مع تأكيد مصادر نيابية عراقية للزيارة المرتقبة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى العراق، تدور التساؤلات حول رسائل ودلالات عزمه على زيارة النجف ولقائه بمراجع الدين الشيعة.
ولعل ما يميز زيارة ولي العهد السعودي إلى العراق، هو أنها أول زيارة لمسوؤل سعودي كبير منذ عام 1989، والتي أجراها الملك الراحل فهد بن عبد العزيز لحضور القمة العربية في بغداد.
إبعاد الزخم الإيراني
المحلل السياسي، يحيى الكبيسي قال انه من الواضح أن السعودية بدأت تتخذ خطوات متتابعة في سبيل إعادة العلاقة بين البلدين إلى أفضل وضع منذ غزو العراق للكويت عام 1991″.
ورأى أن “المشكلة الأساسية أن هذه الاستراتيجية ليست مرتبطة مباشرة بمحاولة إنتاج علاقات ثنائية، بقدر ما هي مرتبطة بطبيعة الاستقطاب الحاصل في المنطقة ومحاولة إبعاد العراق عن الهيمنة الإيرانية”.
وتساءل الكبيسي، قائلا: “هل هناك استراتيجية سعودية واضحة ومحددة تجاه العراق؟ وهل لدى الأخير استراتيجية لعلاقات إقليمية متوازنة؟ الأهم هو طبيعة الاستراتيجية التي ستتبعها الدولتان على المديين القريب والبعيد”.
من جهته، قال المحلل السياسي أمير الساعدي إن “زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى العراق، تأتي في إطار استكمال تعضيد العلاقة بين البلدين، التي بدأت مع ظهور قيادة الأخير في السعودية”.
وأضاف “أن “ابن سلمان يحاول بقيادته للسعودية، أن يكون عصا التوازن الجديدة مع الطرف الإقليمي ولاسيما إيران، وهناك محاولات عدة حصلت بدعم ومشورة من أمريكا، لدفع الزخم الإيراني إلى خارج العراق، وإعطاء اللمسة العربية الحضور الأكبر”.
وتابع الساعدي: “لكن العراق لديه علاقات استراتيجية مع إيران، وهذا ما أكده رئيس الوزراء حيدر العبادي، بأن العراق يبقي على باب العلاقات الخارجية مفتوحا ولا يميل لطرف على حساب آخر، ويحاول جاهدا أن يكون الحضن العربي حاضرا”.
شكوك بلقاء السيستاني وتوقعات باجتماع مع الصدر
وحول نية ابن سلمان لقاء مراجع الشيعة بالنجف، كما فعل بمصر حين زار الأزهر والكنيسة المسيحية، قال الكبيسي، إن “الوضع يختلف بالعراق، فالمرجع السيستاني لديه استقلالية تامة، ولا يمكن للدولة أن تطلب منه استقبال ولي العهد السعودي”.
واستبعد، أن يجري محمد بن سلمان زيارة إلى النجف، لأن زيارة هذه المدينة بدون لقاء السيستاني، ستكون ناقصة وستثير الكثير من الأسئلة، “لذلك لا أعتقد أن يزور ولي العهد السعودي مدينة النجف”.
أما ما يتعلق بزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، فإن “الوضع يختلف لأن لديه علاقة جيدة بالسعودية وهو الزعيم الشيعي الوحيد الواضح، وكذلك إذا التقى عمار الحكيم، فهو أمر اعتيادي”، وفقا لكبيسي.
واتفق الساعدي مع ذلك، بالقول: “أستبعد أن يزور ولي العهد السعودي علي السيستاني، ومن غير المستغرب أن يلتقي الصدر وبعض المراجع الأخرى، لكن قد تكون وساطة الصدر هي المحرك لتحريك المياه الراكدة”.
واعتبر المحلل السياسي العراقي، زيارة ولي العهد إلى النجف، “استكمالا لزيارة مقتدى الصدر إلى الرياض، التي فتحت ممرات تقارب العلاقات بين البلدين ومع الطرف الشيعي أيضا”.
وعلى خلاف كيان العبادي وتيار الصدر، فقد أعلنت أطراف سياسية شيعية قريبة من إيران، الخميس، عدم ترحيبها بزيارة ولي العهد السعودي، وأبرزها: عصائب أهل الحق، ومنظمة بدر، وائتلاف دولة القانون.
العبادي وجه دعوة للامير محمد
وكان وزير الدفاع السابق، والنائب الحالي، سعدون الدليمي، قد كشف الاثنين، أن ابن سلمان سيزور العراق رسميا ليومين، الأول في بغداد لتوقيع اتفاقيات مع رئيس الوزراء حيدر العبادي، والثاني لزيارة النجف ولقاء بزعامات دينية.
وأوضح الدليمي أن زيارة ابن سلمان ستكون “زيارة تاريخية تبشر المنطقة والمسلمين جمعاء بمرحلة جديدة من السلم والتعايش بين المسلمين بعيدا عن التكفير والصراع الطائفي”.
وعلى نحو متطابق، أكدت وسائل إعلام خليجية الزيارة، منها صحيفة “أخبار الخليج” البحرينية، أن ابن سلمان سيزور العراق قريبا، ويوقع خلال ذلك اتفاقيات مع بغداد، ويفتتح معبر عرعر الحدودي بين البلدين، والقنصلية السعودية في النجف.
كما نقلت صحيفة “الجريدة” الكويتية عن مصادر مقربة من حكومة بغداد، أن جهاز المخابرات وقوات النخبة العراقيين يواصلان منذ يومين وضع ترتيبات أمنية فائقة في العاصمة العراقية ومدينة النجف، مرجحة أن يكون لذلك صلة بزيارة ولي العهد السعودي.
وكان النائب جاسم جعفر قال في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، إن “العبادي وجّه دعوة إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، خلال زيارته الأخيرة إلى السعودية”.