بقلم : د. حميد عبد الله

تداخل عجيب حدث في عراقنا بين ما لقيصر وما لله، ما للشيطان وما للرحمن، ما للناس وما لحكامهم، ما للرعية وما للرعاة!

لم يعرف تاريخ الأحزاب في الدول التي رسُخت في أرضها تقاليد للعمل الحزبي.. لم يعرف حزباً واحداً يعتاش ويبذخ من المال العام، فالحزب تشكيل سياسي يموّله أعضاؤه، والدولة كيان سياسي لكل فرد من أفراده حق معلوم في خيراته، الأحزاب للحزبيين والدولة لجميع أبناء الشعب .. أحزابنا لم تكن حاجة تاريخية بل طفح يظهر على الجلد  ثم سرعان مايتحول الى دمامل تقيح صديدا ساما، وهي في وجهها الآخر براغيث تعتاش على دمائنا ،،وليس موائد سخاء نعتاش على بذلها وعطائها ، ونستلهم من تضحياتها!

كذلك فإن الحكومة لا يجوز أن تتداخل مع الدولة أو تأخذان شكلاً متشابهاً وترتديان ثوباً مشتركاً وتحملان وجهاً واحداً!

الحكومة زائلة والدولة باقية، الحكومة نتاج تحالفات سياسية تنتهي بالانفراط أو الإزاحة بقانون المنافسة، والدولة حقل واسع ينبت فيه الجوري والصبار، البرحي والعوسج، الرمان والحصرم!

في عراقنا يغتني الحزبيون من خيرات الدولة ويموت الناس جوعاً بسبب تسلط أحزاب ليس لشراهتها حدود!

الحزب الحاكم في جميع الحالات والأوقات يصادر الدولة ويضعها في جيبه حتى إذا خرج من السلطة يتركها عظاماً نخرة لا حياة فيها ولا عافية!

بيت المال ليس ملكاً لحزب ولا لحاكم ولا لحكومة، إنما هو ملك الناس جميعاً!

لا تأبه الحكومات عندنا لتبديد وهدر ثروات البلاد إذا كان ذلك كفيلاً بإطالة عمرها أو تلميع وجهها، وذلك هو المرض العضال الذي يُبقي دولتنا في غرفة الإنعاش إلى أمد الله وحده يعلم نهايته!

 


Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.