بدأت ظاهرة السطو المسلح في مدينة البصرة أقصى جنوب العراق (450 كلم جنوب العاصمة بغداد) تنتشر بوتيرة متسارعة، في ظل النزاعات والصراعات العشائرية المسلحة بين الحين والآخر، وأمام عجز حكومي عن إيقافها ومخاوف شعبية شديدة من استفحالها.
وتستهدف عصابات السطو المسلح شركات ومحلات الصرافة والذهب والتجار والميسورين، ما اضطر الكثير من أصحاب رؤوس الأموال إلى مغادرة المدينة خشية وقوعهم ضحية هذه العمليات المنظمة التي تقودها عصابات ومليشيات مسلحة.
علاقات بمليشيات مسلحة
وذكرت مصادر أمنية من شرطة البصرة أنّ الفترة الماضية شهدت وقوع العديد من جرائم السطو المسلحة استهدفت ميسورين وتجارا وشركات صرافة، لكن المشكلة أن هذه العصابات تتمتع بصلات أو علاقات مع مليشيات وفصائل مسلحة تابعة للحشد الشعبي أو الأحزاب الإسلامية الموجودة بالمحافظة.
ووفقا لضابط في الشرطة، فإنّ ما معدله 8 عمليات سطو وسرقة واعتداء مسلح تقع أسبوعيا في عموم مدن ومناطق البصرة، أسفر بعضها عن سقوط ضحايا من المستهدفين في الجرائم التي تكون دوافعها مادية بحتة، كاشفا عن طلب قدم لبغداد بإرسال قوات إضافية للبصرة بهدف ضبط الوضع الأمني فيها.
واعتبر العقيد مالك عباس الفتلاوي من شرطة البصرة، أنّ من يقومون بتلك الأعمال إرهابيون لا يختلفون عن عناصر تنظيم “داعش” الإرهابي. وأوضح أنّ “عصابات منظمة تنفذ تلك العمليات وتقتنص الضحية وتقوم بمراقبته لأيام، مشيرا إلى أن “الشرطة باشرت بخطة وقائية من خلال عمليات دهم وتفتيش لمناطق ومعاقل العصابات أملا بالعثور عليهم واعتقالهم”.
من جهته، قال الخبير الأمني حيدر البصري إنّ “ظاهرة السطو المسلح أخذت بعداً أوسع وبدأت تنتشر بشكل متسارع ومخيف، كما أن الكثير من الميسورين ومالكي شركات الصرافة ومحلات الذهب غادروا المدينة، فيما يفكر آخرون في مغادرتها بسبب عجز الدولة عن القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة التي تفتك بالمجتمع”.
وأكد البصري أنه “بسبب سيطرة أحزاب دينية ومليشيات مسلحة على كثير من مفاصل المدينة، تقع مثل هذه الجرائم وبدأت عصابات السطو تطور من أساليبها وتنفذ عملياتها بطريقة أكثر جرأة أمام عجز الأجهزة الأمنية”، لافتا إلى أن الكثير من العصابات ترتدي ملابس عسكرية وأمنية وتمتلك هويات أمنية أو تابعة لمليشيا “الحشد الشعبي”.
توثيق لحظات السطو
ونشر ناشطون صوراً ومقاطع فيديو سجلتها كاميرات المراقبة، وثقت لحظات اقتحام عصابات سطو مسلح بعض مكاتب وشركات الصرافة في المدينة وتبادل إطلاق النار خلال عملية الاقتحام.
وأوضح الناشط المدني علاء الزبيري، أنّ “كاميرات المراقبة وثّقت العديد من عمليات السطو المسلح، لكن هذه العصابات لم تعد تهتم لكاميرات المراقبة فعناصرها ينفذون عملياتهم وهم ملثمون أو يرتدون الأقنعة ويستقلون سيارات غالباً ما تكون بلا أرقام”.
وبين أنّ “الأمر بدأ يستفحل في المدينة والناس في خوف وقلق شديدين والأجهزة الأمنية غير قادرة على السيطرة على الموقف، فضلاً عن انتشار تجارة المخدرات التي تزيد الطين بلة وترفع من نسب الجريمة المنظمة”.
وتتعرض العديد من المدن العراقية منذ عام 2003، وخاصة في السنوات الأخيرة إلى عمليات سطو مسلح منظمة، بما في ذلك العاصمة بغداد، راح ضحيتها مواطنون وتجار وأصحاب شركات صرافة ومحلات بيع الذهب.
ولم تتوقف عمليات السطو المسلح عند منازل المواطنين وشركات الصرافة ومحلات الذهب فقط، بل طاولت أيضا مؤسسات الدولة، بما في ذلك السيادية منها، وكانت عصابة مسلحة نفذت عملية سطو مسلح كبيرة جداً على مطار البصرة الدولي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حينما اقتحمت المطار بمختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة بصحبة عشر شاحنات حمل كبيرة، وقام أفراد العصابة بسرقة معدات ضخمة جداً وقاموا بتحميلها في سيارات وأخذها إلى جهة مجهولة دون أن تتمكن قوات حراسة المطار حتى من المقاومة.