رياح ثورات الشتاء تعود لتضرب من جديد بعواصفها مستهدفة هذه المرة دولة إقليمية ذات تأثير كبير في الشرق الأوسط وعلى الدول العربية.
فبعد نحو 7 سنوات على تلك الثورات والإنتفاضات العربية، التي ضربت “تونس واليمن ومصر وليبيا وسوريا” منذ شتاء عام 2011، يعود المشهد الثوري اليوم مطلاً برأسه، لكن من بلد يسعى جدياً لتطوير برنامجه النووي والتمدد إقليمياً على حساب الدول العربية !
أين أموال نفط إيران ؟!
إيران.. فجأة يشتعل الشارع الثوري بمدنها المختلفة.. وكالعادة الهتافات تبدأ برفض الفساد والسرقة بحثاً عن مقدرات الإيرانيين ونفطهم وإنفاق موارده على الشعب بدلاً من إنفاق المليارات في “سوريا” أو على المسلحين في “فلسطين والعراق واليمن ولبنان”..
أميركا تمارس دورها من “أوباما” لـ”ترامب”.. الأمر كما هو !
مع إرتفاع أعداد المحتجين، تخرج التكهنات بأن الأمر في إيران لن يعود كما كان من إستقرار، وكعادتها الإدارة الأميركية؛ مثلما فعلت في عهد “أوباما” إبان ثورات “الربيع العربي” عندما طالبت حكام العرب وقتها بعدم التعرض للمظاهرات السلمية وترك الشعوب تعبر عن آرائها بحرية !
عادت اليوم إدارة الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” لتغرد في ذات الإتجاه، محاولة إشعال الشارع الإيراني أكثر وإعطاء الإحتجاجات زخماً سياسياً دولياً، فضلاً عن دعم معنوي ربما يحدث تغييراً في أدوات الحكم هناك، أو على أقل تقدير يربك حسابات طهران ويلجم أذرعها التي باتت ممتدة في كثير من البلدان العربية، فضلاً عن تحقيق بعض الخسارات الاقتصادية.
سعادة عربية بالإحتجاجات الإيرانية..
حالة من الفرح لا تخفى على أحد؛ تلك التي يشعر بها الحكام والأنظمة العربية من هكذا إحتجاجات طالت المقار الأمنية والمنشآت المهمة كالبنوك والمصارف في إيران؛ إذ ترى مملكة “آل سلمان” أن إسقاط نظام “خامنئي” سيحدث تغييراً كبيراً في المنطقة أو على أقل تقدير سيخفف من وطأة التهديد الإيراني لها عبر تلك الصواريخ “الباليستية”، التي إستهدف آخرها قصر الحكم “اليمامة” بالعاصمة الرياض إنطلاقاً من اليمن.
لتأمين حكم “بن سلمان” !
تسريبات تخرج علينا تكشف إستعداد السعودية إنفاق مليارات الدولارات شريطة إسقاط نظام “الملالي” في إيران، وإعادة طهران كعاصمة غير طموحة في تطوير قدراتها العسكرية باستمرار، فضلاً عن تقليم أظافرها السياسية وأذرعها العسكرية في “لبنان واليمن والعراق وسوريا”، كي تضمن إستقرار الحكم للأمير الشاب الطموح “محمد بن سلمان”.
إسرائيل تستفيد..
أما إسرائيل، فالسلطات هناك ترقب ذاك المشهد، الذي إن إكتمل، سيريحها وفق بعض المحللين من تمويل ودعم الفصائل الفلسطينية المسلحة وعلى رأسها “حماس” و”الجهاد”، فضلاً عن تراجع تواجدها في سوريا إذا أشتعلت الأمور أكثر هناك.
نقطة أخرى تنتظرها “تل أبيب” من تلك الإحتجاجات، وهي رفع الدعم عن “حزب الله” اللبناني وزعيمه “حسن نصر الله”، الذي ترى فيه إسرائيل أكبر مهدد لإستقرارها وترغب في التخلص منه في أقرب فرصة !
القاهرة قلقة من سيطرة إيران على منافذ البحر الأحمر..
لدى مصر كذلك رغبة، وإن كانت غير معلنة، في الإطاحة بنظام “خامنئي” أو ما يقال عليه في القاهرة نظام “ولاية الفقيه”، إذ ترى القاهرة أن لدى إيران رغبة للتمدد في المنطقة طال أو قصر أمدها، لكنها في النهاية أمر واقع لن تتخلى عنه إيران.. هكذا ترى السلطة في مصر بأجهزتها المختلفة.
كما ترى القاهرة في الوجود القوي لإيران باليمن عبر دعم “الحوثيين” بالسلاح والخطط الاستراتيجية، تهديداً مباشراً لحركة الملاحة بـ”قناة السويس” لديها نتيجة سيطرة على “الحوثيين” على بعض مناطق عبور السفن من مضيق “باب المندب” بالبحر الأحمر، وما تمثله صواريخهم من تهديد على أكبر مورد للعملة الصعبة في مصر “قناة السويس”.
العراق يراقب .. سقوط خامنئي ليس في صالح أحزابه !
“الموت لخامنئي”.. هتافات وشعارات على لافتات، أسعدت العرب، إذ يرون في إكتمال المشهد الثوري بإيران، تخلص العراق أولاً من التبعية الإيرانية بالكامل، التي باتت تسيطر على أغلب القرارات والمؤسسات هناك، وعلى رأسها تلك الأحزاب التي لا تخفي حجم الدعم “المعنوي” على الأقل من إيران لها، لكن إن تخلص العراق من الإيرانيين فهل سيتركه الأميركيون.. يتساءل البعض ؟!
“حسن نصر الله” يتابع .. و”أسد” سوريا على أعصابه !
في لبنان، تبلغ القلوب الحناجر.. إذ إن سقوط “خامنئي” يعني سقوط “حزب الله”، أو على الأقل ترويضه وإعادته مرغماً لإطاعة القرار السياسي لبيروت دون فرض أي رأي يخالف جموع اللبنانيين.
تغيير المشهد في إيران، سيتبعه رحيل “الأسد”، أو على الأقل خسارته في أقرب معركة مع تلك القوات التي تدعمها أميركا حالياً، وعلى رأسها “الأكراد” !
4 بلدان تخرج عن السيطرة .. أين “قاسم سليماني” ؟!
يقولون إذا سقط “خامنئي”، فإن 4 بلدان عربية ستتحرر.. “العراق، سوريا، لبنان، اليمن” !، لكن ماذا إن أستوعب “الحرس الثوري”، في إيران وعلى رأسه رجل محنك عسكرياً وداهية سياسي كـ “قاسم سليماني”، ذاك الزخم الثوري وطوعه لصالحه ؟!
ساعتها سيتحول إلى شوكة صلبة تهدد الخليج بأكمله وبظهير شعبي نتيجة إتخاذه قرارات “شعبية”، ربما تلبي طموح من يسعون لبعض الزيادات المالية ورخص في الأسعار وبعض الوظائف، لكن ربما تتسبب تلك الإحتجاجات في إرتفاع أسعار النفط عالمياً وهو المطلوب !
ليست الدولة الهشة .. تغيير وجوه لا يعني تغيير عقيدة أو نظام !
إن من يحلم بهروب “خامنئي” وعودته إلى بريطانيا، عليه أن يعلم أن إيران ليست تلك الدولة الهشة التي تسقطها بعض الإحتجاجات.. يقول قائل !
فرغم تلك الدعوات التي تطالب باستمرار المظاهرات، وتمددها إلى 70 مدينة إيرانية مع آخر يوم في عام 2017 وبداية 2018، لم تستخدم السلطات الإيرانية القوة الحقيقية في مواجهتها بعد، فهل يصمد الإيرانيون في مواجهة الرصاص الحي؛ إذا ما أطلق عليهم بشكل واسع، أم أن هناك من يرغب فقط في تغيير الوجوه دون إحداث أي تغيير في العقيدة الحاكمة ؟!