قبل أيام من الذكرى الرابعة لبداية الحرب الأهلية، التي حصدت الكثير من الأرواح، دخل حيز التنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين حكومة “جنوب السودان” والفصائل المسلحة، منتصف ليل السبت، وسط مخاوف من خرقه مثلما حدث في ظل اتفاقات سلام أخرى.
وتم الاتفاق على آخر محاولة يائسة لوقف إطلاق النار، خلال الأسبوع الجاري، في العاصمة الإثيوبية “أديس ابابا”، إذ تعهد مسؤولون عن الحكومة والمعارضة بوقف إطلاق النار بداية من عشية أعياد الميلاد، (24 كانون أول/ديسمبر الجاري)، بحضور ممثلين عن منظمة “إيقاد” شبه الإقليمية والاتحاد الإفريقي، حسبما أفادت صحيفة (الموندو) الإسبانية.
ويهدف هذا الاتفاق إلى إعطاء فرصة للمنظمات الإنسانية كي تتمكن من التنقل بين المناطق وتقديم المساعدات للمواطنين، إذ أضطرت الكثير من المؤسسات إلى مغادرة البلد بسبب غياب الأمن.
ويطالب الاتفاق الطرفين بتحرير أسرى الحرب، والمسجونين السياسيين، وصغار الجنود والسبايا الذين وقعوا ضحايا للعنف الجنسي.
من جانبه، أصدر رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، “موسى فكي محمد”، بياناً أوضح فيه أن “الاتفاق يعد خطوة جديدة في سياق الجهود، من أجل وضع حداً للصراع والمذابح، التي تتم في جنوب السودان منذ 2013″، وأضاف: “وهي مرحلة أولى مشجعة وجميعنا أرهقنا من الحرب”.
الفرحة بالإنفصال تكسرت على صخرة النزاعات..
نشبت الحرب في جنوب السودان، البلد الأحدث في العالم، في كانون أول/ديسمبر عام 2013، أي بعد 29 شهراً فقط على الإنفصال عن السودان، الذي أنهى عقوداً من الخلافات، لكن الفرحة بتحقيق حلم الإنفصال تكسرت على صخرة النزاعات الداخلية، إذ أنهى الرئيس، “سلفا كير ميارديت”، الذي ينتمي إلى العرق “الدينكي”، ونائبه السابق وزعيم المعارضة، “رياك مشار”، المنتمي إلى “النوير”، الوحدة التي شكلوها في تموز/يوليو 2011، عندما قام “كير” بطرد “مشار” من الحكومة متهماً إياه بمحاولة السيطرة على الحكم.
سبب الحرب .. صراع قبلي على البترول..
منذ ذلك الحين بدأت الحرب، التي راح ضحيتها آلاف القتلى، ونزح ثلث الشعب، (4 ملايين نسمة)، من مدنهم، وتعرضت البلد إلى أزمة غذائية وإنسانية.
ويرجع تاريخ الصراع القبلي بين الطرفين إلى الرغبة في السيطرة على آبار البترول، إذ كان جنوب السودان يمتلك 75% من إحتياطات النفط في السودان قبل الإنفصال، وخلال 4 سنوات من الحرب الطاحنة تم توقيع عدة اتفاقات السلام وشهدت الكثير من عهوداً لم تنفذ.
فقدان الثقة في أي اتفاق لوقف القتال..
يعد الاتفاق الذي تم توقيعه هذا الأسبوع، محاولة لإعادة إنعاش الاتفاق الأخير، الذي وقع في 2015 وفشل العام الماضي، بسبب وقوع مواجهات عنيفة في تموز/يوليو بالعاصمة “غوبا”، ولم تفلح جهود الوساطة التي قام بها الاتحاد الإفريقي ومطالبات الأمم المتحدة والحكومات الأجنبية في تغيير الأوضاع، لدرجة أن هذا الأمر تسبب في فقدان الثقة في أي اتفاق لوقف القتال.
وفي كانون ثان/يناير عام 2014، تم الاتفاق على وقف القتال أستمر لعدة ساعات فقط، ثم أستئنفت المباحثات في آب/أغسطس، وبعد مرور عام كامل، في أواخر آب/أغسطس عام 2015، أصدرت الأمم المتحدة إنذاراً أخيراً للطرفين للقبول باتفاق سلام؛ يتم بموجبه تشكيل حكومة إنتقالية تتضمن “مشار”، وبالفعل تم تشكيل هذه الحكومة في نيسان/إبريل 2016، لكنه طُرد مجدداً في تموز/يوليو، وتجددت المناوشات مرة أخرى.
عملية تطهير عرقي..
في أواخر العام الماضي، نددت الأمم المتحدة بقيام الطرفين بعملية تطهير عرقي، الأمر الذي قوبل بالنفي من قبل الحكومة والمتمردين، وفي آيار/مايو 2017 صرح الرئيس “كير” بأنه يقبل ببداية حوار جديد، وأعلن وقف القتال من جانب واحد، لكن المواجهات والإعتداءات ضد المدنيين لم تتوقف أبداً.