس يراوده الشك لحظة انه سيطاح به ذات لحظة؟!. لا اظن ذلك؛ لأنهم لو كانوا يتصورون ذلك لما بطشوا، ولما افسدوا ولا استبدوا، ولما مارسوا أشنع وأبشع الممارسات التي لو كانوا مواطنين لخرجوا الى الشارع عراة لاطمين على الصدور احتجاجا عليها ورفضا لها.