بقلم: احمد صبري
بهذا العنوان الذي يختصر فشل المشروع الأميركي في العراق، عرضت قناة (الحرة عراق) برنامجا وثائقيا حمل هذا العنوان عن مبررات شن الحرب على العراق وخسارته فيما بعد، معززا بصور تنشر لأول مرة وشهادات ميدانية عن تفاصيل اتخاذ قرار الغزو وما سببه للولايات المتحدة الأميركية من خسائر بالأرواح والمعدات والأموال، وتداعياته المتواصلة على جميع الصعد عراقيا وعربيا وإقليميا ودوليا.
وعلى الرغم من أن البرنامج حاول أن يبرر أسباب الذهاب إلى العراق بنزع أسلحته ويقدم للعالم نموذجا للحرية والديمقراطية، إلا أن معدي البرنامج توقفوا كثيرا عند إصرار الرئيس الأميركي بوش الابن على غزو العراق بغياب رؤية واضحة لما بعد الغزو والاحتلال.
وبحسب شهادة مسؤول الملف العراقي والسفير لاحقا زلماي خليل زادة الذي قال إن سلطة الاحتلال والإدارة الأميركية فشلتا وأخفقتا بالعثور على شخصية عراقية وصفها بالقوية لقيادة العراق في تلك الفترة، إلا أنهم حسب زادة وجدوا في نوري المالكي لاحقا الشخص الذي يمكن يلبي مشاغلهم ووقع الاختيار عليه رغم أنه شخص مغمور وغير معروف لدى بوش وصقور الحرب في إدارته.
ولم ينتظروا طويلا بعد تكليفهم المالكي برئاسة الحكومة العراقية حتى اكتشفوا أنه طائفي وينفذ أجندة إيرانية ويهمش الآخرين إلى حد الاعتقال والإبعاد حتى لشركائه بالحكم، الأمر الذي أصبح لزاما إبعاده ووقف نهجه المتقاطع مع سلطة الاحتلال، غير أن بوش الابن تمسك بالمالكي ووفر الحماية حتى من المساءلة وأطلق يديه في إدارة العراق رغم معارضة كبار المسؤولين المحيطين به، وطبقا بإعجاب بوش الابن بالمالكي فقد تعمقت علاقتهما حسب المسؤول الأميركي (زلماي خليل زادة) الذي كشف عن أن بوش خصص الكثير من وقته عبر الدائرة المغلقة بتعليمه/أي المالكي/ كيفية إدارة الدولة وموجباتها، كما أن زلماي نفذ رغبة المالكي الحديث مع بوش عند مغادرته البيت الأبيض للسلام عليه وهذا ما حدث.
وكشف البرنامج أن قوات الاحتلال واجهت مقاومة شرسة، وأنها خسرت في يوم واحد نحو 120 قتيلا في عدة مواجهات خلال شهر يونيو/حزيران من عام 2007م، الأمر الذي تطلب زيادة عديد قوات الاحتلال لمواجهة تصاعد المقاومة العراقية. وانتقد البرنامج قرار الرئيس الأسبق باراك أوباما بسحب معظم قواته في شهر نوفمبر 2011م، الأمر الذي مهد الطريق لإيران لتوسيع وجودها بالعراق لدعم حلفائها. وسلط البرنامج الضوء على موافقة المالكي على عدم مساءلة قوات الاحتلال الأميركي العاملة بالعراق عبر قرار ملزم من البرلمان كشرط لدعمه وتجديد ولايته وهذا ما حدث.
والمالكي بنظر من أدلى بشهادته في ذات البرنامج كان مراوغا وغامضا، وليس رجل دولة ويتهرب من تنفيذ التزاماته، فضلا عن عقليته الإقصائية وتمسكه بالسلطة، ولم يحافظ على أموال العراق باستشراء الفساد وهدر المال العام في ولايتيه.
وقدرت خسائر القوات الأميركية حسب شهود بعض المعنين في البرنامج بقرابة 5 آلاف قتيل وجرح أكثر من 50 ألفا، في حين أن أوساطا أخرى قدرت القتلى والجرحى بأضعاف هذا الرقم المعلن، إضافة إلى الخسائر المادية التي تجاوزت تريليوني دولار.
ويقابل الخسائر الأميركية وفشل المشروع الأميركي جراء المقاومة العراقية والقوى المناهضة له كوارث حلت بالعراق، وحولته الى بلد منكوب مسلوب الإرادة بفعل فشل الطبقة السياسية التي أنتجها الاحتلال التي تسببت بضياع أموال العراق ومقتل نحو مليون عراقي، وتغييب وفقدان واعتقال مئات الآلاف، وتغول الميليشيات الطائفية في الحياة السياسية، فضلا عن تدمير المدن المستعادة من داعش ورفض عودة أبنائها وإعمارها، فضلا عن إلحاق العراق بالمحور الإيراني وأجندته السياسية.
نعم، خسروا العراق، وفشل مشروعهم بفعل مقاومته الباسلة والقوى المناهضة له، بعد ان حولوه إلى بلد فاشل غير قادر على النهوض مجددا رغم مرور 16 عاما على غزوه واحتلاله