بقلم: سارية العمري
بعد أحداث السابع من اكتوبر (تشرين الأول) التي أحدثت صدمة كبيرة للمؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية من حيث التخطيط والتنفيذ، صرح الإسرائيليون أن قادة «حركة حماس» باتوا في عداد الموتى، ومنذ ذلك الوقت، غيرت إسرائيل نمط عملياتها المخابراتية واسلوبها حين خلعت قفازات حرب الظل التي تخوضها مع إيران رغم ان يقين الطرفين ان أسلوب التخادم بينهما يجري وفق ما تشتهي رياح سفنهم من حيث المصالح والغايات، وفق ما يعرف بمصطلح “الافعى والمزمار”.
ومن هنا يأتي اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس “إسماعيل هنية” في إيران الذي يمثل في السياقات الدولية والمجتمعية، انتهاك صارخ للسيادة والكرامة والأعراف، ما يجعل طهران في موقف حرج إذا ما ردت على فعل تل أبيب بما يتناسب وحجم الفعل الشنيع الذي ارتكبته، خصوصاً وان بروز عدة سيناريوهات لعملية الاغتيال لن يقلل من طريقة الرد على اعتبار أن كلاهما مُر.
السيناريو الأول: (الرواية الإيرانية)
زعمت طهران أن ضيفها إسماعيل هنية تم اغتياله ومرافقه الشخصي من خلال مقذوف أطلق من خلال طائرة مسيرة على مكان اقامته الذي يحظى برقابة صارمة من قبل الاستخبارات الإيرانية وحرسها الثوري، ما أدى إلى تدمير جزء من سقفه ونوافذه وان إسرائيل هي من خططت ونفذت عملية اغتيال هنية، على الرغم من عدم تبني إسرائيل عملية الاغتيال ولم تعلق أصلاً على الحادث وهذا ما أكده المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، رداً على سؤال الذي وجه له في مؤتمر صحفي عقب الإعلان عن اغتيال هنية، حيث اكتفى بالرد بعبارة ” ان الجيش الإسرائيلي لم يشن أي غارة جوية على إيران أو أي دولة أخرى في الشرق الأوسط.
السيناريو الثاني: (الرواية الامريكية)
نشرت صحيفة نيويورك تايمز، وموقع أكسيوس الأميركي في رواية أخرى، تؤكد مسؤولية إسرائيل عن اغتيال هنية، وأن عملية الاغتيال تمت بعبوة ناسفة زرعها عملاء للموساد في غرفة إسماعيل هنية، قبل فترة قاربت على الشهرين وتم تفجيرها عن بُعد، من خلال التجسس على هاتفه الشخصي عبر رسالة نصية وصلته عن طريق تطبيق الواتس اب.
ورغم تعدد الروايات والسيناريوهات لعملية اغتيال القيادي السياسي لحركة حماس “إسماعيل هنية” الا ان ذلك لن يغير من اصل الحادث وتبعاته خصوصاً اذا ما اقتنعنا بفرضية الرواية الإيرانية التي تؤكد ان مقذوفاً صاروخياً استهدف هنية من خارج ايران، وهذا ما يدفعنا الى ان الصاروخ الذي اطلق على مقر إقامة إسماعيل هنية جرى اطلاقه من دول الجوار الإيراني، حيث تؤكد المعلومات ان إسرائيل لديها قاعدة صواريخ في مدينة “شاي الأذربيجانية” عالية الدقة يتم توجيهها من خلال الأقمار الصناعية وان الصاروخ من انتاج مشترك بين “بريطانيا وإسرائيل” يطلق عليه اسم Spike Nol’s مجهز بتقنيات عالية الدقة تصيب الأهداف دون احداث مزيداً من الدمار المحيط بالمنطقة المستهدفة، كما يوفر الصاروخ معلومات استخباراتية ويُقيم الاضرار.
هل اغتيل هنية أم غدر به؟
كيف؟ ومن أين؟ وهل كان المقذوف من خارج إيران أم من داخلها؟ هذه التساؤلات تقود إلى تساؤل آخر.. من يقف وراء اغتيال إسماعيل هنية؟ وفي حال عدم الوصول إلى الإجابات الدقيقة فسوف تتعزز نظرية المؤامرة الجاهزة دائماً في مثل هذه الأحداث الكبيرة، فقد بدأ البعض في الحديث فعلياً عن تورط طهران في اغتيال هنية بطريقة أو بأخرى في إطار تفاهمات مع تل أبيب ولعل الصمت الإسرائيلي والتعليمات التي أطلقها رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو للوزراء والمسؤولين بعدم التعليق على اغتيال هنية يجعل الشكوك حاضرة أكثر من اليقين، ما يجعل فرضية الغدر والخيانة سيدة الموقف رغم الهالة الإعلامية والتصريحات الفوضوية المهددة بالرد الإيراني الساحق الذي سوف يزلزل الأرض تحت اقدام الإسرائيليين، هو ذاته الذي سمعناه بُعيد اغتيال سليماني الذي لام فيه خامنئي العراقيين بقوله “ان سليماني ضيفكم وقتل على ارضكم” والحال نفسه ينطبق على ايران التي قتل ضيفها الشهيد إسماعيل هنية في مربع طهران الأمني…
لقد غُدِر بهنية ليسلم نصرالله حتى يحين الغدر به كما جرى على غيره … وعلى الباقي تدور الدوائر، انها جعجعة ايران التي لا وجود للطحين فيها.
قبل 1400 سنة وصف الصحابي الجليل ; (المقداد بن الأسود الكندي) (الفرس المجوس، إيران حالياً) برسالة أرسلها لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب قال فيها ; إنهم علوجٌ عِجاف، ونعاجٌ ضِعاف، سيدهم القوي وعبدهم الضعيف يلبسون الخيانة، وينزعون الأمانة، تنقصهم الأخلاق والمروءة، وتلهو بهم الأهواء وتسوسهم النساء، لا عهد لهم ولا ذمة، ولا وفاء، أهل غدر ومكر ودهاء، لا تعرف رأسهم من الذنب، إذا شددت عليهم أرخوَا لك، وإذا أرخيت لهم شدوا عليك.