تدور معركة حامية الوطيس على منصات التواصل الاجتماعي في العراق على خلفية القبض على عصابة لبيع المخدرات في بغداد من بين أعضائها لؤي جواد الياسري ابن محافظ النجف، طرفها الأول عراقيون يطالبون بمحاسبة “الحشاش الأكبر” وحاشيته.
أما الطرف الثاني فهو صفحات “مشبوهة” غايتها الدفاع عن شخصيات وفئات معينة، اختارت هذه المرة الدفاع عن ابن محافظ النجف.
ونشرت هذه الصفحات تحت شعار “سيدنا الغالي لا تنقهر ولا تحمل هما” أن “الحشاش”، كما أطلق عليه العراقيون، “سيد ياسري وهذه أكبر شفاعة” له. كما أنه “منتسب للعتبات المقدسة” إضافة إلى “مواقف أبيه في محاربة الرذيلة”.
يذكر أن منصات التواصل الاجتماعي وخاصة فيسبوك، الأكثر شعبية في العراق، كان لها الفضل في كشف القضية للرأي العام.
ويستخدم أكثر من 13 مليون عراقي فيسبوك الذي باتت الكثير من صفحاته تلاحقها صفة “ممولة” لتلميع السياسيين. كما تحول بعض الإعلاميين إلى أبواق لسياسيين دون غيرهم.
وكانت الشرطة الاتحادية العراقية أفادت في بيان نشر على صفحتها في فيسبوك، بأنها ألقت القبض على أفراد عصابة مؤلفة من ثلاثة أشخاص وضبطت بحوزتهم خمسة كيلوغرامات و600 غرام من “الحشيشة” ومسدسا و7000 ألف حبة مخدرة، مرفقة بصور للمحجوز وللعصابة. وقد مسح المنشور بعدها.
وقالت مصادر إن المنشور بث بعد الضغوط الشديدة التي تعرض لها أفراد الدورية، وقد أعلموا مكتب وزير الداخلية قاسم الأعرجي بالأمر كي يخلوا مسؤوليتهم، وصوروا المتهمين والمواد المحجوزة للتوثيق ثم سربت إلى مواقع التواصل الاجتماعي ومنها إلى وسائل الإعلام.
المعلومات على فيسبوك تشير إلى أنه سيجري تمييع القضية وتهريب المتهمين
ونقلت صحف محلية الأربعاء عن وزير الداخلية العراقي مطالبته القضاء العراقي بالتحقيق مع المتسببين في نشر محضر التحقيق، باعتباره “تشهيرا وخرقا لقانون السرية”، منوها بأن محافظ النجف أكد أن نجله أنكر درايته بوجود المخدرات في سيارته.
وقال مصطفى كامل رئيس تحرير صحيفة “وجهات نظر” الإلكترونية عن ذلك في تصريحات لـ”العرب”، “اطلعت على الرسالة التي وجهها وزير داخلية النظام الحالي، وهو قيادي في ميليشيا بدر التي أسستها إيران لقتل العراقيين منذ عام 1982، لعدد من زبانيته يطالب فيها بالتحقيق في كيفية تسرب صور وتفاصيل القضية، وهو في هذا لا يحرص على سير العدالة، فقد سبق للمؤسسات التحقيقية والقضائية أن سرّبت الكثير من الاعترافات والصور عن خصوم السلطة ولم يحدث شيء، وإنما يسعى إلى لملمة الفضيحة، التي تشير كل المعلومات إلى أنه سيجري تمييعها وتهريب المتهمين بها، وهم فضلا عن ابن محافظ النجف أعضاء في ميليشيات إرهابية متنفذة مثل حزب الله”.
وأكدت مصادر على فيسبوك أن الضباط الذين ألقوا القبض على العصابة استنجدوا بالإعلام للتخلص من الضغوط التي يتعرضون لها من قبل المسؤولين كما عُرضت عليهم مبالغ مالية كبيرة مقابل تغيير إفاداتهم.
وتساءل معلق “قانون العقوبات العراقي ينص على الحكم بالإعدام أو السجن المؤبد على كل من استورد أو جلب أو صدر مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية بقصد المتاجرة بها، فهل سيطبق القانون على ابن عضو ائتلاف دولة القانون أم أن القانون الذي أعفى سابقا بليغ أبو كلل وجواد الشهيلي لأنهما ‘شابان’ في مقتبل العمر لن يتردد في إعفاء ابن لؤي الياسري بحجة أنه مراهق؟”.
وأضاف “أما العراقيون الذين تدمر المخدرات أرواحهم فيطبهم مرض”! وكتب مغرد “المخابرات الإيرانية تنشط في مجال تصدير الهيروين الفارسي إلى شبابنا عبر أدواتها أصحاب النفوذ. يا شيعة العرب إيران تريد إفسادكم وتخدير عقولكم”.
واعتبر فلاح المشعل “الولد على سر أبيه، ليس ابن محافظ النجف فقط، بل جميع أبناء المسؤولين تجدهم إما لصوصا وأصحاب صفقات مشبوهة وإما مدمنين على الملاهي”.
الضباط الذين ألقوا القبض على العصابة استنجدوا بالإعلام للتخلص من الضغوط التي يتعرضون لها من قبل المسؤولين لتغيير إفاداتهم
وأكد آخر “قضية ابن محافظ النجف الذي يتاجر بالمخدرات وهو ضابط مخابرات تبين لنا كيف تدخل السيارات المفخخة وسط العاصمة بغداد والمدن”. وتهكم مغرد من حمل ابن المحافظ أكثر من 7 هويات “هل تريدون أن تحرمون ابن لؤي الياسري من 7 رواتب يستلمها؟”.
وقال عثمان المختار “قبل يومين اتهم المحافظ دعاة الدولة المدنية بأنهم يهدفون إلى تدمير الإسلام”، وسخر آخر “نعم غزوته البطولية ضد عيد الحب معروفة”.
جدير بالذكر أن محافظ النجف لؤي الياسري، وهو من حزب الدعوة، شن في الآونة الأخيرة حملة على الكازينوهات والمقاهي غير المرخصة، بالإضافة إلى إطلاقه حملة لنشر الحجاب في المدينة.
وقال معلق “كل هذا يبدو عاديا ويوميا في العراق الديمقراطي في ظل حكم الأحزاب الدينية، ولكن المثير في الأمر هو البيان الذي نشر عن محافظ النجف الذي جاء فيه ‘نأسف إلى عدم توخي الدقة والمهنية من بعض ضعاف النفوس والمأجورين في نقل الأخبار الكاذبة لأغراض التسقيط السياسي’”.
وتهكم مغرد “عن سؤال أحد الصحافيين عن سبب وجود أكياس المخدرات التي ضبطت بحوزته نفى المحافظ وجود أي مخدرات وقال إن ‘المادة المضبوطة كانت عبارة عن مادة الكاسترد (هو مزيج من البيض والسكر والنشاء والحليب، متوفر في الأسواق بشكل مسحوق بودرة) التي كان ابنه ينوي إيصالها إلى النازحين لغرض تناولها كتحلية بعد وجبات العشاء”!
ويقول رئيس تحرير صحيفة وجهات نظر الإلكترونية في رد على سؤال هل يمكن أن يقلب التفاعل مع القضية على الشبكات الاجتماعية خاصة فيسبوك الموازين ويساعد على معاقبة المذنبين إن “العراقيين، من جميع الأعمار ومن مختلف الاتجاهات، متفاعلون جيدون على فيسبوك، لكن تفاعلهم هذا يبقى حبيس العالم الافتراضي، لأسباب أهمها الإرهاب الحكومي والميليشياوي الذي يحكم البلاد بقبضة من حديد ونار، وبالتالي فإن تفاعل المواطنين مع قضية ابن محافظ النجف مهرب المخدرات لا يثير الاهتمام الحكومي بها”.
وشرح مصطفى كامل في تصريحات لـ”العرب”، “سبق أن تداول العراقيون عدداً كبيرا من الفضائح والجرائم التي قام بها عناصر في المؤسسات الحاكمة، الإدارية والبرلمانية والأمنية، بل وحتى تلك التي تعود لرجال دين بعمائم سوداء وبيضاء، لكنها بقيت تدور في فيسبوك وتويتر وغيرهما فقط”، مؤكدا أن “سبب افتضاح هذه القضية، أصلا، هو الصراعات المستعرة بين أقطاب العملية السياسية الجارية في العراق، وبسبب هذه الصراعات نشهد التصفيات بين الفرقاء، ونشهد انتشار الفضائح، فهؤلاء الذين يتحكّمون بالعراق ليسوا رجال دولة، بل زمر عصابات تتصارع في ما بينها على النفوذ والأموال، ومن هنا يتربص كل واحد منهم بالآخر ويسعى لفضحه. كما أن كل ما يقال عن مكافحة الفساد ليس أكثر من دعاية انتخابية وتصفية حسابات بينية، ومحاولة حكومية لكسب رضا المجتمع الدولي”.
وقال كامل “لو كانت السلطة معنية بالرأي العام في العراق واهتمامات شعبه، لاستمعت إلى أصوات الملايين الذين اعتصموا وتظاهروا لسنوات مطالبين بالإصلاح والحرية والخدمات، وهو أمر لم تعره السلطات المتحكمة بالعراق اهتماما على الإطلاق، بل واصلت تحديها إرادة الشعب واحتياجاته”.