«القدس العربي»: تنظر هيئة رئاسة مجلس النواب العراقي في ملفات استجواب تسعة وزراء في الحكومة الحالية، تمهيداً لإدراجها في جلسات البرلمان، خلال الأسبوع الأخير من عمر الدورة التشريعية الحالية، لكن نواباً أعربوا عن خشيتهم من محاولة البرلمان «تسويف» ملف الاستجوابات.
وقالت نائبة رئيس لجنة الخدمات والإعمار في مجلس النواب العراقي، أمل مرعي، لـ«القدس العربي»، إن «هناك عددا كبيرا من طلبات الاستجواب مقدمة من قبل نواب من كتل سياسية مختلفة، بحق عدد من المسؤولين التنفيذيين، معروضة أمام هيئة رئاسة مجلس النواب».
وأضافت: «الاستجوابات تأخرت بسبب آلية الاستجواب، وظروف أخرى مجهولة، فضلاً عن التدقيقات القانونية»، مشيرة إلى أن «رئاسة البرلمان حصرت الاستجوابات في الأسبوع الأخير من الفصل التشريعي الحالي، الذي لم يتبق من عمره وقت كافٍ لإجراء الاستجوابات».
وكشفت مرعي عن وجود «تسعة استجوابات مطروحة على البرلمان تشمل وزراء مختلفين»، مؤكدة أن «لجنة الإعمار والخدمات البرلمانية تتبنى استجوابا لوزيري الاتصالات والنقل».
وتابعت أن «هناك إجماعا داخل لجنة الخدمات على استجواب وزير النقل، وسيكون الاستجواب باسم اللجنة، في حين أن أحد أعضاء اللجنة يتبنى استجواب وزير الاتصالات»، مشيرة إلى أن «هناك تفاوتاً في آراء أعضاء اللجنة حول استجواب الوزير».
وطبقاً للمصدر، فإن «استجواب وزير النقل لا يتعلق بمواقف شخصية، بل إنه يأتي لوجود أخطاء وخلل في إدارة الوزارة»، مبينة أن «اللجنة وجهت الوزير مرات عدّة، بإعادة النظر في آلية إدارة الوزارة، لكن لم تقدم الوزارة أي تحسن في أدائها».
وحسب مرعي «لو عالج وزير النقل الحالي الملاحظات والنقاط التي طرحها البرلمان على الوزير السابق، لما وصلنا إلى مرحلة استجوابه».
وثائق تدين الوزراء
نائب رئيس لجنة الخدمات والإعمار، أكدت أن هناك «ملف استجواب أيضاً لوزير الزراعة، فضلا عن طرح مقترح لسحب الثقة عن وزير التجارة»، موضحة أن «الوثائق التي يمتلكها النواب المستجوبون، تمهد لسحب الثقة عن عدد من الوزراء».
كذلك كشفت عضو لجنة المهجرين والمرحلين النيابية النائبة زينب عارف البصري، عن وجود «ضغوط وتدخلات» من قبل شخصيات سياسية ورجال أعمال للعدول عن استجواب وزير الهجرة والمهجرين جاسم الجاف.
وقالت في بيان، إن «جهات عليا (لم تسمها) في وزارة الهجرة والمهجرين تعرقل حصولنا على المعلومة من خلال عدم الإجابة على مخاطباتنا، فضلا عن عدم السماح لدوائر الوزارة بالتعاون معنا وتزويدنا بالمعلومات المطلوبة»، مشيرة إلى أن «هذا التصرف ليس إلا محاولة لكسب الوقت لن تجدي نفعاً».
وأوضحت أن «هناك العديد من الملفات التي سنطرحها خلال استجواب وزير الهجرة والمهجرين، منها أمور تتعلق بلجان المشتريات التي باتت حديث الشارع العراقي، والسلات الغذائية وقدور الطبخ والبطانيات والخيم ومخازن أربيل وقيام جهات عليا موجودة في الوزارة حاليا بالضغط على الجهات الرقابية لإغلاق التحقيق في قضية توزيع وحدات سكنية مخصصة للنازحين على حاشية الوزير السابق».
وتابعت «سنطلب من رئاسة مجلس النواب والجهات الرقابية المعنية إرسال لجان تحقيقية إلى كل من أربيل والسليمانية وكلار ودهوك لكشف حسابات بعض شركات التحويل المالي والصيرفة ومعرفة الجهات التي يتم تحويل الأموال لمصلحتها، وما علاقاتها وارتباطاتها ببعض الاشخاص».
البصري أكدت أن «هناك ضغوطاً وتدخلات موثقة لدينا نتعرض لها من قبل شخصيات سياسية ورجال أعمال للعدول عن استجواب وزير الهجرة والمهجرين، وننصح هؤلاء بترك الأمر وإلا سنضطر للكشف عن هذه الأسماء وتقديمها للقضاء أيضاً»، ماضيةً إلى القول، «بعد ورود إجابات وزارة الهجرة سنعلن في مؤتمر صحافي أسماء الشركات ومن يقف وراءها وكيف كانت تحال الأعمال وغيرها».
أحكام ضد فاسدين
في الأثناء، أصدرت محكمة جنح الرصافة في بغداد، حكماً بالحبس لمدة سنة بحق مدير عام في وزارة الزراعة على خلفية إحالته مشاريع القرى العصرية في محافظات النجف والقادسية وصلاح الدين إلى مقاولين ثانويين.
وقال المتحدث الرسمي لمجلس القضاء الأعلى القاضي عبد الستار بيرقدار في بيان، إن «هذا العمل يعد مخالفاً لبنود العقود المبرمة ومخالفا لواجبات الوظيفة»، لافتا إلى أن «الحكم يأتي استنادا إلى أحكام المادة 331 من قانون العقوبات العراقي النافذ».
وأيضاً، أصدر مجلس القضاء الأعلى، حكماً بسجن محافظ ديالى السابق عمر الحميري لمدة ستة أعوام على خلفية تهم فساد.
وقال المتحدث الرسمي للمجلس القاضي عبد الستار بيرقدار في بيان لاحق، إن «محكمة جنايات النزاهة أصدرت حكما حضوريا بالسجن لمدة ست سنوات بحق محافظ ديالى السابق عمر الحميري».
وأضاف أن «القرار جاء استنادا إلى أحكام المادة 340 من قانون العقوبات العراقي لإضرار المتهم بالمال العام عبر المغالاة في أسعار المواد المشتراة».
وأعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، في كلمته الاسبوعية الأخيرة، عن عزم حكومته خوض «حرب» ضد المسؤولين الفاسدين، الأمر الذي لاقى ترحيباً في الأوساط السياسية.
إلى ذلك، دعا رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، أمس الأحد، إلى الوقوف أمام ما وصفها بـ«آفة الفساد» والحد من انسيابها في مؤسسات الدولة، فيما حثّ العاملين في قطاع الصحة على البحث عن وسائل تسهم بتقديم خدمات للمواطن بشكل غير مكلف ومتطور.
وقال، في كلمة ألقاها خلال المؤتمر الأول لتأهيل القطاع الصحي، الذي عقد في بغداد، إن «الفساد في العراق أخذ مأخذه في مؤسسات الدولة، ونتمنى على الجميع الوقوف أمام هذه الآفة والحد من انسيابها».
«دعاية انتخابية»
وعلى الرغم من ذلك الترحيب، فإن تحالف القوى العراقية «حذّر» من تحويل قضية محاربة الفساد إلى «دعاية انتخابية» أو مشاريع «للتسقيط السياسي».
وقال رئيس كتلة التحالف في مجلس النواب العراقي صلاح الجبوري في بيان، إن «مبادرة محاربة الفساد وتحرير الموارد الوطنية تعد بمثابة الصفحة الثانية لعمليات تحرير المدن».
وأضاف: «مبادرة القضاء على الفساد يجب ألا تكون حبيسة ملفات الحكومة والوزارات، بل يجب أن تشمل ملفات الحكومات المحلية ومجالسها ودوائرها كونها أيضاً عليها علامات استفهام كبيرة في ضياع ميزانيات تنمية الأقاليم والمحافظات منذ 2004 وحتى يومنا هذا».
وأعرب عن أمله أن «لا تتحول دعوات ومطالبات محاربة والقضاء على الفساد إلى شعارات انتخابية أو مشاريع للتسقيط السياسي أو أسلوب جديد لاقصاء المنافسين الانتخابيين، وهو ما قد يفقد المبادرة فعاليتها ويزعزع ثقة المواطن في حكومته»، على حدّ قول البيان.