تتوارد الأنباء حول حملة عسكرية يمكن أن تشنّها الأردن لحماية أمنها الوطني على طول الحدود السورية -الأردنية، في ظل تزايد عمليات تهريب المخدرات على هذه الحدود، واتهام النظام في سوريا بالضلوع بها، في وقت يستمر فيه الحراك الشعبي والمظاهرات في الجنوب السوري وفي السويداء بشكل خاصّ. في حين تتخذت السلطات السورية وروسيا وضعية الصامت حول هذا الحراك.
وعن هذا الموضوع ودور اللواء الثامن الفصيل المحلي الأكبر في الجنوب السوري في المنطقة، التقت “درعا 24” المستشار السياسي لوزارة الخارجية الروسية “رامي الشاعر”، المحلل والسياسي المقرّب من دوائر صنع القرار في روسيا، وأجرت معه الحوار التالي:
س: في مقابلتنا في العام الماضي أخبرتنا بأنك لا تستبعد قيام الأردن بعملية عسكرية على الحدود السورية الأردنية، في حال تهديد أمنها، والآن تتوارد أنباء عن إغلاق معبر نصيب والقيام بعملية عسكرية بمشاركة الولايات المتحدة، أهدافها استئصال خطر المخدرات بالدرجة الأولى، وإبعاد إيران بالدرجة الثانية، وربما يكون هناك أهداف أخرى. هل لديكم معلومات أو تأكيدات لهذه الأنباء، وفي حال إغلاق معبر نصيب، هل يكون ذلك مؤشر تأكيد على بدء هذه العملية؟
ج: لا زلت لا أستبعد أن تقوم الأردن بعملية عسكرية على طول الحدود الأردنية السورية، في حال استمرت الأوضاع على ما هي عليه، وتداعياتها على زعزعة الأمن والاستقرار في الأردن.
وأعيد التأكيد هنا على أنه من حق الأردن اتخاذ أشد الإجراءات صرامة لحماية أمنها، ومنع عمليات تهريب المخدرات وغيرها من الانتهاكات. وقد تضطر أثناء ملاحقة مجموعات وعصابات التهريب إلى استخدام بعض الوسائل لتصفيتهم داخل الأراضي السورية.
إلا أن مشاركة الأردن في عمليات عسكرية مع القوات الأمريكية المتواجدة في سوريا بشكل غير شرعي، هو أمر غير وارد، وإنما قد تشارك بمناورات مشتركة داخل حدود الأردن مع القوات المتواجدة في الأردن، وليس خافياً على أحد وجود قاعدة عسكرية جوية أمريكية في الأردن.
س: ما هو موقف روسيا من هذه الأنباء عن العملية العسكرية إن تمت؟ وهل هناك تواصل وتنسيق بين روسيا والأردن و /أو إسرائيل، بما يخص الوضع الأمني في الجنوب السوري هناك اتهامات كبيرة للسلطات السورية بالإشراف على تجارة المخدرات، كيف يمكن للسلطات السورية المشاركة في الحل وهي جوهر المشكلة؟ وما هي برأيكم الاجراءات التي ستتخذها موسكو لمساعدة الأردن في هذا المسار أم أن الأمر لا يعني موسكو؟
وهناك اتصالات مستمرة على مختلف الأصعدة بين روسيا والأردن فيما يخص الوضع الأمني، وما يمكن أن نسميه انفلاتاً أمنياً في عدد من مناطق الجنوب السوري.
وبحسب معرفتي فإن الأردن تقدر الدور الذي تقوم به روسيا من خلال نظام التهدئة، وعدم حدوث صدامات عسكرية في الجنوب السوري، لا سيما في درعا وحوران عامة.
ويكمن الحل في اتفاق السوريون فيما بينهم، وبدء عملية الانتقال السياسي السلمي في سوريا، نحو نظام جديد يشارك فيه جميع السوريين.
وعندها فقط ستتمكن السلطات السورية الجديدة من إدارة جميع مناطق الأراضي السورية، خاصة الحدود، وتقوم بواجبها في مكافحة تهريب المخدرات وغيرها من البضائع.
س: هل فشلت الوساطة الروسية بين تركيا والنظام السوري؟ وما هي أدوات روسيا لإجبار الأسد لاتخاذ مواقف أكثر مرونة تجاه شعبه أولا، ودول الجوار ثانياً؟
ج: تصطدم جهود روسيا ومجموعة أستانا الآن، مع شديد الأسف، بتعنت من قبل النظام في دمشق وليس فقط فيما يخص تطبيع العلاقات السورية التركية، بل وفي غيرها من القضايا الأخرى، بدءاً من الحوار الفعلي بين النظام والمعارضة، أو فيما يخص إحداث أي تقدم في عمل اللجنة الدستورية أو قضايا اللاجئين.
والسؤال اليوم، وبعد أن وصلت الأوضاع المعيشية في سوريا إلى هذا المستوى المتدني، بل الكارثي، هو: ما الذي لا زال النظام في دمشق يراهن عليه، هل يريد أن يموت الشعب السوري بأكمله؟
س: هل ترى بأن هناك فرصة للنظام من أجل المشاركة في إنقاذ الوضع في سوريا؟ وما هي الجهود التي يمكن اتخاذها لتحسين الوضع المعيشي في البلاد؟
ج: أرى أنه لا زالت هناك فرصة وحيدة للنظام في دمشق تسمح له بالمشاركة في إنقاذ سوريا وشعبها، وهي بالتجاوب الفوري مع ما سيسفر عنه اجتماع وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران في نيويورك، ويبدأ المبادرة والتجاوب مع كل الجهود التي بذلت في اجتماعات جنيف وأستانا وأهمها اليوم تسوية العلاقات مع تركيا دون أي شروط، لأن عودة العلاقات مع تركيا اليوم هي مفتاح بداية وقف التدهور المعيشي في سوريا.
س: ما هو موقف روسيا من المظاهرات في الجنوب السوري وفي محافظة السويداء، وهل من الممكن ان تستجيب الحكومة السورية لمطالب المحتجين، كالقرار 2254 مثلا، وماهي توقعاتكم بشأن نتائجها؟
ج: روسيا تتابع الاحداث في سوريا باهتمام و تتفهم المطالبات الشعبية السلمية لإجراء تغييرات من خلال تنفيذ قرار مجلس الامن 2254 .
وإذا لم تقم سلطات دمشق بالتجاوب الفوري لما أشرت إليه، فذلك يعني ببساطة أن النظام في دمشق قد قرر الانتحار، لأن أحداً لن يتحمل أكثر من ذلك بما في ذلك روسيا وإيران بحسب تقديري. أما الشعب السوري، فقد بدأ التعبير عن ذلك، والكل يشهد خروج الجماهير للتعبير عن ذلك في بعض المدن السورية.
س: تواردت أنباء عن نية بعض الأطراف الدولية دعم إقامة منطقة حكم ذاتي ومنطقة آمنه بدعم أمريكي في السويداء، هل يمكن أن تبصر النور هذه الأنباء وتتحقق؟
ج: إن كل ما يتم تداوله عن إقامة مناطق حكم ذاتي، والمؤامرات التي تحاك ضد سوريا هو أمور عارية عن الصحة، وتهدف لإيجاد مبررات لأهداف وأجندات ما.
لهذا أكرر أنه ليس أمام سوريا، لحماية وحدة أراضيها وسيادتها على كامل التراب السوري، سوى طريق واحد هو تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254 بالكامل، وهو ما أكدت وهدفت إليه كل اجتماعات جنيف وأستانا ومؤتمر سوتشي للحوار السوري – السوري عام 2018، وجهود الأمم المتحدة.
س: رغم استمرار الاحتجاجات السلمية في السويداء، يبدأ الرئيس السوري بشار الأسد يوم غدٍ الخميس زيارة إلى الصين، ما موقف روسيا من هذه الزيارة؟، وهل ترى في هذه الزيارة انفراجاً لمأزق الأسد الداخلي بعد استمرار الاحتجاجات وتعطل المبادرة العربية؟
ج: بخصوص زيارة الاسد الى الصين فإن روسيا تعتبر ان هذا القرار يعود للرئيس السوري وهو من يملك الحق ان يقرر كيف يتصرف ومع من يطور ويبني علاقاته سواءً مع الصين أو غيرها.
ولكن رأيي الشخصي: إذا اعتقدت القيادة في دمشق أن زيارة الصين يمكن ان تعطي نوعاً من الأمل للشعب السوري بأن الاوضاع المعيشية ستتحسن فهم مخطئون تمامًا، لأن الشعب السوري عامةً فقد الثقة بالنظام الحالي، والشعب السوري شعب واع، ولن يرضى استمرار النظام بشكله الحالي دون المشاركة الفعلية للمعارضة السورية بالسلطة واعادة هيكلة كل مؤسسات الدولة السورية، بما في ذلك الامنية واجراء انتخابات ديمقراطية بكل معنى الكلمة، برلمانية ورئاسية يرافقها تعديل دستوري.
وهناك قناعة راسخة عند جميع السوريين أن هذا هو الطريق الوحيد لإنقاذ سوريا والحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها وبداية التعافي الاقتصادي.
س: ما هو دور فصيل اللواء الثامن الذي كان مدعوماً روسياً في الجنوب، ويتبع حالياً لجهاز الأمن العسكري، هل تم تحجيم دوره خلال الفترة الأخيرة؟ وهل تخلّت روسيا عنه كلياً، أم أنه سيكون له ولقيادته دوراً في مستقبل سوريا؟
ج: روسيا أوقفت المساعدات المالية التي كانت تقدمها للواء لتامين المعاشات، وتم الاتفاق بأن تقوم سلطات دمشق بتمويله، فقررت سلطات دمشق أن يشرف الأمن العسكري على ذلك، وهذا لا يعني بأن اللواء الثامن يخضع او يتبع للأمن العسكري، وعلى الرغم من محاولات سلطات دمشق لإخضاع عناصر اللواء الثامن الكامل للأمن العسكري، إلا أن هذه المحاولات فشلت لأن غالبية من التحق بالخدمة العسكرية في اللواء الثامن هم معارضين ويناضلون من أجل مستقبل آخر لسوريا يُرضي جميع مكونات الشعب السوري.
وهم حريصون على وحدة الأراضي السورية واحترام سيادتها، وقبلوا الانضمام إلى اللواء الثامن من خلال الوساطة التي قامت بها روسيا لتفادي الاقتتال السوري – السوري.
لذلك أكرر هم يرفضون أن يكونوا محسوبين بالتبعية لأي هيئة تابعة للنظام السوري بوضعه الحالي. وغالبية عناصره، هم مناضلون من أبناء الجنوب، لعبوا أدوارا كبيرة في محاربة التنظيمات الإرهابية، وما يعم الجنوب اليوم من نظام التهدئة وعدم اندلاع اقتتال بين أبناء الشعب الواحد هو بفضلهم. وهناك تنسيق مستمر بين الضباط الروس المشرفين على نظام التهدئة، وبين قيادة اللواء الثامن، ويتم تقديم المساعدات له بحسب الإمكانات المتوفرة.
الرابط: https://daraa24.org/?p=33773