بقلم: عالية الشاعر
يا أحباءنا الشهداء، لقد أحرقتم الخنوع والذل بحمم مباركة تدفقت من أنفسكم الملتهبة شوقا للحرية، وأزكيتم الحمية الوطنية في قلوب الشرفاء، انظروا إلى جماهير الشارع العربي والأوروبي كيف تخطوا الصمت ومشوا حشودا هادرة يهتفون نصرة لحرية فلسطين.
إلى الشهداء الذين باتوا أحياء أهدي على استحياء نزرا يسيرا من خواطري التي اجترحت من عظمة تضحياتهم.
أيتها الكلمات اعتذري للشعر وانسحبي لقد حان أن يصمت بعد أن تقطعت وتناثرت أشلاء لغة الأجساد، غرقت الكلمات في بحر دماء الشهداء مستغيثة يالله يامعين ألهمنا بمفردات تهطل علينا كما الغيث من السماء فلا حيلة لنا أمام هول المجازر شلت ألسنتنا، سكننا العجز وخلص الكلام فابعث إلينا من لدنك سفينة نجدتك السماوية مقدسة مباركة بأسمائك الحسنى وامنحنا خيوطا نورانية لننسج لغة محبوكة بالشجاعة الأسطورية، ياالله يامجيب استجب لدعاء المظلومين بحق كلمة الرحمن التي سكنت أرواح الشهداء، اللهم أنزل السكينة والطمأنينة في قلوب النساء والأطفال بعظمة كلمة الرحيم التي تعطرت بنورها-دلال المغربي- قبل أن تغفو هانئة على تراب طالما حلمت أن يكون وسادتها واثرت أن لاتصحو من حلمها حتى يصبح النهار على وطن نعيشه حقيقة، ويمسي المساء على أطفال تهدهدهم أمهاتهم على سرائر صنعت من خشب السنديان في بيسان ماسحات أجسامهم الطرية بعطر زهر الليمون والبرتقال من يافا.
هتفت الكلمات ياالله ياوهاب هب من كنوز جناتك عقدا يخلب الأبصار تضعه الحور اللاتي كأنهن الياقوت والمرجان على عنق أجمل الصبايا “آيات الأخرس “الناطقة شهادة والمخضبة جسدها النقي بأعشاب أرض فلسطين لتزف عروسا لأحد الشهداء الذي شغف شوقا للقائها ليلثم ثغرها بقبلة تنتشي بها أرواح العذارى فتحبل طهرا ويولد محمد الدرة من جديد كما الآلاف من الأطفال ناثرا درره على جبال وسهول فلسطين.
تشبثت الكلمات بسفينة القوي الجبار ،متوسلة ياالله يامنتقم صب جام غضبك على شياطين الإنس قتلة الأبرياء، ليأكلوا من شجرة الزقوم طعاما يغلي في بطونهم التي أتخمت بالحقد والاجرام.
تضرعت الكلمات ياالله ياكريم يارزاق يا من أقسمت بعزك وجلالك بسورة “ن”والقلم وما يسطرون أرزقنا بأقلام لايجف مدادها حتى قيام الساعة مددا من بحورك لنستوحي من نور مشكاتك الذي لايخفت نوره مدائح تليق بمأثر شهدائك.
استنجدت الكلمات قبل أن تهوي إلى قاع بحر الشهداء ياالله ياحافظ إحفظ في حروفنا أسماء كل الشهداء لنصعد برحمتها على سفينة نجاتك.
توقف القلم منهكا عند عتبات العجز متسائلا من أين أبدء وكيف أصعد على صفحات المجد فقممها عالية تطاول السماء وسيهوي من لايستحق صعودها إلى سحيق الخيبة المتكسرة بانفعالات مهزومة، ومن ثم عاود القلم التساؤل محتارا، كيف وماذا أكتب عن أناس هم أجدر من يليق بهم أن يتحدثوا ويسطروا ملاحمهم، فالفداء لايدرك سر عذوبته غير الفادي والشهادة لايجيد كنه الانتشاء بها غير الشهيد، وهنا جفل القلم بين يدي كتابه وشعرائه من وقع هيبة جلال موكب الشهداء، وتململ شاكيا مادوري أنا بعد أن فكوا رموز الحب الأزلي فامتلكوا كل مفاتيح المعاني لأسمى المشاعر والعواطف والتحموا عشقا جنونيا لوطنهم بأقصر المسافات، وخجلت الكلمات وتلعثمت بمخارجها ثم فرت بأحرفها عندما حدقت مليا في عيون الشهداء التي توهجت بالخلود وأشعلت بجذوة توقدها محولة كل الكلمات البشرية إلى رماد.