بقلم: أوس ستار الغانمي
تعد الشقيقة (الصداع النصفي) مرض عصبي وراثي، حيث يشعر المريض بآلام رأس شديدة، يعيقه عن ممارسة حياته اليومية بشكل طبيعي، كما لو كانت هناك عاصفة رعدية تهب داخل رأسه، ويشمل مجموعة من الأعراض العصبية منها وجع الرأس بالدرجة الأولى، والغثيان والرهاب الضوئي (الانزعاج من الضوء)، ولكن يمكن الحد من هذه الآلام بواسطة الراحة، وتعاطي المسكنات، واتباع حياة يومية منتظمة.
الصداع النصفي هو من أنواع الصداع الأساسية
وقال الدكتور باسم عثمان، أستاذ العلوم العصبية الإكلينيكية وطب الأعصاب الإكلينيكي في وايل كورنيل للطب- قطر والاستشاري في مؤسسة حمد الطبية، إنه في حالة الإصابة بالصداع النصفي (داء الشقيقة)، وهي من أنواع الصداع الأساسية، لا بد أن يتجنب الإنسان تناول المشروبات الغازية واللحوم المصنعة والمخللات والغلوتاميت أحادية الصوديوم والتوابل والشوكولاتة، فجميعها تفاقم ألم الصداع. ويمكن تناول مسكنات الألم، مثل الباراسيتامول، لكن يجب تجنب تناول المسكنات على نحو منتظم، ويفضل التعامل مع سبب الصداع.
أسباب الصداع
يقول الدكتور باسم عثمان، أستاذ العلوم العصبية الإكلينيكية وطب الأعصاب الإكلينيكي في وايل كورنيل للطب- قطر والاستشاري في مؤسسة حمد الطبية، إن الصداع ينقسم إلى فئتين أساسيتين:
الصداع الثانوي
هو ما ينجم عن: ارتفاع ضغط الدم، وأمراض العين، والتهاب الأذن الوسطى أو التهاب الجيوب الأنفية، ووجع الأسنان، والحمى، ونزلات البرد، والإنفلونزا، واضطراب مستويات السكر في الدم.
الصداع الأساسي
هو ما يصيب الإنسان بشكل مستقل من دون أن تكون له علاقة بمرض آخر، وقد يحدث أو يتفاقم لأسباب نفسية أو انفعالية، أو بسبب التوتر، أو خلل في وظائف بعض أعضاء الجسم، أو تغير في نمط الحياة.
أطعمة تسبب الصداع
أوصى الدكتور مختار فاتح بي ديلي بالابتعاد عن الأطعمة التي قد تسبب الصداع، مثل:
ـ الكافيين
ـ صلصة الصويا
ـ صلصة الطماطم
ـ اللحوم المصنعة مثل النقانق
ـ الأطعمة المجمدة
ـ الأطعمة المالحة والمخللة والمخمرة.
تدابير لتجنب هجمات الشقيقة
لتجنب هجمات الصداع النصفي تنصح مجلة “إيلي” الألمانية باتباع التدابير البسيطة التالية:
تحديد السبب:
أولى خطوات تجنب هجمات الصداع النصفي هي تحديد السبب المحفز لنوبة الصداع، الذي قد يرجع إلى ضوضاء الشارع أو الموسيقى الصاخبة أو الأضواء الساطعة؛ ويساعد السجل اليومي في تحديد السبب الحقيقي الكامن وراء نوبات الصداع النصفي.
النظام الغذائي
قد تكون هناك علاقة بين النظام الغذائي والإصابة بنوبات الصداع النصفي، وهو ما يمكن أيضا التحقق منه بواسطة السجل اليومي؛ حيث إن الصداع النصفي قد تحفزه بعض الأطعمة مثل الشوكولاتة والمقليات والجبن وبعض المنتجات الحيوانية، كما أن التدخين قد يتسبب في حدوث تغيرات بالأوعية الدموية تنتج عنها نوبات الصداع النصفي.
وعند الاشتباه في أحد هذه الأشياء، فينبغي الابتعاد عنه بعض الوقت، وعند اختفاء الصداع أو تراجع نوباته بشكل ملحوظ، فيكون قد تم تحديد “الجاني”، ومن ثم يمكن في المستقبل تجنبه بكل بساطة.
انتظام مسار اليوم
التغيرات المفاجئة في الروتين اليومي بسبب الحصول على وظيفة جديدة أو ولادة طفل مثلا، يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بنوبات الصداع النصفي، وفي هذه الحالة يمكن مواجهة الصداع النصفي من خلال المسار المنتظم لليوم، أي تناول الطعام في الأوقات نفسها، والذهاب إلى الفراش في الوقت نفسه.
الاسترخاء
يعد التوتر في العمل والعلاقات والضغوط العاطفية الأخرى من أهم العوامل المحفزة لنوبات الصداع النصفي؛ وهنا ينصح الأطباء بأخذ فترة 15 دقيقة يوميا للهدوء والاسترخاء، ومن المفيد أيضا أداء بعض تمارين اليوغا والتأمل أو المشي البطيء.
ممارسة الرياضة:
تعد الرياضة سلاحا فعالا لمحاربة التوتر اليومي؛ إذ أظهرت الدراسات أن المواظبة على ممارسة الرياضة تسهم في خفض وتيرة وحدة نوبات الصداع النصفي؛ ولهذا الغرض يُفضل ممارسة رياضات قوة التحمل، مثل الجري أو السباحة أو ركوب الدراجات الهوائية.
الشقيقة.. رفيقة للنساء أكثر من الرجال
وقد تحدث الشقيقة مرة أو مرتين في السنة، كما قد تصيب يوميا. والنساء أكثر عرضة للإصابة بالشقيقة من الرجال، إذ وفقا لخدمة الصحة الوطنية في المملكة المتحدة تصيب الشقيقة واحدة من بين خمسة نساء، مقابل واحد من بين كل 15 رجلا.
أما على الصعيد العالمي فإن أكثر من 10 بالمئة من سكان العالم يعانون من الشقيقة، وهذا وفقا للمؤسسة الوطنية للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية في الولايات المتحدة الأميركية.
بكتيريا الفم ربما لها علاقة بالشقيقة
توصلت دراسة أميركية إلى أن بكتيريا الفم قد تكون لها علاقة بالصداع النصفي “الشقيقة”، إذ وجد الباحثون أن ميكروبات الفم موجودة بصورة أكبر عند مرضى الصداع النصفي مقارنة بغيرهم.
وأجرى الدراسة فريق بحثي من كلية سان دييغو الطبية في ولاية كاليفورنيا الأميركية، وذلك وفقا لما نقله موقع “دي فيلت” الألماني.
ويعتقد علماء كلية سان دييغو الطبية أن بكتيريا الفم لها دور في ظهور الصداع النصفي، ويحاول العلماء معرفة تأثيرات بكتيريا الفم عبر إجراء دراسات موسعة.
وذكر العلماء أنه في حال إثبات هذه العلاقة بين بكتيريا الفم وظهور الصداع النصفي قد يحاول العلماء “إجراء عملية تنظيف” للفم لتقليل آثار الصداع النصفي، نقلا عن موقع “دي فيلت” الألماني، غير أن النتائج ما زالت قيد البحث.
بحث يثبت أن للهرمونات دورا في الصداع النصفي
ذكر بحث جديد أن هرمونات مثل الميلاتونين والكورتيزول قد يكون لها دور رئيسي في الإصابة بالشقيقة أو الصداع النصفي المزمن الذي يمكن أن يحدث بمعدل 15 يوما في الشهر. واكتشف باحثون برازيليون وجود مستويات غير طبيعية لهرمون الضغط الكورتيزول وهرمون النمو البرولاكتين وهرمون النوم الميلاتونين لدى الأشخاص الذين يعانون من الشقيقة.
وأشار إلى أن الباحثين غير متأكدين مما إذا كانت هذه المستويات غير العادية هي سبب حدوث الشقيقة أو نتيجة لها، لكنهم يعتقدون أنهم قادرون على تفسير سبب حدوث الشقيقة بشكل مزمن. فعندما قارن الباحثون مستويات الهرمونات عند 17 شخصا يعانون من الشقيقة المزمنة وتسعة أصحاء آخرين من السن والجنس نفسه لاحظوا انخفاضا في مستويات البرولاكتين أثناء الليل لدى مرضى الشقيقة. كما وجدوا زيادة في تركيز الكورتيزول وتأخرا في إفراز الميلاتونين ليلا مع انخفاض مستوياته عند مرضى الشقيقة الذين يعانون من الأرق.
دماغ مرضى الشقيقة والاكتئاب أصغر
توصلت دراسة حديثة إلى أن الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي (الشقيقة) والاكتئاب معا، لديهم أدمغة تقل حجما عن الآخرين، وذلك بعد أن قام باحثون أميركيون بمتابعة عينة مكونة من 4300 تم فحصها وتصويرها مغناطيسيا.
وأجرى البحث فريق من جامعة يونيفورم سيرفيسيز بميريلاند، ووجدوا أن الاكتئاب المقترن بالصداع النصفي يكون مرتبطا بحجم أصغر للدماغ.
ويعرف العلماء بأن الصداع النصفي يضاعف خطر الإصابة بالاكتئاب، لكنهم أرادوا معرفة إن كانت الحالتان معا تؤثران على حجم الدماغ.
وحلل الباحثون بيانات من أيسلندا تعود لقرابة 4300 راشد بمرحلتين من الحياة. ففي سن معدله 51 عاما جرى تقييم حالة الصداع النصفي، وبعد 25 عاما لاحقا سئل هؤلاء عن إصابتهم بالاكتئاب الشديد.
كما خضع المشاركون لصورة مغناطيسية للرأس لقياس حجم أدمغتهم في عمر بين 66 و96 عاما.
وقارن العلماء الأشخاص الذين لم يعانوا من الصداع النصفي أو الاكتئاب مع من عانوا من الحالتين معا، فوجدوا أن أدمغة المجموعة الثانية أصغر بنسبة 2% عن المجموعة الأولى.
ولم يظهر أي اختلاف بالنسبة لحجم الأدمغة بين الذين يعانون من إحدى الحالتين، والذين لا يعانون من أي منها.
وأشار عضو الفريق، الباحث لاروس غادماندسون، إلى وجود عدة تفسيرات محتملة لسبب أن الذين يعانون من هاتين الحالتين لديهم حجم دماغ أصغر، إذ قد يكون هناك عامل وراثي أو أن الأمر مرتبط بآليات الوجع، وقد تكون هناك أيضا أسباب اجتماعية واقتصادية.
الرياضة تحارب الصداع النصفي
وفقا لطبيب الأعصاب الألماني الدكتور سباستيان، أن الرياضة تعمل على تهدئة الجهاز العصبي المركزي وتثبيط الألم وهرمونات التوتر النفسي وزيادة إفراز هرمون الإندورفين الذي يسهم في الشعور بالراحة والتحسن.
وأضاف أن رياضات قوة التحمل تعد مناسبة لهذا الغرض، مثل المشي والركض والسباحة وركوب الدراجات الهوائية، وكذلك تمارين الكارديو، أي التمارين على الأجهزة الرياضية مثل جهاز الركض الكهربائي، بمعدل لا يقل عن مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيا لمدة أربعين دقيقة في المرة الواحدة، في حين تعد الرياضات التنافسية غير مناسبة نظرا لأنها تعزز فرص حدوث نوبات الصداع النصفي.
وإلى جانب الرياضة فإن النوم الجيد من 6 إلى 7 ساعات يوميا، وتجنب الضغوط والتوتر، وعدم التدخين، كلها أمور مهمة للوقاية من نوبات الصداع.
دراسة: الرجال والنساء الذين يعانون من الشقيقة أكثر عرضة للإصابة بالسكتات الدماغية
كشفت دراسة حديثة أن الرجال والنساء الذين يعانون من الشقيقة (الصداع النصفي) هم أكثر عرضة للسكتات الدماغية.
وأجرى الدراسة باحثون في جامعة آرهوس في الدانمارك، ونُشرت نتائجها في مجلة “بي إل أو إس ميديسن” (PLOS Medicine)? ونقلها موقع “يورك ألرت” (EurekAlert) مطلع يونيو/حزيران الحالي.
وأظهرت دراسات سابقة أن “السكتات الدماغية الإقفارية” (ischemic stroke) -التي تحدث نتيجة انغلاق مجرى الدم بخثرة تعيق وصوله- تصيب النساء الصغيرات المصابات بالشقيقة أكثر من غيرهن.
ولم يكن واضحا للباحثين ما إذا كانت النساء المصابات بالشقيقة أكثر عرضة من الرجال للإصابة بالجلطات القلبية والسكتات الدماغية النزفية التي تحدث عندما ينفجر شريان في الدماغ.
وقد درس الفريق البحثي الذي قادته الباحثة سيسيليا هفيتفيلد فوغلسانغ؛ السجلات الوطنية الدانماركية منذ عام 1996 وحتى عام 2018 للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاما.
وكانت الخطوة التالية مقارنة احتمالية حدوث النوبات القلبية والسكتات الدماغية الإقفارية والسكتات الدماغية النزفية بدون عمر الـ60 لدى مرضى الشقيقة والمرضى الذين لا يعانون من الشقيقة وفقا للمعلومات التي استخرجوها من السجلات الطبية.
وخالفت نتائج الدراسة نتائج الدراسات السابقة؛ حيث أظهر تحليل البيانات أن الرجال والنساء المصابين بالشقيقة أكثر عرضة للإصابة بالسكتات الدماغية الإقفارية بنفس القدر.
لكن النساء المصابات بالشقيقة يواجهن خطورة الإصابة بالجلطات القلبية والسكتات الدماغية النزفية أكثر بقليل من الرجال المصابين بالشقيقة ومن الأشخاص الذين لا يعانون من الشقيقة.
وبشكل عام فإن نتائج الدراسة تشير إلى أن النساء يتأثرن بشكل أكبر بالشقيقة لا سيما أن هذه الحالة المرضية تشخص بشكل أكبر لديهن.
وأشار الباحثون إلى أن اعتمادهم على معلومات الأدوية في تحديد المرضى المصابين بالشقيقة أفقدهم المرضى الذين لم يتلقوا العلاج الدوائي وبالتالي لم يتم إدراجهم في الدراسة؛ الأمر الذي قد يقلل من شأن تأثير الشقيقة على المشاكل الصحية لديهم.
وحاول الباحثون إظهار أهمية تميز الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالجلطات القلبية والسكتات الدماغية التي قد تسبب لهم مشاكل طويلة الأمد أو قد تكون سببا للوفاة ووقايتهم منها بالعلاجات المناسبة.