موفق الخطاب
تحت المجهر
إن المتابع للمشهد العراقي يلحظ بوضوح تشابك الاحداث وتعقيدها
فلقد وصل الكثير من الكتاب والمحللين والمراقبين بل حتى جمهور عريض من المواطنين العراقيين الى قناعة تامة بإستحالة حدوث أي تغيير في الوقت الحالي في ضوء المعطيات إلا بمعجزة من السماء ، مما حدى بالكثير منهم عدا ابواق السلطة والمنتفعين بالتوقف عن الكتابة عنه و تناول أي تدهور أمني فيه وملاحقة حالات الفساد التي تزكم الأنوف، وإكتفى البعض بالاشارة الى الخروقات بمقاطع فيديوية أو تغريدات ونشرها في وسائل التواصل الاجتماعي مع وقوع أي خرق أمني، ونهب وفساد نخر كل مؤسسات الدولة ان كان حقا هنالك دولة !
وهي آخذة بالإتساع بشكل انشطاري ،فتناولها وعرضها بشكل دوري دون طرح حلول لما هو واقع مضيعة للوقت وتشويش على الناس وقد اصابهم الإحباط !
فالشعب العراقي بجميع طوائفه بات يعلم يقينا ما حل بهم من دمار وخراب وقتل وتشريد ونهب لخيراته وسلب لمقدراته وضياع لسيادته وتكالب الدول عليه بسبب تسلط طبقة مجرمة فاسدة جثمت على صدر العراقيين ولا داعي لتذكيره بها يوميا وتقليب المواجع عليه ، فالشعب العراقي سئم تماما من حصول أي تغيير ينقذه من ورطته ، وبات الجميع يدرك ان بقاء هذه الطبقة هو بتوافق دولي و أمريكي إيراني قذر لبقاء هذه المجاميع المجرمة ومليشياتها متسلطة وجاثمة على صدر العراق .
وما زال البعض منهم يراهن ويعزف على الطائفية لديمومة حكمهم كما صرح مؤخرا الطائفي (نوري المالكي) في كلمته المليئة بالكذب وتزوير الحقائق التي ينكرها حتى علماء وعقلاء الاخوة الشيعة لكن للأسف دون إستنكار أي منهم لما تقيأه وسط جمع من مؤيديه لمناسبة ذكرى (غدير خم) وكيله الاتهامات والتحريض على الكراهية بين أبناء الشعب الواحد، ليعيد المسلمين القهقري ويسمرهم عند عام 6 هجرية ولا يريد أن يغادرون ذلك التأريخ وينظر أين وصل العالم ويستغفل الشعب العراقي عن حجم الدمار الذي خلفه حكمه وفكره المريض!
فهل هو ذكرى فرح و عيد أم هو تهديد و وعيد ؟
كما أن عزوف الدول الكبرى وهيآته ومنظماته عن اصلاح الشأن العراقي وتناول ملفه لم يعد سرا، لأن ذلك ليس من أولوياتهم طالما يتواجد من يؤمن لهم مصالحهم ويملئ جيوبهم من الذيول والخونة ، أضف الى ذلك فقد عجزت المعارضة بشقيها الفكري والثوري في الداخل والخارج على كثرتها من لفت الأنظار اليها ولم تتمكن من إحداث أي تعاطف إقليمي ولا تشكيل أي ضغط دولي على حكام المنطقة الخضراء لثنيهم وازاحتهم ، وأن اكثر ما مطروح من افكار وانتفاضات لا تتعدى حالات إنتقاد ومطالبة بالاصلاح ممن لن ينصلح حاله و المطالبة بتحسين الوضع المعيشي وملف البطالة والتوظيف والخدمات والكهرباء وجميعها لا تمثل اهدافا استراتيجية ومشروعا بديلا عن المشروع الأمريكي الإيراني .
ونظرا لغياب أي استراتيجية واضحة وعدم وجود أي مشروع ناجح في الأفق مدعوم دوليا لانقاذ العراق من محنته والابقاء على الفكر والحكم الطائفي المقيت المدعوم دوليا ،، لذا فسيزداد الوضع تعقيدا ولا ينفرج الا بعد أن يصل الخلاف العميق أوجه بين الفرقاء واقصد به تقاطع المصالح مع بقاء وتنامي المليشيات وتسليحها المنفلت، وربما سيحدث بعدها صدام مسلح فيما بينهم عند ساعة غرور و غفلة وضعف القبضة الإيرانية بالامساك بالوضع العراقي لوقوع ظرف طارئ وكذلك حصول تغيرات دولية غير متوقعة ليعقبها الخروج عن الإتفاقات المبرمة ليحدث زلزلة وتصدع في النفق المظلم وهذا ما تعول عليه بعض الدول الاقليمية والكبرى وبعض الحركات وتراقبه عن بعد ليكون لها دورا جديدا في اصلاح ما دمرته الحكومات العميلة المتعاقبة …
عليه ما زالت هنالك حلقات تآمرية وتدميرية يخطط لها الفرقاء لابقاء الشعب العراقي منهكا بين وضعه الاقتصادي البائس و وضعه الأمني الهش .
وستلتهب حلبة الصراع كلما ضاق الوقت واقتربت الانتخابات القادمة لتتشكل تكتلات ومن نفس الوجوه الكالحة و الاحزاب لتقدم برنامجا اصلاحيا زائفا كالعادة ويخيل للمواطن العراقي انها صحوة ضمير واصلاحات حقيقية لكنها لاتتعدى عن تغيير في العناوين والمسميات والشخصيات وهدفها الابقاء على عراق مفكك تابع وخانع للولي الفقيه محتميا بالغطاء الدولي التي توفره له أمريكا بالضغط على حلفائها طالما أنه لا يمثل أي خطر على مصالحها..