بدأت “محكمة العدل الدولية”، منذ يوم الاثنين، ولمدة أربعة أيام متتالية؛ النظر في الدعوى التي قدمتها “إيران” ضد “الولايات المتحدة”، تقول فيها إن القرار الذي إتخذته “واشنطن”، في آيار/مايو 2018، بفرض عقوبات عليها بعد انسحاب “الولايات المتحدة” من الاتفاق النووي يمثل خرقًا لمعاهدة صداقة مبرمة بين البلدين عام 1955.
وتتهم إيران، الولايات المتحدة، حاليًا بأنها تفرض “حصارًا” على اقتصادها. وترغب الجمهورية الإسلامية في أن تأمر “محكمة العدل الدولية”، ومقرها “لاهاي”، واشنطن بوقف الإجراءات موقتًا، قبل أن يصدر القضاة في ما بعد قرارهم بناء على مضمون القضية.
ويتمثل أحد دفوع “طهران”، في هذه القضية، في الإستناد إلى اتفاقية كانت قد وقعت بين “واشنطن” و”طهران”، عام 1955، في عهد “الشاه”، أي قبل الثورة، التي أطاحت بنظام حكمه، تسمى معاهدة “الصداقة”؛ تتعلق بإقامة علاقات ودية وتنظم العلاقات الاقتصادية والحقوق القنصلية، وهي المعاهدة التي تقول “محكمة العدل الدولية” إنها ما زالت سارية قانونًا رغم قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدي، منذ عام 1980.
ترفض نظر “محكمة العدل” بالقضية..
من جانبها؛ رفضت “أميركا” نظر “محكمة العدل الدولية” للقضية، مؤكدة على أنها غير مخولة للنظر في الطلب الإيراني بإصدار أمر يقضي بتعليق العقوبات، التي أعادت “واشنطن” فرضها على “طهران”، على خلفية برنامجها النووي.
وأشارت “واشنطن” إلى المخاوف الأمنية لديها؛ في أول رد قانوني على الدعوى المقدمة من “إيران”.
وقالت محامية وزارة الخارجية الأميركية، “غينيفر نيوستيد”، أمام “محكمة العدل الدولية”، في “لاهاي”، إن المحكمة “تفتقر إلى اختصاص قضائي أولي للنظر في إدعاءات إيران”.
وأكدت على حق “الولايات المتحدة” حماية أمنها القومي ومصالحها. وقالت إنه بالتالي لا يمكن للمعاهدة “أن تشكل أساسًا للسلطة القضائية لهذه المحكمة”.
ورفعت “الولايات المتحدة”، وعدة قوى كبرى، العقوبات عن “إيران” بموجب اتفاق أبرم في 2015، بعد سنوات من الجهود الدبلوماسية. وفي المقابل، تعهدت “إيران” عدم السعي لصناعة أسلحة نووية.
إلا أن “ترامب” اعتبر أن الاتفاق غير كاف لضمان الحد من التهديدات الإيرانية فانسحب منه، في آيار/مايو 2018، وبدأ إعادة فرض العقوبات على “الجمهورية الإسلامية” هذا الشهر، ما أثار قلق باقي الدول الموقعة.
العقوبات تهدد معيشة الإيرانيين وتعرقل الصفقات التجارية..
ولدى إنطلاق جلسات المحكمة، الاثنين 27 آب/أغسطس 2018، أشار محامو “إيران” إلى أن العقوبات تهدد مستوى مواطنيها المعيشي وتعرقل صفقات تجارية بقيمة عشرات مليارات الدولارات.
لكن محامية “الولايات المتحدة” حملت “طهران” مسؤولية المصاعب الاقتصادية التي تواجهها.
وقالت “نيوستيد” إن جذور مشاكل “الجمهورية الإسلامية” الاقتصادية تعود إلى “سوء إدارة الحكومة الإيرانية لاقتصادها وقمعها لشعبها”.
عدوان اقتصادي مفضوح..
ويشير “ترامب” إلى أن العقوبات ضرورية لضمان عدم تمكن “إيران” قط من إمتلاك قنبلة نووية، كما يتهم “الجمهورية الإسلامية” بدعم “جماعات إرهابية”. واعتبر محامي إيران الرئيس أمام محكمة العدل الدولية، “محسن محبي”، أن العقوبات بمثابة “عدوان اقتصادي مفضوح”.
قائلاً: إن “الولايات المتحدة تروج علنًا لسياسة تهدف إلى الإضرار لأقصى درجة ممكنة بالاقتصاد الإيراني والمواطنين والشركات الإيرانية”.
وأضاف أن بلاده “ستقاوم بأكبر قدر ممكن الخنق الأميركي لاقتصادها، بكل الوسائل السلمية”.
إدعاءات لا أساس لها..
وفي المقابل؛ اعتبر وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، أن إدعاءات طهران “لا أساس لها”.
وفاقمت الإجراءات الأميركية مشاكل “إيران” الاقتصادية، حيث أدت إلى إضرابات واحتجاجات واسعة.
وفقدت العملة الإيرانية حوالي نصف قيمتها، منذ نيسان/أبريل الماضي.
وتستهدف العقوبات التعاملات المالية واستيراد المواد الخام والسيارات والطائرات إلى جانب قطاعات أخرى.
كما أعلنت شركات دولية؛ بينها شركة “توتال” الفرنسية للنفط، و”سيمنز” الألمانية، تعليق عملياتها في “إيران”، منذ إعلان “ترامب” في آيار/مايو الماضي.
كما أنه من المتوقع أن تفرض حزمة ثانية من العقوبات على الدولة، العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط، (أوبك)، مطلع تشرين ثان/نوفمبر 2018، حيث ستستهدف “قطاع النفط” الهام في البلاد.
تاريخ من تجاهل قرارات المحكمة..
وطالب محامو “إيران”، المحكمة، بالإسراع في إصدار أمر بتعليق العقوبات بانتظار حكم نهائي، إلا أن المحامية، “نيوستيد”، اعتبرت أن لدى “إيران” هدف أكبر وهو “إعادة تخفيف العقوبات” بالمجمل، وهو أمر قالت إنه يتجاوز اختصاص المحكمة.
وعلقت المحكمة، جلسة الثلاثاء، حيث سيتم عقد جلسة جديدة، اليوم الأربعاء، عندما تكون لدى “إيران” فرصة للرد على حجج “الولايات المتحدة”.
ومن المتوقع أن يستغرق قرار “محكمة العدل الدولية”، بشأن ما إذا كانت ستصدر حكمًا مؤقتًا إستجابة لطلب “طهران” عدة أسابيع. وأما الحكم النهائي فقد يستغرق سنوات.