سلام الرفاعي . عضو المكتب السياسي للتحالف العربي العراقي.
الأبارتهايد نظام للفصل والتمييز العنصري يقوم على قاعدة التمييز بين الناس على أسس عنصرية ويهدف الى تمكين مجموعة بشرية من التحكم بكل عوامل الحكم والقوة على حساب الآخرين الذين يتعرضون الى أصناف مختلفة من التهميش والإقصاء والتنكيل والإبعاد عن المشاركة في الحكم وحتى في نيل أبسط الحقوق التي تقرها الأحكام والمواثيق الدولية. وقد جرب هذا النوع من أنظمة الفصل والتمييز العنصري في أفريقيا، ومنها ومن لغتها جاءت التسمية، وتطبق اليوم في دولتين فقط في العالم هما اسرائيل والعراق وكلا البلدين يحظيان بالدعم والرعاية الأمريكية الكاملة عسكريا وسياسيا وإعلاميا وكذلك بالتغطية الكاملة لكل جرائمهما ضد الانسان والبشرية والطبيعة والناموس الى الحد الذي يجعل من كل الدعاوي الأمريكية عن الحرية والديمقراطية والانتصار لحقوق الانسان مجرد واجهات مفرغة من المحتوى ويصبح من الصعب معها على الولايات المتحدة الأمريكية مستقبلا أن تعيد نفسها الى واجهة محور الخير أو الدولة المحبة للسلام العالمي والداعمة له أو محط أنظار الباحثين عن الحرية والخلاص من أنظمة الجور والاستبداد العالمي طالما أن البديل الأمريكي هو أنظمة أكثر شوفينية وبربرية ووحشية من النظم السابقة كما حصل في العراق وطالما أن اليد الأمريكية تلعب على الف حبل وتخاتل بين المواقع المتحاربة للحيلولة دون سقوط أنظمة فاشية لم تحظى بعد بالبديل الأمريكي المناسب كما يحصل في سوريا اليوم. وكل ذلك يجري طبعا دون اعتبار من أي مستوى كان لدماء الأبرياء وعذابات الشعوب ومستقبل الجنس البشري؟ لم يعد بمقدور الولايات المتحدة الأمريكية أن تخفي جرائم النظم العنصرية التي تدعمها خصوصا في بغداد بعد اعتراف نظامها بأن هناك 100 مليشيا مسلحة في بغداد وحدها وبعد أن شاهد العالم كله جرائم تلك المليشيات ضد العرب السنة وبحماية امريكية واضحة وكذلك ضد المسيحيين حيث يستولي مقاتلو هذه المليشيات على ممتلكاتهم ويجبرونهم على مغادرة مناطق سكانهم وحتى ضد الصابئة المندائيين الذين غادر أغلبهم مناطق سكناهم التاريخية في وسط وجنوب العراق . ان أمريكا لم تعد تسطع خداع العالم وهي التي تحكم كل صغيرة وكبيرة في العراق ولا أن تنكر حقيقة ان الجنرال الايراني المطلوب دوليا بتهمة الارهاب ( على الورق فقط ) يسرح ويمرح في كل موقع قتالي تتواجد فيه القوات الأمريكية ويتولى شخصيا ادارة دفة المعارك في مدن أهل السنة في العراق وسوريا واليمن ويدير عمليات تصفية وإبادة للمعارضين للوجود الايراني في هذه البلدان دون اعتراض امريكي إلا بالشكل فقط ولذر الرماد في العيون . ان نظام الفصل العنصري في بغداد لا ينقصه شيء من هذه الصفة أبدا بعد أن غصت سجونه بالرجال والنساء وحتى الأطفال من أبناء المكونات الأخرى ومن العرب السنة على وجه التحديد حيث يخضع المعتقلون الى أبشع أنواع التعذيب والإهانة للكرامة الانسانية وكذلك للابتزاز المادي لإطلاق سراحهم بعد سنوات من الاحتجاز ثم لا يصل الكثير منهم الى ذويهم حتى بعد تسليم الأتاوات لعصابات الحكومة حيث يتم تصفيتهم ورمي الجثث في الشوارع ومكبات النفايات. وهذا ما أكدته الكثير من المنظمات الدولية المعنية بالموضوع . ان تصفية الوجود العربي السني سياسيا واقتصاديا وديموغرافيا يجري بعلم ورعاية الجانب الأمريكي وبرضاه . والوجود العسكري الايراني في العراق وتدميره لمدن العراقيين يجري بعلم الجانب الامريكي ورضاه. وشلالات الدماء التي تسفكها المليشيات المسلحة تجري بعلم الجانب الأمريكي ورضاه فأي وصف ينقص نظام بغداد ليوصف بأنه وريث انظمة التمييز العنصري في العالم ، وأي شيء ينقص الولايات المتحدة الأمريكية لتوصف بأنها راعية الجريمة ونظم الفاشية والعنصرية في العالم.؟
ونحن في التحالف العربي العراقي نؤكد بأن مثل هذه النظم العنصرية ، ومثل هذه الرعاية الأمريكية لهذه النظم هي السبب الحقيقي لكل مصائب المنطقة وحروبها الداخلية المشتعلة منذ سنوات ، وهي أيضا المفرخة الحقيقية للتنظيمات المتطرفة التي تقتات وتتغذى على الصور السلبية والمكبوتات التي تنتظر الافصاح عنها ولو بالقوة. ومن ثم فإننا نعتقد بأن استمرار هذه النظم واستمرار دعمها ينذر بالمزيد من التوترات ومظاهر العنف والاقتتال بين المكونات المختلفة داخل البلدان التي امتدت اليها يد الولايات المتحدة الأمريكية تحت شعار التغيير والدمقرطة وهذا يعني المزيد من الدماء والتشتت للكيانات السياسية القائمة ، ولكنه يعني أيضا فشل المشروع الأمريكي في المنطقة تماما وعلى عكس مما يتوقعه الأمريكان أنفسهم من وراء سياستهم القائمة فيها. فالخراب والدمار والإفلاس والتفتيت لن يقيم بدائل من أي نوع يمكن للأمريكان الاعتماد عليها لحماية مصالحها وستبقى الريح تلد عواصف جديدة وسيدفع الجميع ثمن ما يجري وفي مقدمتهم صاحب المشروع الدموي العنصري الأبارتهايدي نفسه. وان غدا لناظره قريب