هل جاءت الثورة متأخرة أم مبكرة …؟
ضرغام الدباغ
أوراق التين بدأت تتساقط لتظهر عورة النظام الذي تأسس بعد 2003، وبحسب رؤيتنا أنها قد تأخرت … 16 عاماً ليست قليلة، بل هي حقبة طويلة، ولكن وفق المقاييس التاريخية لا تعتبر كذلك، أن تسقط مرحلة أستغرق الإعداد لها عقوداً طويلة ولتطال أهدافاً كبيرة، وتؤسس مرحلة جديدة ليس للعراق فحسب، بل لعموم المنطقة. خطط تفصيلية معقدة، اشتغل عليها دهاقنة مختبرات المخابرات في دول كبرى وصغرى، مجتمعين ومنفردين في تكافل وتضامن سياسي / جنائي كامل الأبعاد .. تصاغروا وأصبحوا صغاراً عندما تآمروا ومعهم كل هذا الحشد بقواهم السرية والعلنية عقوداً طويلة لإسقاط العراق، أقدر أنها بدأت منذ منتصف السبعينات .. ودخلت حيز التنفيذ الفعلي منذ عام 1980، وبكامل القوى منذ عام 2003.
دور إيران في مجلس المؤامرة دور تبعي، فهي لا تملك القوة لكي تفرض أمراً، فهي مضطرة لأن تقبل ما يعطى لها من الغنائم، بقناعة أو بغير قناعة، تلخص دورها بذر قرن الفتن، وهذا الدور وإن كان قذراً، ولكن من يسأل عن القذارة في جو موبوء قذر من رأسه إلى أساسه ..! وحكماء إيران لا يفقهون إلا بالخبائث من الأمور والخطط السوداء، فقرروا دخول الحفلة الحقيرة، على أن ينالوا فيما بعد ما يرمون إليه بالمناورة والحيلة. أما إسرائيل فبوصفها دولة عسكرية الطابع والأخلاق، لا تفهم إلا مبدأ إلحاق اكبر قدر من الخسائر بالخصم القوي.
أما الأمريكان فكانوا وما زالوا ينظرون إلى القضية بمنظار يفتقر إلى المنطق، والتاريخ، والأمريكان لا يفهمون في التاريخ لأن لا تاريخ لهم، وبوصفهم مؤسسي مذهب البراغماتية فلا علاقة لهم بالمنطق يتدبرون أمورهم بالدولار والقوة المسلحة، وهكذا وضعوا قاعدة العمل : أكراد ــ شيعة ـــ سنة عرب . وإذا قلت لهم الشيعة عرب قالوا لك ..” لا..لا..لا الشيعة طائفة أخرى” وإذا قلت لهم ” طيب الأكراد سنة .. قالوا لك ” لا.. لا.. لا.. لا… الأكراد قومية أخرى، وإذا قلت لهم هذا غير مفهم سيقولون لك المادة 17 من مجلس الأمن، والكروز والأف 16 سيفهمك … هكذا بدأت الأمور وهكذا جرت طول 16 سنة .. الأمريكان يعرفون كيف يشعلون الحرائق ولكن لا يعرفون تدبيرها ..! هذا أمر صار مفهوماً في السياسة الدولية المعاصرة.
اليوم شباب ساحة التحرير عراقيون سنة وشيعة، وبينهم أكراد وتركمان ومسيحيون، ساحة التحرير هي البرلمان الحقيقي وممثلوا الشعب العراق بكل جدارة .. قلبوا طاولة الاحتلال رأساً على عقب، وقبعت حجارات الشطرنج في المنطقة الخضراء تريد أن تستعيد الموقف بالحيلة والكلاوات .. فتارة يمارسون التمثيل فيبكون شهداء الثورة، وتارة يصدرون قرارات الإصلاح، شيئ واحد لا يريدون فهمه .. أن الطاولة قلبت .. والأمر بالمعنى العملي والعلمي أنتهي، ولكن كيف تريدهم أن يصدقون …؟
ـــ الآن الكرد … الواقع العملي والسياسي جعلهم تيارين …! وانغمسوا في حفلة الشطح والبطح، والقلع والبلع، وعندما كشف أن هناك مئات المليارات قد تبخرت .. صار اخواننا الكرد يتساءلون فيما بينهم … أين ذهبت هذه الجبال من الأموال … يخرب بيتكم .. أسرقوا بأنصاف …
ــ الشيعة، هم شيعة عراقيون وعرب والأئمة أئمتنا وأمير المؤمنين هو خليفتنا، اكتشفوا أنهم ضحايا حفلة نصب واحتيال، مسهم الضر حتى بلغ النخاع، وأصبح وعياً عاماً لدى الشعب، هل من المعقول أن يأكل شعبنا من الزبالة ونحن عندنا هذه المليارات…؟ الآن انتهى هذا أيضاً .. ولم يعد بوسع أحد أن يخدع حتى طفلاً في مهده ..! الناس فهمت انها انضربت بوري .. ومن العيار الثقيل .. والنتائج .. تجيك السالفة ..!
مالعمل …؟
بالعراقي … ما كو عمل … أكو ثورة والمحترم حتى لا يتبهدل عليه أن يسلم بقوة التاريخ .. وإرادة الملايين .. وأن التناقض الآن هو بأعلى درجاته .. تناقض تناحري شديد القوة، هل رأيتم شعباً يقبل بالاحتلال ..؟ أتريدون من العراقيون أصحاب الراس الحار الذين رفضوا الاحتلال العثماني وكان بأسم الخلافة .. فكيف يقبل باحتلال تحت شعار نحن ولاية الفقيه، وعليكم أن تقبلوا أن نحتلكم ونسلبكم أموالكم ومصانعكم وندعكم بلا ماء وكهرباء لمدة 16 سنة، ونسلط عليكم اللصوص والحرامية والفاسدين .. وعليكم تغيروا طباعكم وأخلاقكم ويجب عليكم إبداء فروض الطاعة .. لماذا ..؟ لماذا يجلس حثالاتنا أمام سليماني كطلاب أبتدائية يعلمهم ماذا يفعلون .. هذه مناظر مخزية عار في تاريخنا العراقي سنجتهد أن نمسحها من الذاكرة ..
اتعلمونا حب آل بيت نبينا وهم ساداتنا وكبارنا وقادتنا، ومقاماتهم عندنا بالحفظ والصون والاحترام، سوالفكم فالصو ..هذا أنتهى الآن .. هذه القصة فقدت وهجها .. وبان صدئها .. وأسمعوا مني النصيحة .. من ختيار يشتغل سياسة 62 سنة، ودرس السياسة ومارسها محترفاً كدبلوماسي .. أخرجوا قبل أن تكبر السالفة .. وتخسرون أكثر .. التاريخ لن يرجع للوراء لا ولن يعود لما قبل 1 / تشرين الأول .. هذه فكرة أمسحوها من رؤوسكم .. العراق تغير … المعادلات تغيرت ..