امضيت اكثر من اربعة عقود من حياتي في الدراسة والبحث في ميدان الامن والعلوم السياسية وعملت لووقت طويل في مراكز الابحاث والدراسات الامنية والسياسية …..توصلت الى عدم وجو شيء اسمه امن مطلق بل هنالك امن نسبي تتصاعد وتنخفض حدته بطريقة تنسجم مع حجم الاستقرار السياسي في المجتمع. لهذا كنت مهتم دوما في البحث عن الاسباب والعوامل المؤثرة على الامن والاستقرار لكي نقدم واستنادا للنتائج ما نعتقده من مقترحات الى صناع القرار والسياسية لاتخاذ ما يلزم بهدف تحقيق الامن والاستقرار المجتمعي.
حادثة الكرادة ليس الاولى ولن تكون الاخيرة حتما….. امس جلب انتباهي موضوعين الاول قرارات رئيس الوزراء التي اصدرها وهو يامل من شانها ان تعزز الامن والاستقرار في العاصمة ومنها على سبيل المثال اخراج عدد من اجهزة الفحص التي وقتها فضيحتها المالية زكمت الانوف وكذلك استكمال مشروع حزام بغداد الامني وغير ذلك من قرارات اعتقد جازما انها ستعيق في النهاية حياة المواطن اليومية في العاصمة وتدفع لمزيد من الفساد المالي والاداري ولن تحقق في النهاية درجة معقولة من الامن…..
الموضوع الاخر الذي لفت الانتباه كان فلم التقطه شاب لنفسه وكان حقا ملفت للنظر اذ ذكر هذا الشاب وهو يعرض المشهد انه ولغاية الساعة السابعة من مساء الاثنين كان المواطنين هم من يستخرج جثث ضحايا الحادث من المباني وليس فرق الدفاع المدني بوصف ذلك من صلب واجبها….ولخص كل شيء بكلمتين (اين جهد الدولة)…..
نعم الخلل الامني قائم في عموم العراق ومستمر ويتسع واسبابه سياسية معروفة ولن يكون بالوسع تفادي هكذا حوادث بل ستتكرر مرة بعد اخرى وفي كل مرة سنرى جمهورا غاضبا يرمي مسؤولي الدولة بالحجارة…….او قرارات انفعالية بتنفيذ سلسلة اعدامات لمحكومين تشكك الامم المتحدة بسلامة اجراءات محاكماتهم او معاقبة قيادات امنية وتحميلهم المسؤولية والتقصير…….
ايام حرب الشمال كان احدى الافواج يتعرض للرمي مساء ككل يوم ويتم الرد ولكن بكم هائل من العتاد وكان لا بد من وضع حد لهذا المقاتل من العصاة الاكراد الذي يكرر فعلته يوميا بالرمي على الفوج……تم التفاوض مع المقاتل وتم الاتفاق معه ان يتوقف عن ازعاج الفوج مقابل منحه هدية سيارة لادا روسية حمراء اللون …..في اليوم التالي تعرض الفوج لاطلاق النار من ذات المقاتل الكردي وعند الاستفسار منه عن سبب خرقه الاتفاق اجاب ان الاتفاق كان سيارة حمراء ولكنه استلم بيضاء اللون…..هذه من القصص الحقيقية…….ايها الاصدقاء لا تاخذكم العزة بالاثم وكونوا واقعيين مهما اختلفت هوياتكم الدينية والطائفية والعرقية وان تعترفوا ان هنالك خللا سياسيا هو يسبب ما يسبب من انفجارات وقتل وتشريد ونزوح وارامل وايتام ومدن مهدمة واموال منهوبة عامة وخاصة وشباب ضايع فاقد الامل وجوامع وحسينيات وقنواة فضائية تحرض البعض على البعض الاخر…..امر مستمر صدقوني