يوم ليس كبقية الأيام ، وشمس اشرقت ليس كبقية الشموس ، أذن الله لها أن تكون شمسا دائمة الدفء ودائمة الاشراق ، فتاتي الفرصة الأخيرة لاستمرار حبل لاينقط ومنهج تكتمل به حلقات النبوة ، فدين الله واحد وإن كانت شرائعه متعددة، فرحت بمقدمه السماء والأرض وبدأت حياته طفلا ذاق طعم اليتم من الأم ليُعلم الاباء كيف يكون الحنان ،
كان مولده بشرى للإنسانية التي كانت تعيش في ظلام متقع ، لا تفرق بين الحلال والحرام وبين ما هو نافع لهم وما يضرهم ، فجاءهم مبشرا ونذيرا ، داعيا لهم ان يسلكوا طريق الصواب والهداية ويتركوا طريق الظلالة ، فكانت اول شرارة لمقدمه الكريم ، انصداع ايوان كسرى واخماد نار المجوس التي كانت رمزا للظلم والعبودية والجهل ، ليقول لنا ، إن الظلم عنوان سيء وان المظلوم انسان ، نُصرته واجبه مهما كان الثمن، ثم يأتينا بعد ذلك ، الهدي من السماء ليقول لنا الوحي ، انتم امة اقرأ وهي مفتاح حضارتكم ، ان تخليتم عنها تخليتم عن مفتاح الرسالة التي أرسلت ، وان عمارة الأرض هي أساس التكليف لمهمة الانسان على الأرض .
وتبدأ المعاناة والمواجهة بين الحق والباطل ، وبين العادة الذميمة المستحكمة والدين الجديد ،وبين العبودية والحرية ، فيولد رسولنا الكريم، ليكون رحمة للعالمين ،ولكي يكون التأثير شاملا والمدرسة متكاملة لا بد أن تتمثل في الرسول كل ما يطلبه الانسان عند ما يريد أن يكون متميزا ، فإذا اردت الأبوة فهو عنوانها ، وإذا أردت الرحمة فهو الرؤوف الرحيم وإذا اردت الزوج فهو المثال وإذا اردت القاضي فهو العادل وإذا اردت الحاكم فهو القدوة وإذا أردت المجاهد فهو الأول فيها ،
اليوم يتجدد نبض الإنسانية من مشرقها لمغربها ، ولسان حال الجميع واحد لا يختلف عنه احد والأمة التي تحيي اليوم ذكرى مولد رسول المحبة تنهض من جديد وهي تزاحم الظلموتنفض غبار الهوان لتقول للعالم من جديد ، نحن هنا امة قد نضعف ولكننا لا نموت،هو تذكير لأولئك الذين يتحكمون بعباد الخالق ، ان يتقوا الله في اخوانهم وابنائهم وشركائهم وان يجعلوا من هذه المناسبة العظيمة عنوانا للتسامح والالفة ، وان يتنازلوا عن ملذات الدنيا لأنها زائلة مهما كبرت او تجملت ، وحتى اخلاق الحرب التي ارساها الاسلام ، لا تمثيل لا حرق لا قتل طفل او امرأة او قطع شجرة ، فتنتصر الدعوة ويقود الطريد الى مكة ليعلن من هناك … اذهبوا انتم الطلقاء فيعفوا عن الذين ناصبوه العداء ثم يكون الحج الأكبر ليعلن من هناك ميثاق جديد للإنسانية فيه وحدة الأصل ودفن الثأر ، ويدخل الناس في دين الله افواجا ويجري على الرسول الأعظم بعد ذلك ما يجري على البشر (انك ميت وانهم ميتون ) ( وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات او قتل انقلبتم على اعقابكم).