الحكومة العراقية تستخدم «كاس الخليج ال 25» كعملية تمويه رياضية لإخفاء معاناة أهالي البصرة

وجد سكّان محافظة البصرة، أقصى جنوب العراق، في بطولة كأس الخليج 25، فُسحة للابتعاد عن جمّلة المعاناة التي يعيشونها بشكلٍ يومي منذ عام 2003، والتي تبدأ بنقص الخدمات ولا تنتهي بانتشار العشوائيات والألغام ومرض السرطان، رغم كونها العاصمة الاقتصادية للعراق، ومصدره المالي، شبه الوحيد، الرافد لخزينة الدولة العراقية وموارد موازناتها الاتحادية.
14 يوماً، بدأت في 6 كانون الثاني/ يناير وتنتهي في 19 من الشهر ذاته، يظهر فيها البصريون كرماً لافتاً للوفود الخليجية الزائرة إلى المدينة، وسط أجواء من الفرح تستمر حتى ساعات الفجر من كل يوم، ابتهاجاً بتنظيم مدينتهم البطولة.
وعلى الرغم من فخامة حفل افتتاح البطولة، وما شهدته المدينة من تطورٍ لافت على مستوى الملاعب، غير أن البصريين على موعد جديد للعودة إلى واقعٍ مرير، بعد أقل من 10 أيامٍ.
وليس ببعيد عن ملعب الميناء، أحد أهم المرافق الرياضية في البصرة، ومناطق أخرى في المدينة، أنشأت الحكومة المحلية “جداراً عازلاً” بطول 15 كم، بهدف حجّب المناطق “العشوائية” والمناظر “غير الحضارية” لعددٍ كبير من مناطق البصرة التي ترزح تحت وطأة نقص الخدمات، عن أعين الوفود الزائرة.

وقال النائب عن محافظة البصرة، عامر الفايز، في تصريحات سابقة، إن “المحافظة تعاني من وجود مناطق عشوائية، ومناظر مشوهة جراء الإهمال الذي عانت منه طيلة السنوات السابقة”، موضحا أن “إزالة هذه المظاهر تتطلب تضافر جهود الحكومة المحلية والحكومة الاتحادية، إضافة لحاجتها إلى تخصيصات مالية”. ونوه إلى أن “الجدار الإعلاني سوف يحجب بعض المظاهر السلبية في الأحياء العشوائية، وستتم إزالة هذا الجدار بعد انتهاء البطولة”.
واعتبر المحلل السياسي العراقي، علي فضل الله، في “تدوينة” له مطلع هذا الشهر، أن من الأولى منح العائلات التي تسكن العشوائيات في البصرة المبلغ الذي انفق على بناء الجدار “وتحويل هذه العشوائيات لمدينة عصرية”، معتبراً إنشاء الجدار بأنه “قمّة الإجرام”، حسب وصفه.

وفي 2020، كشفت الحكومة المحلية في البصرة عن استحواذ العشوائيات التي ظهرت بعد 2003 على أكثر من 15% من أراضي المدينة، مبينة أن “هذه التشوهات تتوزع على نحو 667 تجمعاً عشوائياً تضم عشرات آلاف المنازل”.
وفي 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، أفادت مفوضية حقوق الإنسان في العراق بارتفاع معدل الفقر في محافظة البصرة إلى 40 % جراء الأوضاع الاقتصادية السيئة للسكان.

وقال مكتب المفوضية في البصرة، في بيان حينها، إن “ثروات المحافظة لا تجلب على سكانها سوى المزيد من الآثار القاتلة من الأمراض والبطالة ونقص في الحرث والنسل”.
وتسجّل محافظة البصرة سنويا 2300 إصابة جديدة بالسرطان، بمعدل 78 إصابة لكل 100 ألف من السكان، حسب تصريح لمدير مركز الأورام السرطانية في المدينة رافد عادل، الذي أشار إلى أن “البصرة تسجل 10 ف المئة كزيادة سنوية متوقعة لإصابات السرطان، وستصل الأعداد إلى 2350 و2400 مصاب في السنوات المقبلة”.
كذلك تعاني المدينة التي تعتبر الشريان الاقتصادي للعراق، من انتشار الألغام والمقذوفات الحربية، التي جاءت بفعل تراكمات الحروب منذ ثمانينيات القرن الماضي، حتى باتت من “أكثر مدن العالم تلوثاً بالألغام وباقي المخلفات الحربية الأخرى”، حسب تصريحات حكومية.


Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.