السنة في العراق ومرحلة مابعد داعش
التحذيرات التي تطلقها الصحف والمراكز البحثية الامريكية حول انعدام استراتيجية امريكية لوضع تصور لمرحلة مابعد داعش للمناطق السنية تكرر يوما بعد يوم وتزداد حدة التحذيرات كلما تحررت مدن جديدة. وجميع هذه التحذيرات تشترك في نقطة مهمة وهي { ان الحل العسكري غير كاف للقضاء على داعش ويجب ان تسبقه تحضيرات وتنازلات وزيادة في الدعم المقدم للسنة!, وان مرحلة مابعد داعش هي الاخطر من مرحلة وجوده ويجب وضع تصور لما يجب ان تكون عليه المحافظات السنية وتجاوز الاخطار التي قد تتشكل في مرحلة مابعد داعش.}
ومع اقتراب هذه المرحلة الخطرة والحساسة (مرحلة مابعد داعش ) من الظهور وبروز ملامحها التي وصفتها صحيفة اتلانتك الامريكية ب ( الجحيم) , وفي ظل عجز سياسي ( سني) و حكومي من تقديم الحلول والمشاريع والمعالجات الدقيقة لهذه المرحلة التي اقل مايمكن وصفها بانها كتلة النار التي تنتظر من يدحرجها, وفي ظل التصارع الاقليمي المتشعب الجذور والنوايا والاهداف , فان على السنة ان يستوعبوا ويفهموا حقيقة المخاطر والتهديدات من مرحلة ما بعد داعش ويحاولوا وضع الاجابات بأنفسهم على تساؤلات مهمة هي:
ماذا بعد داعش ؟ ماذا نريد ؟ وكيف نجتاز هذه المرحلة بأقل الخسائر؟ ماهي نظرتنا المستقبلية لمحافظاتنا ؟
قبل ان نجيب على الاسئلة اعلاه ينبغي ان نوضح اهم المخاطر والتهديدات (العوامل ) التي يمكن ان تتصف بها مرحلة مابعد داعش ,وهي:
- العامل الطائفي والعشائري (الثأري)
- العامل السياسي
- العامل الشكلي (الوجودي)
- العامل الدولي والاقليمي
- فالعامل الطائفي والعشائري (الثأري) , سيكون خط الشروع وبداية مرحلة مابعد داعش , وهذا العامل لايمكن السيطرة عليه نتيجة اسباب كثيرة ومتعددة منها ماهو متعلق بداعش والاتهامات المتبادلة بالتعاون بين العشائر والشخصيات السياسية والامنية , ومنها ماهو متعلق بالخروقات والمجازر التي رافقت العمليات العسكرية في الفلوجة. وهذا العامل ينتظر مرحلة ( عودة السكان) لتبدأ شرارته وربما يستعمل فيه السلاح الذي دفنه داعش في الاراضي الزراعية كما فعلت القاعدة بعد العام 2007. وهذا العامل سيستند الى محفز اخر وهو (نقمة السكان) جراء المعاناة من ذل النزوح وبالاخص موجة النزوح الاخيرة والاعتقالات التي طالت الرجال والشبان ومارافقه من عزل للعوائل وتاثيره النفسي الذي يؤدي الى فوضى انتقامية جديدة وبروز تنظيمات جديدة تكون اسوء من داعش.
- اما العامل السياسي وهو الذي يشمل كل الطبقة السياسية السنية سواء في الحكومة المركزية او الحكومات المحلية والتي باتت عاجزة حتى اللحظة من تقديم مشروع سياسي لمرحلة مابعد داعش يضمن عدم العودة الى مربع الفوضى من جديد , وهذا العامل بات يشكل تهديدا مفصليا قد يستند عليه العامل الاول. فعدم الثقة والشعور بغموض المستقبل اضافة الى النظرة السائدة لدى عموم المكون السني ب (انتهازية) الطبقة السياسية الحالية التي يتهمها الكثيرون بالتواطؤ لبيع المدن السنية لداعش , سيرفع الشعور العام لدى الناس بعد عودتهم بان لاشيء قد تغير وانهم خسروا الكثير من بناهم التحتية والفوقية من اجل (لاشيء) , وهنا ستنطلق ( شرارة الغبن والشعور بالظلم) التي تساهم في تقوية العامل الاول وزيادة مستوى (الفوضى الجديدة).
- العامل الثالث وهو العامل الشكلي ( الوجودي) وهو يركز على وضع العرب السنة قبل 2014 ووضعهم بعد بدء مرحلة مابعد داعش , وهنا من المهم الاجابة على اسئلة محددة وهي: ماذا نريد ان يكون شكل محافظاتنا من الناحية السياسية والاقتصادية والامنية؟ ماهو شكل العلاقة مع المركز؟ تحت اي مظلة؟. ان تحديد الاجابة على هذه الاسئلة سيدفع نحو اعطاء تطمينات للناس من جهة ومن جهة اخرى سيدفع ويساهم في وضوح (شكل) محافظاتنا التي نستطيع من خلالها وضع اسس وقواعد بناءنا المستقبلي.
- العامل الاخير وهو العامل الدولي والاقليمي فتحدده نسبة التقدم في مشروع الشرق الاوسط الجديد الذي تتبناه الولايات المتحدة , وتقاطع الرؤية الاستراتيجية الامريكية مع نظيرتها الايرانية.
ان الفهم العميق لهذه التقاطعات ووضع المشروع السني الشامل الذي لايتعارض مع الرؤية الاستراتيجية الامريكية لشكل العراق مابعد 2003 وشكل المحافظات السنية مابعد داعش سيسرع من عبور المرحلة الخطرة ووضع الدعامة الاساسية التي نتمكن من خلالها من تاسيس شكل محافظاتنا وبيان رؤيتنا للمستقبل السني بالخصوص والعراقي بالعموم , ونحاول ان يكون لنا راي فيما يدور في الكواليس الاقليمية والدولية لكي لاتفرض علينا حلولا قد تكون فيها نسبة الخسارة مرتفعة تضاف الى سلسلة الخسائر السنية المتراكمة منذ 2003 ولحد الان.