أكدت الكاتبة، “طاهرة أبيد”، وقوع أدب الأطفال الإيراني تحت وطأة المافيا والاحتكار، وقالت: ” تسببت المافيا في تهميش وعزلة بعض الأعمال”.
وأضافت، في حوار إلى وكالة أنباء (إيسنا) الإيرانية، ذات الميول الإصلاحية: “تكرر السؤال مدة سنوات طوال، وطول عمر السؤال يعكس فشل الإجراءات التي إتخذها القائمون والعاملون في حوزة الثقافة والكتابة الأدبية في حل هذه المشكلة المضرة بشكل جذري، وإيجاد الحلول لمسألة تقديم الأعمال المُؤلفة بنفس مستوى الأعمال المترجمة”.
أدب الأطفال والشباب الإيراني يحتضر..
حول أسباب إقبال القاريء الإيراني على الأعمال المترجمة، ومن أهمها صعوبة الحصول على الكتب المُؤلفة مقارنة بمثيلاتها المترجمة، قالت “أبيد”: “بدأت بعض التيارات، مثل منتدى القراءة، في تقديم قائمة لقراءة الكتب؛ ورغم الثناء على هذا التوجه، لكن هذه القوائم لا تغطي بشكل كافي الكتب المُؤلفة. فلم يدرجوا بعض الكتب القيمة جداً من المنظور الأدبي في القوائم، ما يتطلب ضرورة إجراء تغيير على آلية اختيار الكتب”.
وأردفت: “تعاني أجواء أدب الأطفال والشباب، كما المجالات الأدبية والفنية الأخرى، من وطأة المافيا والاحتكار؛ تلك المافيا التي تُعنى فقط بالإستفادة من الفرص الداخلية والخارجية مقابل تكلفة بسيطة على حساب العمل والمخاطب، وبالتالي فرض العزلة على أعمال كتبها أصحابها بمعرفة وحب للأطفال، ولذلك تحظى بقبول واهتمام الأطفال. وأحد الأسباب هو إسناد مسؤولية فهرست الكتب والقدرات الدعائية إلى جماعة خاصة، سواء من الناشرين أو أصحاب المناصب الإدارية في الهيئات الثقافية، أو الكتّاب أو أدعياء الكتابة… فإذا نظرت إلى القائمة لن ترى أعمال بعض الكتاب أو يندر وجود هكذا أعمال في الفهارس، في المقابل نرى في الفهارس ذاتها الكتب التي تفتقر إلى القيمة الأدبية والمنتحلة. وعند توزيع هذا النوع من الكتب بميزانية حكومية داخل المناطق التي يصعب وجود كتب فيها يبتعد الأطفال تلقائياً عن الكتب المُؤلفة ويتبنون نظرة سلبية حيال الكتب الإيرانية”.
الكاتب الإيراني فقد الجسر بينه وبين المتلقي..
تستطرد “طاهرة أبيد”: “لدينا أعمال جيدة في مجال التأليف تعكس مدى إحاطة الكتاب بالمخاطبين واحتياجاتهم والأشياء المحببة إليهم. ومن المنظور الأدبي لدينا أعمال جديرة بالاهتمام، والإبداع المستخدم في مثل هذه الأعمال هو من النوع الحديث والجديد والمتعلق بالكتاب، ولم تنقل الخرافات والقصص عن النماذج الأجنبية، لكن للأسف هذه الأعمال قليلة جداً مقارنة بحجم الأعمال المترجمة”.
ومن أسباب عزوف المخاطبين عن الأعمال المُؤلفة، تقول: “الفجوة بين الكاتب والمخاطب، وهي كالعقدة التي لا تُحل. وفي رأيي بعض كتابنا يعانون مشكلة إذ يكتبون دون مراعاة لاحتياجات وخصوصيات المخاطب. والسؤال ما مدى إطلاع كتابنا على الدراسة النظرية ؟.. بعض كتابنا يعتقد أنهم يكتبون بالحس وبالتالي لا يحتاجون إلى الدراسة العملية. لكنك حين تقرأ الأعمال الأجنبية تكشتف مدى تمكن الكاتب من مختلف القضايا. وأنا حين قرأت كتاب (حادثة كلب في الليل) أصابتني الدهشة واللذة من إحاطة الكاتب الكافية بالأطفال الذين يعانون مرض التوحد. وتعكس الرواية مدى مهارة الكاتب ومعلوماته العملية عن مرض التوحد. وفي رأيي أن الفراغ النظري والعلمي هو السبب في بقاء الأعمال الإيرانية المؤلفة عند مستوى سطحي، بحيث تعجز عن منافسة الأعمال المترجمة”.
وعن الرقابة تقول؛ بحسب ما نقلت وكالة أنباء (إيسنا): “الراقبة في ظل الحكومة الحالية موقوفة في مجال كتب الأطفال؛ مقارنة مع الحكومات السابقة، لكن طول فترة العمل الرقابي والقيود الأخرى تركت آثارها على الكتّاب الذين أصيبوا دون وعي بالرقابة الذاتية. وحين تقرأ رواية أجنبية تلحظ تحرر الكاتب من مجموعة الأطر والقيود، وبالتالي ترى ملامح الإبداع في العمل. لأنه بمقدور الكاتب الأجنبي معالجة القضايا والمشكلات الاجتماعية والنفسية والسياسية وغيرها، في حين يد الكاتب الإيراني مغلولة عن معالجة هكذا قضايا. أنا على سبيل المثال كنت قد اخترت موضوعاً لكتابة رواية، وحين راجعت المؤسسات المعنية للبحث، رفضوا منحي الإذن بمناقشة هذه الملفات. إن الرقابة أحد أكبر مشكلات الكاتب الإيراني وعقبات الكتابة. فإذا كنت لا أستطيع معالجة قضايا الشباب الإيراني باستخدام تقنيات السرد، فكيف يمكنني توقع أن يحظى العمل بالقبول ؟”.