استجمع عادل عبد المهدي شجاعته ، واستاذن طهران ، واستمزج راي واشنطن، وتداول مع قادة الفصائل المسلحة مطولا ، وطلب منهم السماح والمغفرة قبل ان يقدم على اصدار امره الديواني باعادة هيكلة الحشد الشعبي.
اما عن خلفيات ودوافع تلك الخطوة فان الامريكان انذروا رئيس ووراء العراق بان صبرهم قد نفذ، وان السكوت على الاصطفاف العراقي مع طهران ، بالقول او بالفعل، له ثمن واجب الدفع سواء عاجلا أم آجلا!
قبل ذلك كان الامريكان قد رصدوا وتيقنوا ان طائرات مسيرة ايرانية الصنع انطلقت من مدينة جرف الصخرالعراقية لتضرب اهدافا في المملكة العرية السعودية ، وقطعوا الشك باليقين بان عبد المهدي لاحول له ولا قوة بما تفعله المليشيات ، فاخبروه بما جرى ، ثم انذروه ، وفوق الانذار حذروه بان العراق سيصنف في خانة الدول المعادية لواشنطن طالما بقيت حكومته عاجزة عن ردع الفصائل المسلحة ، ومنعها من استهداف المصالح الامريكية.
ليس بامكان المنتفكي ان يضبط ايقاع فصائل الحشد، وليس بمقدوره ان يكون قائدا فعليا لمليشيات لها مرجعيات وتمويل واولياء نعمة ، وليس امامه ، لكي يخرج من زاوية المطرقة الامريكية والسندان الايراني، سوى ان يختار ( اللعب الناعم) مع الاثنين معا!
المؤكد ان الرجل ، قبل ان يفكر باصدار امره الديواني، استحصل موافقة طهران ، والتمسها لترويض فصائل الحشد وتطويعها، ولو من حيث الاجراءات الشكلية ، للايحاء بانها باتت تأتمر بأوامره وتنتهي بنواهييه ..كل ذلك لتجنب غضب الامريكان… لكن هل تنطلي( اللعبة الناعمة )على واشنطن التي بات اللعب بينها وبين طهران يزداد خشونة ؟!.
للفصائل مهام اخرى غير تلك التي يعرفها عبد المهدي بصفته قائدا عاما للقوات المسلحة ، ولها أوامر واجبة الطاعة والتنفيذ من مرجعيات ترى في العراق امتدادا لها في صراعها المصيري الذي يحدد تمددها او انكفاءها.
في النتيجة فان لعبة عبد المهدي الناعمة لن تصمد طويلا امام اللعب الخشن الذي سيتحول في لحظة حاسمة الى حادلة تسحق كل النتوءات الهشة قبل تعبيد الطرق واختيار الاقصر منها لتحقيق الاهداف الكبرى !