أفادت وسائل اعلامية اليوم أنّ المئات من الإسرائيليين، وبشكلٍّ خاصٍّ، الأكراد الذين تمّ استجلابهم إلى فلسطين شاركوا في مظاهرة بالقدس المُحتلّة تعبيرًا عن تأييدهم لاستقلال إقليم كردستان العراق وإقامة الدولة المُستقلّة ورفع المتظاهرون الأعلام الإسرائيليّة والكردية خلال المظاهرة التي نظّمها ما يُطلق عليه في تل أبيب اتحاد مهاجري كردستان.
في السياق عينه، قال د. إيدي كوهين وهو باحث إسرائيليّ، ومحاضر في جامعة بار إيلان، وصاحب “دراسة تحليلية لكتاب محمود عباس″، إنّ الاستفتاء اليوم حول مستقبل إقليم كردستان العراق وسيقرر الشعب من خلال مشاركته بهذا الاستفتاء إذا ما كان يريد الإنفصال عن العراق وإعلان دولته المستقلة، أمْ البقاء في إطار الدولة العراقية حيث تعتبر هذه الخطوة من أهم الخطوات لتحقيق حلم طال انتظاره لسنوات طويلة وإعلان دولة كوردستان.
وتابع قائلاً في فيديو نشره على موقع (يوتيوب): لا اعتقد بأنّ هناك أيّ تغيير في موقف الحكومة العراقية الحالية عن موقف الحكومات السابقة بالنسبة لمسألة الاستقلال، فالحكومة المركزية والشخصيات السياسية العراقية التي أعلنت بأنها ضد استقلال إقليم كردستان، يقولون إنّ الكرد مثلهم مثل الآشوري أوْ التركماني أو الإيزيدي هم جزء من المجتمع العراقي ولا يمكن أنْ ينفصلوا عن وطنهم العراق.
وبرأيه، هناك اختلاف كبير بين حكومة إقليم كردستان والحكومة العراقية حول إدارة نفط كردستان، وهناك خلاف حول إرجاع واردات النفط إلى بغداد من عدمه، وكان هناك دعم غير مسبوق لإقليم كردستان من قبل المملكة العربية السعودية في الفترة الأخيرة، واعتقد ان هذه الخطوة قد جاءت للانتقام من تركيا التي تقف بصف دولة قطر في الأزمة الخليجية.
أمّا بالنسبة لإسرائيل، فبالرغم من عدم وجود تصريحات رسمية حول هذا الموضوع، إلا أنّه لا يوجد أيّ شك بأن تل أبيب تدعم استقلال إقليم كردستان، فقبل ثلاثة سنوات، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو، بأنّ إسرائيل تدعم إنشاء دولة مستقلة في الجزء الذي ينعم به الكورد بحريتهم، وقال: يجب أنْ ندعم تطلعات الكورد المطالبين بالاستقلال، فهم يستحقون الاستقلال، بحسب تعبيره.
وتسبب هذا التصريح، أضاف الباحث الإسرائيليّ، برد فعل قوي من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي آنذاك حينما قال لوسائل الإعلام، إنّ هناك محاولات لجعل كردستان “إسرائيل ثانية”. وحينما وصل الصحافي الإسرائيلي إلى العراق لتغطية معارك تحرير الموصل من عناصر داعش، لم يتمكن المالكي من إخفاء غضبه من الأمر، وقام الكثير من السياسيين العراقيين بالإضافة إلى المالكي باتهام رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني بدعمه لإسرائيل، ودائما يذكرون بأنّ إسرائيل قد قدّمت الدعم للكورد في سبعينيات القرن الماضي في الحرب والوقوف إمام الحكومة المركزية.
وشدّدّ كوهين على أنّ الدول الداعمة لإعلان دول كردستان المستقلة هي قليلة، وإقليم كردستان الذي لا يمتلك أيّ منافذ بحرية له حدود مع العراق وتركيا وإيران وسوريّة، وهذه الدول، وخصوصًا تركيا وإيران، تقف وبشدّةٍ ضدّ إعلان دولة كردستان، وهم يفكرون مثل المالكي، ويخافون أنْ تكون كردستان “إسرائيل الثانية”.
ولذلك، أوضح د. كوهين، تحاول إيران وتركيا، إفشال عملية إجراء الاستفتاء، وتحاولون أيضًا زرع التفرقة بين الإطراف الكوردية، إلّا أنّ إسرائيل ستستفيد اقتصاديًا وأيضًا امنيًّا من دعمها لدولة كردستان المستقلة، فهي ستضع حدودًا لتحركات الجهاديين في سوريّة والعراق، وعلى تل أبيب أنْ يكون لها دورها في التغييرات بإقليم كردستان، ولهذا فمن مصلحة القوات الإسرائيلية أنْ تقوم بتدريب قوات بيشمركة دولة كردستان، ويمكنها أنْ تقوم بفتح مقرٍّ عسكريٍّ لها في كردستان، لكي يتمكنوا من حماية دولة كردستان، أيضًا قد يساعد إعلان دولة كردستان إلى عودة اليهود الذين كانوا يسكنون هناك أوْ في العراق لمناطقهم ومنازلهم التي أخذتها الدولة العراقية، وقد يؤثر هذا الأمر أيضًا على اتفاقات السلام مع العرب.
إذن، أوضح الباحث، ومع كل هذه المصالح، فالشعب الإسرائيليّ متعاطف مع ثورات الكورد، وهناك الكثير من النقاط المشتركة بين الشعب الكوردي والشعب الإسرائيلي، فقد أصبحا مشتتين في هذا العالم.
ولفت إلى أنّ إيران وتركيا والدول العربية أيضًا، لن توافق أبدًا على استقلال إقليم كردستان، وعلى الكورد أنْ لا يضيعوا وقتًا أكثر من ذلك، وعليهم إعلان دولة كردستان والاستقلال عن العراق بعد إجراء الاستفتاء مباشرة، ومن المتوقع أنْ تكون من الدول المستقرة التي تحترم حقوق الإنسان، وهذا سيجعلها مختلفة عن الدول التي تجاورها، وعلى إدارة الرئيس ترامب أنْ تدعم استفتاء واستقلال إقليم كردستان عن العراق، لأنّ هذا التغيير سيصب في مصلحة جميع دول المنطقة.
وخلُص إلى القول إنّه يجب أنْ يكون للكورد دولتهم أيضًا، وسيكون من الأفضل إذا تمّ ذلك سريًا، وعلى المجتمع المدنيّ أنْ يدعم استقلال دولة كردستان، كما يدعم إعلان الدولة الفلسطينية، فحق تقرير المصير هو حق للجميع ولا يمكن أنْ يكون محصورًا بيد عددٍ من الأشخاص، وفق تعبيره.