مابين شرعية الوجود وضعف الإنجاز
كامل كريم الدليمي
ساسة الفشل وفشل الساسة معادلة لاتقبل القسمة إلا على من قَبَلَّ ان يكون بقلبها ، سفينة بلا رُبان ، تبحر في بحر متلاطم الامواج وملتهب ،تتلاقفها الريح ، وننتظرها بصبر كي تصل الى بر الأمان ، قادتها يَبنَّون الوطن بالشعارات والوعود ودماء الفقراء والصراع على الاستيلاء على السلطة وكأنها تشريف وليس تكليفا بل كأنها جزءا من المغانم ، ويَبنَّون بيوتهم ومستقبل عوائلهم بأموال الوطن والمواطن بعد ان في ظل وحماية وشرعة التجربة الديمقراطية التي رسخت الفساد كوجه رسمي وممثل لها ،
تريد ان تعلمني كم انت صادق وطني ، مخلص ، وخادم للعراق وأهله!!
لاتدعني أنظر الى شرعية وصولك للسلطة لاني أكاد اجزم بأنها باطلة إلا ما رحمَّ ربي ، وكل مابنيَّ على باطل فهو باطل .
طريق الوصول الى السلطة بعد عام 2003، عام التحرير او الأحتلال ، عام الخلاص من الدكتاتورية وخضوعنا لأكبر دكتاتورية متجبرة بالعالم “امريكا” ، عام الديمقراطية والحرية وعام انتهاك الكرامات والسيادة ، عام مُختلف عليه لذا تصلح لهُ كل المسميات ، طريق السلطة كان مُعبدا لمن جاءَ على ظهر الدبابة الأمريكية ، او فرضتهِ ارادة الدول اقليمية لتحقيق مصالحها او لترسيخ مشروع احقادها بمنع العراق من النهوض والعودة للعب دور الريادة ، او جاء من خلال الانتخابات التي تمثل جوهر العملية الديمقراطية ملفوفة “بتابوت ” الديمقراطية التي شيَّعت منذُ ولادتها ، كلها باطلة ، ولو اقتنعت ان ممكن للباطل ان يكون حقا وحاشا ذلك ان يحدث ، لكن دعونا نتصور ان الباطل اصبح حقاً ، فأدعوني ان ارى منجزاتك لا بدلاتك ، دعني ارى عملك على الارض لا ماركة حذائك، دعني ارى كم هو مستمتع المواطن وفخور بك ان لا تريني مدى استمتاع عائلتك وفخر اهلك والمقربون بك على حساب تعاسة وخيبة أمل المواطن ، شرعية الوجود موصولة بشرعية الإنجاز ومنفصلة تماماً عن كيفية الفوز بكرسي المسؤولية ومن يرغب بالاستمرار بالعمل السياسي او بكرسي المسؤولية عليه ان يكون عطاؤه بحجم آلام وامنيات واحلام المواطن المظلوم ، سياسة الكيل بمكيالين انتهت ولعبة المشاعر انقضى وقتها ، وتسكين الالم لم يعد ينفع جرح المواطن كبير وجرح الوطن اكبر، متى نستيقظ من حلمنا المرعب، متى نشعر بأدميتنا ، كيف نحلم ونعقد الامل على مستقبل مشرق ونحن في حاضر بائس ومترد لدرجة اننا فقدنا الاحساس ان هناك امل بالنهوض من جديد .
البناء والنهوض والتنمية اختصرت تلك الركائز العميقة على ان تكون مدخلاً ناجحاً لكل طموح وفاعل بالمجتمع ، وان لا تستخدم كشعارات جوفاء الغرض منها ذر الرماد بالعيون، العمل الجاد والمخلص السبيل الوحيد لطوق النجاة الذي من شأنه انقاذ ماتبقى من وطننا ومواطنينا.
منذُ ستة عشر عام والعملية السياسية تترنح مابين رداءة التجربة وبؤس التمثيل من جهه ومابين ألم واهات الوطن والمواطن من جهه اخرى ، ومحاولات البعض للخروج من المأزرق لم تكن سوى محاولات بائسة باءت بالفشل، لم يتخلى احد عن طائفيته وعن قوميته وعن المناصب التي وزعت كغنائم ومابين تلك المفاهيم، خطاب مؤلم ينم عن مدى رجعيتنا ، لم يخرج احد من نظام المحاصصة المقيت ، بل اصبحت مملكة المحاصصة لها خطاباتها وادبياتها ولغتها التي تدغدغ مشاعر المواطن المسكين الذي لاحول له ولا قوة ، ولا اريد ان احدثكم عن نسب الانجاز في المشاريع التي تمس حياة المواطن خلال السنوات التي مرت كي لا اجعل افكاركم تدور في فلك المعادلة الصفرية،
لكن اود من الساسة المسؤولين النزول لميدان النخب والاعلام واعطاء الجميع صورة معبرة وواضحة عن حجم الانجاز في مشاريع البلد وحين عرض النتائج انا اعتقد ان السياسي سيخجل ويصاب بخيبة امل قبل المواطن ، لذا نقول للجميع ؛
اثبتوا شرعية انجازكم افضل بكثير من شرعية وصولكم للمنصب ، فشرعنوا وجودكم بالعمل الدؤوب من اجل النهوض واعمار العراق بمشاركة فاعلة وحيَّة من كل المواطنين .