صادرت السلطات العراقية، كميات كبيرة من الأسلحة والأختام المزيفة والعملة المزورة، خلال مداهمة “سوق مريدي” شرقي العاصمة العراقية بغداد، والتي تعد إحدى أخطر أسواق العاصمة، والمزدحمة دائماً بالمواطنين من مختلف المدن والمحافظات العراقية.
وأظهرت صور نشرتها وزارة الداخلية العراقية عبر “فيسبوك”، كميات كبيرة من الأسلحة المتوسطة والخفيفة والقنابل وقذائف محمولة على الكتف، والتي تمت مصادرتها من داخل السوق بعد الاستعانة بمروحيات حلقت في سماء المنطقة خوفاً من وقوع اشتباكات مع قوات الأمن كما حدث في مداهمات سابقة.
ولا يكتفي تجار سوق مريدي ببيع السلاح أو تزييف الأختام، بل يقومون ببيع الأعضاء البشرية، وخصوصاً الكلى التي يتم الاستحواذ عليها عادة بطرق غير قانونية، فضلاً عن تزوير الوثائق الرسمية، وخاصة جوازات السفر وبطاقة الجنسية العراقية.
وتتكون السوق من ثلاثة شوارع متجاورة تضم عشرات الدكاكين، وعادة ما يكون كثير منها فارغاً لا يحوي أي بضاعة، سوى مقعد ومنضدة يجلس خلفها شخص، وهذه دكاكين مختصة بالتزوير، فيما يقصد طالب شراء السلاح الأرصفة على جانبي السوق، حيث يتم عرضها علناً.
ويعود تاريخ السوق إلى عام 1963، عندما قام الرئيس العراقي السابق، عبد الكريم قاسم، باستقدام عائلات من ريف الجنوب وإسكانهم في أطراف بغداد الشرقية، وهناك ظهر أول دكان لبيع المواد الغذائية لشخص اسمه مريدي، وبعدها تجمع عدد آخر من الأشخاص وفتحوا دكاكين مجاورة، ثم تحول المكان إلى نقطة التقاء أصحاب الحافلات القادمين إلى العاصمة، وبات يطلق عليه اسم “دكان مريدي”، ثم تحول بمرور الزمن إلى “سوق مريدي”.
يقول الشاب العراقي حسين علاء، إنه زبون دائم في السوق، وإن آخر ختم مزيف حصل عليه كان لإجازة مرضية من أحد مستشفيات بغداد تسبب في إعفائه من الغياب عن جامعته الذي كاد أن يتسبب في فصله.
ويضيف “اعتدت على الذهاب إلى سوق مريدي القريبة من منزلي منذ كنت طالباً في الثانوية، كنت أحصل على نتائج امتحانات مزورة لأسلمها لأهلي بدلاً عن نتائج الامتحانات الحقيقية المتدنية التي كنت أحصل عليها. أسعار الأختام تتباين في السوق. ختم الإجازة المرضية يكلف 50 ألف دينار عراقي (40 دولاراً أميركياً)، وهو أقل سعر للأختام التي يتجاوز سعر بعضها مليون دينار عراقي (800 دولار)، كل هذا يتم بالقرب من دوريات الشرطة التي تخشى التدخل خوفاً من عمليات انتقام يقوم بها المزورون الذين يرتبط عدد كبير منهم بجماعات مسلحة”.
وتقول الحاجة جميلة المحمدي، إنها وقعت ضحية عملية تزوير تمت في سوق مريدي، “اشتريت قبل ستة أشهر منزلاً في حي السيدية جنوب غرب بغداد بمبلغ 60 مليون دينار عراقي (48 ألف دولار). اطلعت على جميع أوراق ملكية المنزل عند مكتب الوساطة العقارية قبل أن أدفع الثمن، لكني صدمت حين ذهبت لنقل الملكية، حيث اكتشفت أن المنزل مسجل باسم شخص آخر”.
وتابعت “اكتشفت لاحقاً أن الأوراق التي بيع المنزل لي على أساسها زورت في سوق مريدي، ذهبت إلى مركز الشرطة وسجلت بلاغاً بالحادث، لكنه لم يكن مجدياً، لأنني بعدها تعرضت للتهديد من قبل جماعة تنتمي إلى فصيل مسلح أرغمتني على قبول ربع المبلغ الذي دفعته مقابل إغلاق الدعوى”.
ويروي علي فهمي، وهو صاحب مكتب لبيع وشراء العقارات في حي المنصور الراقي وسط بغداد، إن قصص تزوير الوثائق في سوق مريدي، لا تتوقف والحكايات حولها كثيرة، ومنها أن “سياسي متنفذ استولى على أرض سكنية تبلغ مساحتها ألف متر تابعة لضابط كبير في الجيش العراقي السابق. هذا السياسي جاء بأوراق مزورة تشير إلى أحقيته بالتصرف في الأرض”.