تحت المجهر
بقلم: موفق الخطاب
مرت علينا قبل عدة ايام ذكرى مرور عقدين على وقوع أعظم نكبة و جريمة في العصر الحديث إقترفتها أمريكا وحليفتها بريطانيا ومن إصطف معهم تحت قيادة مجرمي الحرب #بوش_الصغير والخنزير #توني_بلير في إجتياحهم وتدميرهم العراق أعرق بلد وحضارة كان له الفضل الكبير على الإنسانية جمعاء.
وجرى كل ذلك خارج الشرعية الدولية وبحجج وأكاذيب فندها لاحقا نفس اقطاب المعسكر الغربي.
لينهوا بذلك حقبة التلاحم تحت خيمة العراق والتعايش السلمي وليؤسسوا لنظام المحاصصة الطائفية و المكونات بديلا عن المواطنة و دولة المؤسسات، ثم لتأتي بعدها المرحلة الأشد خطورة بإلحاقه بالعدو التأريخي ليصبح تحت وصاية نظام الولي الفقيه وسطوة المعسكر الإيراني في تحالف أمريكي إيراني غادر ما زالت حلقاته وفصوله لم تتكشف و تكتمل بعد .
لم يكن الهدف الأساسي هو إسقاط نظام الحكم فيه بل لإسقاط دولة مدنية عريقة إمتدت لمئة عام وتدمير مؤسساتها.
فقد اشتغلت الآلة الإعلامية الغربية والمتعاونة معها من القنوات العربية بشيطنة ذلك النظام الذي أوجد وللأسف المبرر لهم بعد غزوه لدولة الكويت الشقيقة إلى الحد الذي هيأ الأجواء داخليا وخارجيا وإقليميا للتعجيل بإجتياحه بعد حصار انهك الشعب العراقي لكن من دون أن يعدوا لهم البديل الأفضل منه لتسلم مقاليد حكمه سوى لملمة مجموعة أفراد من المعارضة لا يفقهون من إدارة الدولة شيئا و تجمعهم مصالح مشتركة وعدو واحد ليتصارعوا بعدها على السلطة وبيع المناصب بالمزاد العلني ونهبهم المال العام ولحد هذه الساعة تاركين خلف ظهورهم بناء العراق والدولة وخدمة المواطن .
ونحن هنا لا نتكلم عن تقييم مرحلة سابقة ولاحقة لكننا نتكلم عن مصير بلد عريق وشعب عظيم دفع فاتورة ضخمة جدا من معاناة وبؤس وما زال، نتيجة لصراع أيدولوجيات لا ناقه له بها ولا جمل.
لقد كان بالإمكان سلوك بدائل عديدة عن الحرب وهو بمقدورهم مثلما فعلوه مع العديد من الأنظمة في دول العالم الثالث والحفاظ على الدولة ومؤسساتها وتأمين حدودها والإبقاء على جيشها وقواتها الداخلية وتهيأة حكومة مؤقتة من التكنوقراط لحين إجراء انتخابات نزيهة وتشكيل حكومة منتخبة دونما الحاجة للإجتياح ثم الإحتلال ثم الإنزلاق في حروب أهلية وفوضى عارمة ولدت المزيد من المآسي و سفك الدماء .
لكن ماحدث كان مبيتا وهو يستهدف العراق وشعبه وكفاءآته ومكانته العلمية وتعطيل الصناعة والزراعة والتعليم وكل حلقات التطور فيه وسلخه عن محيطه العربي حتى لا يكون عامل خطورة على إلكيان الصهيوني في المستقبل المنظور.
وليكون درسا وعبرة لكل الأنظمة التي تفكر في مقاطعة أهداف القطب الواحد و مصالحه في المنطقة ، ولا نغفل عن الهدف الاقتصادي بالسيطرة و الاستيلاء على آباره النفطية و خيراته ومقدراته .
لقد ألقى هذا التصرف الهمجي بظلاله القاتمة على المنطقة والعالم وفتح الأبواب على مصراعيها في تفشي الإرهاب والطائفية والفساد وعودة الديكتاتورية تحت عباءة الديمقراطية، وتفشي المخدرات والتفكك الأسري والصراع المناطقي القبلي وإضعاف العراق إلى الحد الذي لا يمكنه حتى من تأمين حدوده ولا حصصه من المياه مع الدول المتشاطئة اقصد تركيا وإيران الا بشروط قاسية وذلك لغياب الدولة بمفهومها الصحيح.
ولن يستقر ولا يهدأ العراق ولا المنطقة بأي تقارب ولا بأي حلول ترقيعية بممارسة الديمقراطية العرجاء بالضحك على الشعب بإجراء انتخابات نيابية بلدية زائفة .
ولا أمل بإجراء أي إصالح مع نفس الوجوه والاحزاب التي تتداول السلطة وكما قالها سماحة السيد السستاني( فإن المجرب لا يجرب.)
فالخطوة الأولى لإنقاذ الشعب العراقي و التي ستجنب المنطقة والعراق المزيد من التداعيات تأتي بتحجيم الدور الإيراني وإنهاء وجوده وخلاياه وذيوله في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين وحل مليشياته والتعامل على اساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة ومغادرة عقلية التوسع وتصدير الثورة، ثم إزالة آثار هذا العدوان وإجتثاث أدواته وسوقهم الى المحاكم لمقاضاة كل من كان له دور في تدمير العراق وجلب الويلات على شعبه والمنطقة.
لكن ما يغص في النفس حقا أن الجناة وبعد عشرون عاما ما زالوا طلقاء و خارج قفص الإتهام!
لكنه لن يضيع حق وراءه شعب عظيم .